شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 8 -
جعفر: إنها تكبيرات فارس كلها لقد هرعت لنصرة الإسلام والدفاع عن المسلمين لقد صهرها الإسلام في بوتقة واحدة فأصبح ولاؤها لله ولرسوله ولهذا الدين..
يحيى: لعلّ أخاك الفضل في طليعة القادمين..
جعفر: لا أعتقد يا والدي أنه سيأتي مع آخر فوج من هذه الإمدادات..
يحيى: أترانا على وشك استكمال الاستعدادات والتجهيزات.. إن أمير المؤمنين حريص على أن تكون هذه الحملة لم تشهد قبلها ولا بعدها مثلها..
جعفر: البوادر تشير بخير يا أبي فعسى أن تكون الأخريات أحسن من الأوليات..
يحيى: ليت لي شرف الجهاد في سبيل الله ولكن تقدم السن يحول ذلك..
جعفر: إنك من المرابطين في سبيل الله يا أبتاه.. إن هذه القوى الزاحفة لنصرة دين الله أنت جمعتها وزودتها وهيأت لها جميع الفرص لإعلاء كلمة الله..
يحيى: إننا نضرب بسيف أمير المؤمنين المجاهد الأول في سبيل الله أمد الله في عمره وأيده بنصره وتوفيقه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت زبيدة تقول):
زبيدة: أسمعت قرع الطبول وأناشيد الحروب.. لقد غصت بغداد بالأعداد الكبيرة من الجنود والمتطوعين..
عاتكة: لقد هرع الناس من كل صوب للجهاد في سبيل الله.. وبهذه الجموع الغفيرة لينضموا تحت لواء قائدهم الأعلى أمير المؤمنين..
زبيدة: استجابة الناس للجهاد هائلة يا عاتكة.. أرجو أن يكتب النصر لأمير المؤمنين على أعدائه الذين اضطروه للقتال في وقت عصيب من أوقات السنة..
عاتكة: ستكون معركة يتحدث بها القاصي والداني فقد حشد الروم لها وحشد المسلمون لها.. ربما ستدخل في عداد المعارك الفاصلة في التاريخ..
زبيدة: من يدري يا عاتكة.. من يدري.. إن أمير المؤمنين يستعجل قواده للقتال قبل حلول موسم الشتاء فالظروف ستكون ملائمة الآن أكثر منها فيما بعد..
عاتكة: يقولون إن الجيش الذي سيقوده مولاي الرشيد ضخم جداً..
زبيدة: أتعرفين كم يقدرون عدده؟
عاتكة: يقدرون عدده يا مولاتي بمائة وخمسة وثلاثين ألفاً سوى الاتباع والمتطوعة..
زبيدة: إنه حقاً عدد ضخم أرجو أن يكتب الله له النصر والتأييد..
عاتكة: وسيقضي إن شاء الله على نقفور كلب الروم كما سماه مولاي الرشيد فهو حقاً كلب حقير وخسيس وقذر..
زبيدة: عسى أن تكون نهايته في هذه المعركة حتى يستريح المسلمون من شروره فقد علمت أنه إمبراطور غدار، متعطش لسفك الدماء، عدو لدود للإسلام وأهله..
عاتكة: هذا شيء طبيعي يا مولاتي فالله سبحانه وتعالى قد أشار إلى ذلك حيث يقول وهو أصدق القائلين: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ (سورة البقرة آية 217)..
زبيدة: صدق الله العظيم.. هيا معي يا عاتكة..
عاتكة: إلى أين يا سيدتي؟
زبيدة: أنسيت؟
عاتكة: ربما ولكنه نسيان غير مقصود لعلّه منبثق من علة كبر السن..
زبيدة: أنت ما تزالين في عنفوان الشباب..
عاتكة: إنها عين الرضا يا مولاتي.. أتسمحين لي بأن أسأل إلى أين؟
زبيدة: لاستكمال تجهيز ما يلزم لأمير المؤمنين من حاجات السفر..
عاتكة: (وتضرب على وجهها): يا لغبائي كيف نسيت ذلك؟
زبيدة: جل من لا ينسى.. هيا بنا.. هيا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الرشيد يقول):
الرشيد: ما هي أخبار يزيد بن مزيد مع الخارجي الوليد بن طريف فقد طالت أيامه.. هل جاءكم شيء عنه يا جعفر؟
جعفر: لا يا مولاي ولكن..
الرشيد: ولكن ماذا؟
جعفر: علمت يا أمير المؤمنين أن يزيد بن مزيد الشيباني يتجافى لقاء الوليد بن طريف الشيباني للرحم الذي بينهما فهو كما يعلم مولاي شيباني والوليد بن طريف شيباني أيضاً وإلا..
الرشيد: وإلا ماذا؟
جعفر: أقول ماذا.. أقول إن شوكة الوليد يسيرة لا تأخذ هذا الوقت ومع ذلك فيزيد بن مزيد يماطل ويخاتل ويداور..
الرشيد: أكتب إلى يزيد بن مزيد بهذا النص: لو وجهت بأحد الخدم لقام بأكثر مما تقوم به، ولكنك مداهن متعصب، وأمير المؤمنين يقسم بالله لئن أخرت مناجزة الوليد ليوجهن من يحمل رأسك إليه..
جعفر: أمرك يا مولاي سأبعث به إليه حالاً..
الرشيد: أذهب الآن وأدع لي الفضل بن الربيع..
جعفر: بالأمر يا مولاي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها دخول الفضل بن الربيع وهو يقول):
الفضل: مولاي..
الرشيد: هل من جديد عن صاحبك الذي أشرت على به؟
الفضل: من هو هذا يا سيدي؟
الرشيد: يزيد بن مزيد الشيباني؟
الفضل: ماذا من أمره يا أمير المؤمنين؟
الرشيد: إنني أسألك ماذا من أمره يا بن الربيع؟
الفضل: لا أعلم شيئاً يا مولاي..
الرشيد: لقد نصحتنا بتوليته حرب الوليد بن طريف الشيباني وأنت تعلم ما بينهما من قرابة ونسب ومع ذلك قبلنا نصحك وأرسلناه..
الفضل: وسوف يرجع يا مولاي ورأس ابن طريف على سن رمحه..
الرشيد: لو كان حقاً ما تقول ما تأخر في القيام بذلك إلى هذا الحد ولكنه يداهن ويماطل بل ربما يريد أن يتفق مع ابن طريف علي..
الفضل: استغفر الله يا مولاي.. أيخونك يزيد بن مزيد.. مستحيل.. مستحيل إنه سيف من سيوفك المسلولة على أعدائك..
الرشيد: ولكني أراه يتجافى لقاء الوليد بن طريف فماذا تعلل ذلك..
الفضل: لعلّه يريد النصر بأقل الخسائر..
الرشيد: لا أرى رأيك يا فضل.. كان على يزيد بن مزيد أن ينهي هذه المعركة بأسرع وقت ممكن حتى يبرهن على إخلاصه..
الفضل: ولكن إخلاصه لمولاي لا يرق الشك إليه.. وإني موقن وأقسم على ذلك..
الرشيد: لا تقسم.. سترى.. سترى..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عاتكة تقول):
عاتكة: علمت أن أمير المؤمنين شديد الغضب على يزيد بن مزيد الشيباني لتقاعسه في حرب الوليد بن طريف الشاري الشيباني..
زبيدة: لا شك أن البرامكة قد أوغروا صدر أمير المؤمنين عليه لأنهم يكرهون أي قائد عربي بارز وهدفهم حصر القيادة في صنائعهم وأعوانهم من الفرس..
عاتكة: شأنهم في حصر جميع أجهزة الدولة وإداراتها في أيديهم وأيدي رجالهم.. ولكن..
زبيدة: ولكن ماذا يا عاتكة؟
عاتكة: ألا تستطيع مولاتي أن تقوم بعمل ما يخفف من سورة غضب أمير المؤمنين على يزيد بن مزيد الشيباني فإني أخشى من وسوسة البرامكة على حياته..
زبيدة: سأفعل وسأوعز إلى الفضل بن الربيع ليقوم هو من جهته أيضاً..
عاتكة: ولكن إلى متى يسمح أمير المؤمنين لهؤلاء البرامكة بالاستبداد والتحكم في رقاب العرب وهو يعلم أنهم فرس وأنهم يشايعون أعداء الخلافة..
زبيدة: لا أظن أمير المؤمنين غافلاً عما يعمله البرامكة ولكنه ينتظر الفرصة المناسبة..
عاتكة: الفرصة المناسبة له أم للبرامكة كي يقوموا - لا قدر الله - بحركة علوية ضده..
زبيدة: لا تخافي فالعرب بقيادة الفضل بن الربيع لهم بالمرصاد..
عاتكة: على كل حال أرجو من الله النصر ليزيد بن مزيد على خصمه حتى يقطع ألسنة أعدائه وخصومه..
زبيدة: اللَّهم آمين.. اللّهم آمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يزيد بن مزيد الشيباني يقول):
يزيد: خضت معارك ضارية ضد الوليد بن طريف وجماعة من الشراة وأنت تعلم يا فضل شجاعة الشراة وضراوتهم في القتال..
الفضل: ولكنك أطلت مدى الحرب حتى أوغرت صدر أمير المؤمنين عليك..
يزيد: أنا أعلم بالذين أوغروا صدر المؤمنين على.. أنهم البرامكة الذين يكرهون العرب ولا يريدون أي التفاتة من أمير المؤمنين لهم..
الفضل: هذا صحيح.. ولقد عملت ما في وسعي لتخفيف حدة غضب أمير المؤمنين عليك وعملت أيضاً زبيدة من جهتها..
يزيد: جزاكما الله عني كل خير.. والآن ما العمل؟
الفضل: لا أدري يا يزيد لا أدري..
يزيد: ولكني هرعت إليك مستخفياً قبل وصول جنودي إلى بغداد فرسالة أمير المؤمنين ورسالتك أقضتا مضجعي فبماذا تنصحني..
الفضل: أرى أن تعود حالاً إلى جنودك وتدخل معهم دخول الفاتحين إلى بغداد ورأس ابن طريف على سن رمحك كي يرى الناس ومعهم الرشيد مدى ما فعلت..
يزيد: ولكني أخشى ألا يقابلني الرشيد فيشمت بذلك أعدائي البرامكة في..
الفضل: لا شك أن البرامكة سيعملون ما وسعهم لحجبك عن رؤية الرشيد ولكن..
يزيد: ولكن ماذا؟
الفضل: ولكنني سأجاهد كي أحبط مؤامرة البرامكة عليك..
يزيد: أترى محاولتك طويلة الأمد؟
الفضل: لا أستطيع التكهن ولكني إن رأيت أن غضب الرشيد سيطول ليله فسأقول له..
يزيد: ماذا ستقول له؟
الفضل: أقول له: لقد أقسم يزيد بن مزيد يصيفن ويشتون على فرسه حتى يصفح عنه أمير المؤمنين..
يزيد: لا فضّ فوك.. بورك فيك.. بورك فيك والآن أعود وأنا مطمئن بأن قضيتي في يد أمينة..
الفضل: الأمان بالله يا أخي.. في حفظ الله وأمانة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عاتكة تقول):
عاتكة: مولاتي! مولاتي!
زبيدة: ما وراءك يا عاتكة؟
عاتكة: البشرى يا مولاتي البشرى..
زبيدة: لك البشرى.. قولي..
عاتكة: لقد انتصر يزيد بن مزيد على الخارجي الوليد بن طريف وحز رأسه وهو في طريقه إلى بغداد..
زبيدة: بشرك الله بالخير.. ولكن كيف عرفت؟
عاتكة: من الفضل بن الربيع..
زبيدة: وأمير المؤمنين.. هل علم بهذا النصر؟
عاتكة: بلى يا مولاتي بلى ولكن..
زبيدة: ولكن ماذا؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.