شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 18 ـ
مكرز: ولكن قريشاً مصممة على مجابهة هذا النبي ومقاومته مهما كلفها الثمن..
سهيل:إنه ثمن باهظ تدفعه قريش لمصير محتوم..
مكرز: ما بك يا أبا يزيد وقريش تعلق عليك آمالاً كبيرة في محنتها الحالية مع محمد..
سهيل:ليس لي وهن ولا خور ولا ضعف كقرشي مصمم على مقاومة محمد ولكني حين أتجرد من أنانيتي وعنجهيتي يتراءى لي اعوجاج الطريق التي أسير فيها وينتابني ما تراني أهمس به أحياناً..
مكرز: ولكننا الآن نجتاز يا أبا يزيد مرحلة خطيرة من تأريخنا تقتضينا توحيد القلوب والجهود فمحمد يتهددنا في عقر دارنا..
سهيل:صدقت يا مكرز فالموقف يتطلب كبت أية أحاسيس إلا الإحساس بواجب الدفاع عن سيادتنا وكرامتنا سواء كنا على حق أو باطل..
(نسمع ضجيجاً وهرجاً ومرجاً يختلط بموسيقى صاخبة نسمع بعدها صوت مكرز يقول):
مكرز: ما هذا الضجيج الذي أسمع؟..
سهيل:اذهب وسل يا مكرز وأنبئني..
مكرز: لا حاجة بي إلى السؤال يا سهيل.. انظر..
سهيل:انظر ماذا يا مكرز..
مكرز: إنه بديل بن ورقاء سيد خزاعة، لعلّه قادم من قبل محمد في مهمة.. هلمّ بنا إليه..
(هرج ومرج مصحوب بموسيقى وأصوات تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت بديل بن ورقاء ويقول):
بديل: يا معشر قريش! إنكم تعجلون على محمد وأن محمداً لم يأت لقتال وإنما جاء زائراً لهذا البيت..
بديل: بلى.. بلى..
أصوات: وتسمع العرب أنه قد دخل عنوة وبيننا وبينه من الحرب ما بيننا..
بديل: لا يا قوم.. لا والله.. إنه زائر لهذا البيت معظم له..
أصوات: والله لا كان هذا أبداً ومنا عين تطرف..
بديل: يا معشر قريش أصيخوا إلي بعقولكم لا بعواطفكم..
أصوات: ارجع إلى محمد وقل له لن يدخل مكة إلاَّ على أجسادنا..
سهيل:صدق بديل إن قومنا يتكلمون بعواطفهم وقد حبسوا عقولهم في قمقم من حقدهم على محمد..
مكرز: هذه هي اللغة التي يجب أن يسمعها محمد يا أبا يزيد في هذه الفترة العصيبة التي نمر بها..
سهيل:بلى يا مكرز بلى.. هذا ما تدفعنا إليه حتمية الموقف وإن كنا في قرارة أنفسنا لا نؤمن بما نقول.. ولكن الحكم للغوغائية والرعاع. وهذه لغتهم التي يجب أن تطاع..
أصوات: أرسلوا مكرز بن حفص إلى محمد ليأتينا بالخبر اليقين..
سهيل:جاء دورك يا مكرز فكن عند حسن الظن بك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: كثرت الرسل بينكم وبين محمد فهل هنالك ما يوجب ذلك يا أبا سفيان؟..
أبو سفيان: أجل يا هند.. أجل.. نريد أن نسبر غور محمد ونعرف مدى استعداداته وهل هو يقصد الغزو أو الزيارة؟..
هند: هل يتطلب ذلك كل هذا المجهود؟..
أبو سفيان: بلى يا هند بلى ذلك لئلا نلام من قبل القبائل حين نصد محمد عن زيارة البيت..
هند: إنكم في حالة حرب مع محمد ولا مجال للوم..
أبو سفيان: كيف ومحمد يعلن أنه جاء زائراً لهذا البيت معظماً له ولا يحمل هو ومن معه إلا السيوف في القرب.. وكلما أرسلنا من عندنا أحداً ليستوثق الخبر جاءنا ليؤكد ما يدعيه محمد..
هند: ومن هم رسلك إلى محمد؟
أبو سفيان: الجليس بن علقمة سيد الأحابيش..
هند: أنعم به وأكرم..
أبو سفيان: رجع الجليس وهو يقول.. رأيت ما لا يحل منعه.. رأيت الهدي في قلائده قد أكل أوباره والرجال قد شعثوا وقملوا..
هند: إنه أعرابي وقد خدعه محمد..
أبو سفيان: ولما قلنا له ذلك غضب وقال: يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أبعد عن بيت الله من جاء معظماً له والذي نفس الجليس بيده لتخلن بين محمد وما جاء له أو لأنفر من الأحابيش نفرة واحدة..
هند: لقد سحره محمد ورب الكعبة..
أبو سفيان: وقد استرضينا الجليس وأسكتناه وأرسلنا عروة بن مسعود الثقفي..
هند: نعم الرسول.. سيد وابن سيد.. وكريم من أب كريم.. وماذا عاد ليقول..
أبو سفيان: قال: يا معشر قريش! إني جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه والله ما رأيت ملكاً في قومه قط مثل محمد في أصحابه.. ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً فردا رأيكم فإنه عرض عليكم رشداً فاقبلوا ما عرض عليكم فإني لكم ناصح مع أني أخاف أن لا تنصروا عليه..
هند: ما أخطر ما جاء به.. إياكم أن يشيع بين الناس فسيفعل بهم كما تفعل النار في الهشيم..
أبو سفيان: لقد رجونا عروة ألا يتكلم بما شاهد وقلنا له إننا سنرد محمداً عامنا هذا على أن يرجع في العام القابل فقال:
هند: قال ماذا؟
أبو سفيان: قال ما أراكم إلا ستصيبكم قارعة ثم انصرف هو ومن معه إلى الطائف..
هند: قارعة تصيبه هو وقومه.. ما أسلط لسانه.. وأفحش بيانه.. والآن ماذا تنوون أن تفعلوا وكل يوم يمر هو في صالح محمد..
أبو سفيان: نرد محمداً هذا العام ونوعده للعام القابل.. ومن يدري ماذا سيحدث لنا أدلة في العام القابل..
هند: زد من صالح محمد يا أبا سفيان..
أبو سفيان: كيف يا هند كيف..
هند: محمد الآن واقع بين أيديكم.. لا سلاح معه إلا السيوف في القرب.. وإنها فرصتكم للقضاء عليه..
أبو سفيان: ولكن الأحابيش لن يشتركوا معنا ولا قبائل ثقيف وهذيل.. وقريش وحدها لا نستطيع قتال قوم مستميتين في الدفاع عن محمد ودين محمد..
هند: والله ما أدري.. إذا كنتم عاجزين كما تقول فاعقدوا معه صلحاً يرجع معه هذا العام ليعود في العام المقبل ولتأخذ قريش من موقف الأحابيش درساً في الاعتماد على نفسها وحدها..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: آخر الأخبار يا أبا يزيد؟..
سهيل:ما هي يا مكرز.. هات..
مكرز: بعث محمد عثمان بن عفان برسالة شفهية إلى أبي سفيان..
سهيل:عثمان بن عفان.. تطور جديد في الأمر..
مكرز: وقد لقي إبان بن سعيد بن العاص عثمان بن عفان قبل أن يدخل مكة فأجاره حتى يبلغ رسالته إلى أبي سفيان.. هيا بنا إلى الندوة فلا شك أنه في طريقه إليها..
سهيل:هيا بنا.. فالحوادث تسير بسرعة مذهلة..
مكرز: أترى عثمان بن عفان جاء بشيء جديد..
سهيل:ربما.. وربما لا جديد سوى تأكيد من محمد بأنه جاء زائراً لا محارباً..
مكرز: ولكن تأكيدات محمد على لسان رسله المتتالين ألا تدل على أنه يخشى قتال قريش ويحاول أن يتجنب الصدام معنا بكل الوسائل الممكنة لديه..
سهيل:إما أن محمداً يخشى قتال قريش ويحاول أن يتجنبه فهذا هو تفكير القائد الحكيم ولا سيما ولا تكافؤ بين أسلحة محمد وأسلحة قريش.. ولكن..
مكرز: ولكن لماذا يا سهيل بن عمرو؟..
سهيل:ولكن الإيمان الذي يعمر قلوب أصحاب محمد أشد مضاءً من كل أسلحة قريش.. أتذكر معركة بدر يا مكرز.. لا نسبة في العدد ولا العدد بيننا وبين محمد وقع ذلك هزمنا شر هزيمة.. ثم..
مكرز: ثم ماذا يا أبا يزيد؟..
سهيل:قريش ستقاتل محمداً وحدها لا أحابيش معها ولا قبائل ثقيف وهوازن وهذيل وبني بكر.. ولا تنسى..
مكرز: أنسى ماذا يا أبا يزيد فقد أفحمتني بحججك..
سهيل:جيش المسلمين السري الموجود بين ظهرانينا.. ما الذي يمنعهم من ضربنا من الخلف ومحمد أقرب إليهم من حبل الوريد..
مكرز: وصلنا يا أبا يزيد إلى الندوة قبل وصول عثمان بن عفان..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: إن أبو سفيان يا صفوان؟..
صفوان: خلفته بالندوة في حديث طويل مع سهيل بن عمرو وعجلت إليك لأوافيك بآخر الأخبار..
هند: هات.. وعسى أن يكون فيها ما يسر..
صفوان: أما ما يسر فلا شيء يسر في هذه الأيام..
هند: صدقت يا صفوان صدقت.. على كل حال هات ما عندك فقد تعددت على مرارة الأحداث..
صفوان: قدم عثمان بن عفان موفداً من قبل محمد ليؤكد لقريش من جديد أن محمداً إنما جاء زائراً لهذا البيت معظماً له..
هند: وهل يخامر محمداً شك في أننا جد متأكدين من أنه قادم للاعتمار لا للقتال ولكن حالة الحرب تضطر قريشاً إلى صده عن الزيارة حتى لا يتحدث الناس أنه دخل مكة عنوة..
صفوان: لا أظن محمداً يجهل أن قريشاً تعلم علم اليقين أنه قادم للزيارة لا للقتال ولكن..
هند: ولكن ماذا؟..
صفوان: ولكن إلحاق محمد في توضيح أسباب زيارته على لسان أكثر من رسول موفد من قبله أو من قبلنا هو الذي يحيرني..
هند: محمد يريد يا صفوان أن يسمع القبائل في قاصي الجزيرة ودانيها دوافع زيارته بالرغم من يقينه بأن قريشاً ستصده عن هذه الزيارة..
صفوان: حسناً.. وبعد يا هذا..
هند: فإذا سمعت القبائل بصد قريش لمحمد عن زيارة البيت فإنه سيكسب تأييداً عاطفياً منهم وسخطاً على قريش..
صفوان: يا لتفكير محمد الواسع، كيف يجلب الناس إلى صفوفه..
هند: ألم يتدارس المجتمعون في الندوة طريقة تفوت على محمد أغراض زيارته..
صفوان: استعرضنا كثيراً من الوسائل الطرق فلم نجد أسلم من مصالحة محمد على أن يعود هذا العام ويرجع في العام القادم وتركنا لسهيل بن عمرو استكمال حواشي هذا الصلح مع محمد..
هند: سهيل بن عمرو ورسولكم إلى محمد.. لقد أحسنتم الاختيار..
صفوان: ولكننا لا نستطيع إرساله الآن إلى محمد..
هند: ولم يا صفوان؟..
صفوان: لقد احتبس سفهاؤنا عثمان بن عفان رسول محمد بالرغم من إجارة إبان بن سعيد بن العاص له ونخشى أن يحتبس سهيل مكانه..
هند: إذن تأزمت الحال يا صفوان وفقدتم يا قادة قريش السيطرة على السفهاء والغوغاء.. وعمت الفوضى وأصبح الناس لا سراة لهم.. تالله إنها حال تنذر بسوء المصير..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية تختلط بصوت سهيل بن عمرو وهو يصرخ في وجه مكرز قائلاً):
سهيل:ما هذا الذي فعلته يا مكرز.. أيغرر بك سفهاء قريش إلى هذا الحد حتى كدت تقع في أسر محمد.. والله لو قبضوا عليك لأعدموك حالاً..
مكرز: أرسلني أبو سفيان في خمسين شاباً من القرشيين نطوف بمعسكر المسلمين رجاء أن نصيب منهم وقد اصطادنا محمد بن مسلمة قائد حرس محمد قبل أن نصيب أحداً..
سهيل:أرأيت يقظة المسلمين وشدة حذرهم.. لقد أوقعنا أبو سفيان وأنت بغفلتك في ورطة لا ندري كيف نتخلص منها..
مكرز: يا أبا يزيد.. ما رأيت فائدة كابن مسلمة.. حسبت لكل شيء حسابه إلا أن أقع ومن معي في قبضته وأفلت أنا بأعجوبة..
سهيل:هذا درس لك ولأبي سفيان ولمن يريدون قتال محمد..
مكرز: صدقت يا أبا يزيد صدقت.. لقد أنقض علينا شباب محمد وكأنهم جن خبأتهم الأرض ثم أخرجتهم فجأة ليقبضوا علينا..
سهيل:إن عمل أبي سفيان قوى حجة محمد علينا.. ويجب أن نعالج الأمر بحكمة وروية قبل أن يفلت الزمام من أيدينا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بأصوات متباينة تجمع كلها على القول):
الأصوات: قتل عثمان.. قتله المشركون.. الويل لهم..
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. رسول الله يقول: لا نبرح حتى نناجز القوم..
أصوات: لا نبرح حتى نناجز القوم.. لا نبرح حتى نناجز القوم..
المنادي: أيها الناس.. البيعة.. البيعة..
أصوات: لبيك يا رسول الله.. لبيك يا رسول الله.. نبايعك على أن لا نفر نبايعك على الموت..
(موسيقى صاخبة تصاحب هذه النداءات نسمع بعدها صوتاً صادراً من مكان بعيد):
بسم الله الرحمن الرحيم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمً (سورة الفتح: 18 - 19)..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :625  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج