"رأى عمر رضي الله عنه امرأة في زي استغربه فسأل عنها فقيل له: إنها الأَمّةُ فلانة، فضربها بالدرة ضربات وهو يقول لها: يا لكعاء، أتتشبهين بالحرائر؟".
* * *
ونريد أن نستخلص من هذه الرواية فائدة كبرى، وهي أنه لم يضرب (الأَمَةَ) لأن زيّها كان فاضحاً أو غير ساتر.. بل لأنها تجاوزت الحد فيه عما هو لائق بمثيلاتها حذراً من الاتهام بأنها من الحرائر.. ولعلَّها بذلك كانت ذات هدف مريب خادع، فكيف به رضي الله عنه لو استعرض الأسراب من النساء ذوات الخفر والدلال وهن يذرعن الأسواق، ويتخيرن الثياب، ويناقشن الحساب، ويراغمن الحجاب، ويغازلن الشباب، كما يقوله ذوو الألباب، إذن لكان له في كل صباح ومساء ألف درة ودرة، ولعمت غيرته وغضبه القوّامين أولاً.. فمن بعدهم أو دونهم حتى لا ترى ذات سوار في غير الجلابيب الدانية والمقاصير القاصية. وقد رأى الكثيرون نساء يتشبهن في أزيائهن بأهل البلد.. تماماً ويستجدين جهاراً ونهاراً.. وما هن إلا الزوائد والطفيليات، والشرائد المتسولات، فأين من أمثالهن الردع والزجر والإهانة، أو الحفظ والصيانة والإعانة.