حيَّ (عبدَ العزيزِ) في إيوانِهِ |
وأشِدُ في تَاجِهِ وفي صَولَجَانِه |
مَلِكٌ خَصَّهُ الإلهُ بما لمْ |
يحبُهُ الأكثرينَ من رِضوانهْ |
ذاك أني علمتُ والناسُ طُراً |
أنَّ سرَّ النَّجاحِ في إيمانِهْ |
أحمَدُ اللهَ أنْ بَلغتُ إليه |
بَعدَ شوقٍ ذويتُ من أشجانِهْ |
بعدَ عامٍ كأنَّما هو دَهرٌ |
وهيامٍ خَفِيتُ في إبانِهِ |
واصطبارٍ على النَّوى كنتُ منه |
أتحاشى الدُّنوَّ من (طُوفانِه) |
* * * |
فاملأ العينَ من سَناهُ ورَتِّل |
غُرَرَ الشِّعرِ من ضُحى أوزانه |
وأفضْ في الحديثِ عما استجاشتْ |
من مَعانيهِ سَابِغاتِ امتنانِه |
وقل الحقَ ما نطقَت وأقبلْ |
بالثناءِ المحض مطلَقاً من عَنائِهْ |
وأعلنِ الشوقَ مُخلصاً عن بِلادٍ |
جعلَ اللهُ رَغْدَها من بَنانِهْ |
كلُّ بادٍ وحَاضرٍ وكبيرٍ |
وصغيرٍ يعيشُ في إحسانِهْ |
عن أُناس حسبتُهُمْ فيك قلباً |
هاتفاً بالودادِ رغمَ ارتهانِهْ |
* * * |
حملوني إليكَ ما لم يُطيقوا |
من ولاءٍ يَشِعُّ في لمعانِهْ |
وكأني غَدَاةَ يَمّمتُ (نَجداً) |
مُشرئباً لِرِنده وَلِبَانِهْ |
وقد تكهَّلْتُ (بالحجازِ) إليكم |
من (مَواقيتِهِ) إلى أذقانِهْ |
من شبابٍ ومن شيوخ تَباروا |
لك في حُبهم وفي استجنابِه |
لقَّنته (المُهودُ) لحناً شَجياً |
في أغارِيدها إلى وُلدانِه |
* * * |
لَبِسُوا فيك حلةَ الأمنِ تَضفو |
فوق آفاقِهِ وحولَ رعانِهْ |
وغدوا راتعينَ في كلَّ خيرٍ |
أنت نبراسُهُمْ إلى أحضانِهْ |
* * * |
في دُجى الليلِ حين يَسجو ويَرنو |
كوكبُ الفَجرِ في سَواءِ عَنانِهْ |
يتلاقى الدُّعاءُ من كُلِّ قلبٍ |
لك في جَهرِهِ وفي كِتمَانِهْ |
أُمّةٌ تُقدِّرُ الجَّميلَ وشعبٌ |
أنت منه الحياةُ في أوطانِهْ |
عصفتْ حولَهُ الزَّعازعُ هُوُجاً |
ووقاهُ الإلهُ في رُبَّانِهْ |
كلُّ قطرٍ يَميدُ هولاً ويشكو |
جورَ أحداثِهِ إلى دَيَّانِهْ |
بينَ وَيلينِ من حُروبٍ تلظَّى |
وخَرابٍ يَعِيثُ في عُمرانِهْ |
ليسَ يدري على المَدى مُنتهاهَا |
غيرَ من شنَّها على كُفرانِهْ |
* * * |
جحِدَ الخلقُ قُدرةَ اللهِ فيهمْ |
وتماروا بِنُذرِهِ وأذانِهْ |
واستباحوا محارمَ اللهِ حتى |
مَالَ كل امرىءٍ إلى شَيطانِهْ |
ورضوا بالحياةِ لَغوا ولَهواً |
في عتوٍ يََمُدُّ في طُغيانِهْ |
وتناسوا وعيدَهُ الحقَّ جَهلاَ |
في رِسالاتِهِ وفي (فُرقَانِهُ) |
صدَّهُمْ زُخرُفُ (الحضارَةِ) عنه |
فتمادى الغَرورُ في بُهتانِهْ |
* * * |
فإذا الصيحةُ الرَّهيبةُ تَدوي |
بين أرجاسِه وفي أدرانِهْ |
وإذا القَادرُ العظيمُ تألَّى |
أن يَصُبَّ العَذابَ في أكوانِهْ |
حسِبوا إفْكَهُمْ على اللهِ يَمضي |
في ضَلالاتِهم على أرسَانِهْ |
فأُبيدتْ مَعاقلٌ وحُصونٌ |
وجسورٌ تناثرتْ من كِيانِهْ |
وتهاوتْ من السماءِ نُجومٌ |
ورجومٌ تغضُّ مِن شَنآنِهْ |
وتنادى العِبادُ من كُلَّ صَوبٍ |
يَطلبونَ النَّجاةَ من بُركانِهْ |
كلُّهمُ مُلبسٌ مِن الصَّعقِ يَهذي |
ضَارعٌ شَاخصٌ إلى بُرهانِهْ |
ليس مِن دُونِه وليٌّ يَقيهِم |
ما عَساهُ يَحيقُ مِن خُسرانِهْ |
* * * |
يا إمامَ الهُدى وأنتَ المُفدَّى |
والمقيمُ الحُدودَ في سُلطانِهْ |
والذي جاءَ آية في زَمانٍ |
خفَّ رُشدُ الحَليمِ في مِيزَانِهْ |
والذي آثرَ الخُلودَ وأعلى |
صَرْحَ (توحيدِهْ) على عِمدانِهْ |
والذي أيقظَ القُلوبَ بوعظٍ |
يصدعُ الصُّمَ سَاحرٍ من بَيانِهْ |
والذي العَدلُ حُكمُهُ في الرَّعايا |
أين كانوا مُشيَعاً بجَنابِهْ |
والذي انقادتِ الحُظوظُ إليه |
فهي مَزهوَّةٌ على (غِمدانِهْ) |
والذي استنفرَ الجيوشَ كِفاحاً |
عن هُدى ربه وعنْ أفنانِهْ |
والذي وحَّدَ (العُروشَ) فأمستْ |
تحت أقدامه وفي مهرجانِهْ |
والذي شادَ في الجَّزيرةِ (مُلكاً) |
بمصالِيتِهِ وحدَّ سنانْه |
والذي الخيرُ في رَعاياهُ يجري |
من نَدى كَفهِ ومن شُطْآنِهْ |
والذي لم يزْل إلى اللهِ يَدعو |
في مُناجاتِهِ وفي إعلانِهْ |
كلُّ من في الحِجازِ فيك شكورٌ |
بالخفوقينِ قلبِه ولِسانِهْ |
ويُعيدُ الثناءَ فيك ويُبدي |
بينَ أترابِه وفي أقرانِهْ |
يسألُ اللهَ أنْ تَعيشَ وتَبقى |
في كلاآتِهِ وظلَّ أمانِهْ |
* * * |
ما لِمثلي وأنت مَنْ أنتَ مَجداً |
أن يُوفِّيكَ وصفَهُ في حسانِهْ |
إنّما الشعرُ كلُّه فيك درٌ |
ما هَمى وبْلُهُ على حَسَّانِهْ |
لستُ فيه بغيرِ شخصِكَ مُغري |
كُلَّمَا اهتاجني إلى مِيدانِهْ |
يا أبا الصِيدِ حسبُك اللهُ عَوناً |
ومُعيناَ وهَادياً لِجنَانِهْ |
ولكَ البِرُّ في "بنيكَ" كُنوزٌ |
كلما افترَّ كوكبٌ في اقترانِهْ |
* * * |
و يميناً لفي سُعودِكِ خِصبٌ |
ما حَكاهُ الرَّبيعُ في رِيعَانِهْ |
هو للشعبِ ما بقيتَ لواءٌ |
حَوَلَهُ الذائدونَ من إخوانِهْ |
كلُّهُمْ "فيصلٌ" لديكَ وطودٌ |
يَشمَخِرٌ الفَخَارُ في بُنيانِهْ |
وهُمُ مَنهلٌ كما أنتَ تَرضى |
وسَحَابٌ يَلُثُّ في تَهتَانِهْ |
وعتادٌ على عَدوَّكَ يَشقى |
بهمُ الدهرُ مُطرفاً في هوانِهْ |
* * * |
هذه نفثهٌ الرُّوحِ تَذكو |
بفؤادي نحثُّها من جِرانِهْ |
لو مشتْ في الظَّلامِ عادَ ضِياءً |
رغمَ دَيجورِهِ على أوجَانِهْ |
صَاغَهَا اللهُ في بَياني عُقوداً |
من حِمى بيتِهِ ومن جِيرانِهْ |
ذلك "البيتُ" قد سمعتُ وشيكا |
همسَ أستارِه إلى أركانِهْ |
وهو في شَجوِهِ إليك اقتضاني |
أن تُؤديهِ حَقَّهُ في مَكانِهْ |
فأعِذنا من البُعادِ جَميعاً |
فلقد عَزَّنا احتمالُ قِرانِهْ |
* * * |
وخذِ العهدَ أننا ما استطَعنا |
في هُدى ربَّنا وفي تِبيَانِهْ |
عشتَ للدِينِ والعُروبةِ ذُخراً |
ما شَدا سَاجعٌ على أغصانِهْ |
* * * |