الشعبُ نحوكَ يا مولاي ظمآنُ |
شَوقاً ولكَّنهُ بالنَّصرِ ريَّانُ |
خوَّلتهُ العِزَّ عقودَ اللواءِ على |
"تاجٍ" برأسِكَ أضحى وهو مُزدانُ |
ما انفكَّ يخطو على هَامِ العُلى خَبَباً |
وكُلُّ ساحاتِه بيضٌ ومُرَّانُ |
إن أشرعتْ فجنودُ اللهِ مُطبقةٌ |
على العَدوَّ ومن في قلبِه رَانُ |
كم حاول البغيُ بثَّ السُّوءِ مُبتدأً |
فارتدَّ مُنتكِصاً والشرُّ عُريانُ |
وكم صفحتَ امتناناً بعدَمَا انطلقتْ |
يَدُ الجزاءِ وقلبُ الجيشِ حَردانُ |
جاوزتَ بالحلِم من سارَ المِثالُ بهم |
قُدُماً فأنت لهْم في الفضلِ عِنوانُ |
إنَّ (الجزيرةَ) من أقصى الشَّمالِ إلى |
أقصى الجنوبِ لأهلِ الضَّادِ أوطانُ |
لا فرقَ في الحِسَّ والنَّجوى وإن شَطَحتْ |
بنا المَوامي ودسَّ الحقدَ خَوَّانُ |
فما الرياضُ سوى (أمِّ القُرى) وطناً |
وما دمشقُ سوى (صَنعا) وبغدانُ |
ونحن في الدين والفُصحى بنو رَحِمٍ |
وفي سَائرَهَا لا شك لَهفانُ |
عهدٌ ولو مادَ "رَضوى" أو هوى حِصَنٌ |
واندكَّ دون اتحادِ العُرب ثَهلانُ |
ونحن باللهِ نَرجو أنْ يَدومَ لنا |
عِزٌّ دعائِمُهِ عَدلٌ وإِحسانُ |
فلا حَياةَ لنا إلاّ بنُصرَتِهِ |
ولن يَذَلَّ على الإِخلاصِ غَيرانُ |
ماالمجدُ لهوٌ وتخريفٌ وشنشنةٌ |
ولا ادعاءٌ وتفريطٌ وإدغانُ |
المجدُ سيفٌ وإِقدامٌ وتَضحيةٌ |
والمجدُ عدلٌ وإصلاحٌ وعمرانُ |
والمجدُ (دِينٌ وتوحيدٌ) على سَنن |
مضى عليه الألى بالفتحِ قد بَانوا |
كانوا ولا شيءَ من غِلَّ ومن حَسدٍ |
عَوناً على الحقِّ مهما لاَحَ طُغيانُ |
فاستسهَلوا الصَّعبَ واقتادتْ لهم أُممٌ |
عَظيمةٌ وعنتْ فُرسٌ ورُمانُ |
(كانوا مُلوكاً سريرُ الشرقِ تحتَهُمُ |
فهل سألتَ سريرَ الغَربِ ما كانوا) |
(عالينَ كالشمسِ من أَطرافِ دَولتِها |
في كُلَِّ ناحيةٍ ملكٌ وسُلطانُ) |
يا من أناطَ (الثُّريا) في خَمائِلِهِ |
ومن تَسامتْ بِهِ في المجدِ عَدنانُ |
خَلَّ (الأبالسِ) فيما يعمهونَ بِهِ |
فكلُّ ما نَقِموا إفكٌ وبُهتانُ |
لو يعلمُ اللهُ خيراً في نُفُوسِهِمُ |
ما كان يَلحَقُهُم ضيمٌ وخُسرانُ |
فكلُّ من لمْ يُنَقَّ القلبَ عن دَنَسٍ |
فإنَّهُ جَلَّ من سَوّاك نَدمانُ |
من يتَّقِ اللهَ يُحمدُ في عَوَاقِبِهِ |
ويكفِهِ شَرَّ مَنْ عَزُّوا ومَنْ هَانوا |
وأنت مُنذُ استعَنتَ اللهَ في مِننٍ |
تَتْرى ويَمتدُّ منها الدَّهرَ أَفنانُ |
ما إنْ رميتَ ولكنَّ الإلهَ رمى |
فاحفظْهُ يحفظْكَ مهما ضَلَّ حَيْرانُ |
وإنَّ قومَك بالطاعاتِ قد ظَفِروا |
فلن يُخيفَهُم في الرَّوعِ عِصيانُ |
قد بايعوا اللهَ في يُمناكَ واشتملوا |
على السلاحِ وحولَ الشيبِ شِبّانُ |
همُ السّنامُ وفي أيمانِهم عِبرٌ |
لم تروِهَا في الوغى عَبسٌ وذِبيانُ |
لا يذهبونَ مع الأحلامِ في سِنَةٍ |
ولا تطيرُ بِهم في الجورِ غُربَانُ |
يستعذبونَ الحِمامَ المُرَّ في شَرفٍ |
وهم إذا جَاءَ وعدُ الحقَّ إخوانُ |
إذا تنادوا إلى الهَيجاءِ بَادرَهَا |
حِمْسٌ كأنهمُ أُسدٌ وعُقبانُ |
لا تستطيعُ المنايا الغُلبُ وَقْفَهمُ |
عن الجهادِ ولو لم يبقْ جُثمانُ |
تلك العزائمُ في الإِسلامِ بالغةٌ |
باللهِ ما شَهدتْ صَبياً وجِيرانُ |
* * * |
(مولاي) حسبُكَ هذا الفَخرُ مُرتجزاً |
كأنَّما صَوتُه في الخُلدِ رنَّانُ |
لو كان لي مِقوَلُ الدنيا بأجمعِها |
لكي أُشيدَ به لم يُوفِ تِبيانُ |
فأنت فوقَ الذي يَسطيعُه قَلمي |
ولو تمثَّلَ في (بُردَيَّ) حَسَّانُ |
هيهات ما أنت إلا آيةٌ سَطعتْ |
بقدرةِ اللهِ فاختارتْك "تِيجانُ" |
فاهنأ بمقدمك العَالي إلى (بَلدٍ) |
يرنو إليك ولو لم تَبدُ أَعيانُ |
أسدى بك اللهُ في أصقَاعِنا نِعماً |
ليستْ تُعَدُّ وللتاريخِ حُسبانُ |
وفي الجزيرةِ أمن لا نظيرَ له |
في العَالمينَ وما في ذاك نُكُرانُ |
فالحمدُ للَّهِ حَمداً لا يَزالُ بِنا |
يَدعو المزيدَ وبقيا الخيرِ شُكرانُ |
ولا برحتِ لدينِ اللهِ منتصراً |
ما ماسَ غُصنٌ وثنى عِطَفهُ البانُ |