يا خَصَلَـة الشَّعْـرِ ممَّـن لا أُسَمّيهـا |
أفْديكِ مِن نُـوَب الدُّنْيـا وأفْديهـا |
أشُمُّ فيك شَذا أنْفاسهـا اخْتَصَـرَتْ |
رَوائحَ الخُلْـدِ ماجَـتْ في روابيهـا |
تَعشّقَ القَلْبُ ناديها ولازَمَه |
كأنَّما هُوَ مَرْبوطٌ بنادِيها |
نزَلَتْ في مُهْجَتي رَاحاً وغالِيةً |
ناشَدْتُكِ اللهَ عَشْراً لا تمَلّيها |
إنْ تَظْمئي فاعْصُري جَفْنيَّ وابتَـرِدي |
هَيْهاتَ تَنْضُـبُ في عَيْـني مَجارِيهـا |
نضَّرتِ لي أمَلي مِنْ بَعْدِ ما انْحَـدَرَتْ . |
شَمْسِي، وأضْحَى سَوادُ الرأسِ تَمْويها . |
* * * |
وصارَ عنـديَ زَغْلـولٌ يـردّ يَـدي. |
عَن الفواكهِ بادِيها وخافيها . |
إنِّي لأعْذُرُه كُرْمَى طُفولَتِه |
ذَنْبُ الطُّفولَةِ فَضْـلٌ عِنْـدَ قاضيهـا |
لولا يَدُ الحُسْنِ لَمْ يَطْـربْ لقافيـتي |
قَلْبٌ، ولم يجْلُ غَوّاصٌ لآليها |
لا تسألي يا بنةَ الميماسِ عَـنْ عُمْـري |
عُمْرُ الشحاريـرِ يَبْـدو في أغانيهـا |
ما زال قَلْبي في العشريـنَ، تُخْرِجُـه |
عَنْ طَوْره رَوْضَـةٌ طابَـتْ مَجانيهـا |
أَسْتَسْمِحُ الغِيدَ لَمْ أجْحَدْ لَهُـنَّ يَـداً |
إنِّي نَشَـرْتُ علـى الدنيـا أياديهـا |
كُنُوزُ كِسْرى هَبـاءٌ إنْ قُرِنْـتِ بهـا |
أغْلَى الكنـوزِ علـى الأيـام باقيهـا |
يا خَصْلَة الشَّعْرِ ما أبْهـاكِ في نَظَـري |
ذَهّبْتِ دُنْياي دانيها وقاصيها |
ألَسْتِ بَعْض التي جارَتْ على كَبِـدي |
ولَمْ تَزَلْ كلَّمـا جـارَتْ أُداريهـا؟ |
ألَسْتِ حَفْنَة تِبْرٍ مِنْ ذَوائبها |
أحْنو عليها وفي جَفْني أخبِّيها |
أحبُّها، وهْيَ لا عِلْمٌ ولا خَبَرٌ |
كَيْفَ السبيلُ إلـى إعـلانِ حُبيِّهـا؟ |
كَمْ سامَني حُبُّها ما لا يُطـاق، وكَـمْ |
طالَتْ ليالـيَّ... لا طالـت لياليهـا |
حَمَلْتُ مِنْ أمْرِها أضعافَ ما حَمَلَـتْ |
وأرْخَصَتْني... ولا أنْفَكُّ أُغْليها |
تَزْهُو عليّ وتُدْنيني وتُبْعِدُني |
يا لَيْلتهـا عَلّمتْـني كَيـْفَ أدْنيهـا |
شَكْوايَ في زَعْمِهـا لَهْـوٌ وتَسْلِيـةٌ |
لا بأسَ، فلْتَعْتَقِدْ أنِّي أسلِّيها |
كيْف التقينا؟ سَلُوا "المجنونَ" كَيْفَ رأى |
لَيْلَى... وأيْنَ التَقَى، أيْنَ التَقَى فيها |
رأيْتُها في منامي واجْتَمَعْتُ بها |
على دُروب الثُّرَيّا أو سَواقيها. |
لَمْ يعْنِها ما مَضَى مِنْ أمْـرِ شاعِرِهـا . |
ولا التَفَتُّ بأنظاري لماضيها. |
كانَتْ بذِهْني خيَـالاً، ثُـمَّ جَسّدهـا . |
– غَنِيّةً بمجانـي الحُسْـنِ – باريهـا . |
* * * |
يا حُلْوةَ الروحِ والعَيْنـينِ بَعْـدَ غَـدٍ |
تَذْوي غُصوني، فهَلْ تُحيينَ ذاويهـا؟ |
يَكْفي، إذا عَصَفَتْ ريحُ السَّموم بهـا |
أنْ تَذْكريها... فإنَّ الذِّكْـرَ يُحْييهـا |
كَمْ أنْتِ دانيَةٌ منِّي وقاصيَةٌ |
كالشَّمْسِ ما اقْتَرَبَتْ شَطّتْ لرائيهـا |
تِيهي على الشاعر الشَّاكي، ولا تَسَلِي |
إنِّي لِعَيْنَيْكِ أهْـوى الغُنْـج والتِّيهـا |
وَهَبْتِني خَصلـةً شَقْـراءَ مِـنْ أمِـلٍ |
فكَيْفَ ألْجُـمُ أفْراحـي، وأُخْفيهـا؟ |
لكنْ أُردِّدُ في سِرّي وفي عَلَني |
شَكوىً على مَسْمَـعِ الأيـامِ أُلْقيهـا |
ما ضَرَّ لَوْ وَهَبَتْنِـي مِـنْ ضَفِيرتِهـا |
شَيْئاً، ومِنْ خَدِّها شيئاً، ومِـنْ فِيهـا |
رَضيتُ منها بمـا دونَ القليـلِ، فلَـوْ |
بَدَّلْتُ قَلْبي فإني لَنْ أُكافيها |