صافَحْتُ في كَـفِّ الطَّبيبِ الساهـرِ |
بَيْنَ الأُلَى يَشْكُون، كَـفَّ النَّاصِـري |
ورأيْتُ فيه للشَّهامة والنَّدى |
عَلَماً يَرِفّ علـى قُـرىً وحَواضـرِ |
ونَعِمْتُ مِنْ آلائِهِ في وارِفٍ |
وَرَتَعْتُ مِنْ أخلاقِه في وافِرِ |
سُبْحَانَ مَنْ ألْقَى إليه بِسرِّه |
ووَقاهُ عاديةَ الغُرورِ الكافرِ |
حَمَل الشِّفاءَ إلى المريضِ بِطبِّه |
وبعطْفِهِ بَعَثَ الرجاءَ لِعاثرِ |
كَمْ لَيلةٍ غَفَتِ العُيونُ وَعَيْنُه |
تأتي وتَذْهَبُ في الظلامِ العاكِرِ |
لا يَسْتَقِرُّ... فما تَعالَتْ زَفْرةٌ |
إلاّ وحوَّلها ابتسامةَ شاكرِ |
دُنْياه بَذْلٌ دائمٌ ومَحَبّةٌ |
لولاهما عَبَس الطريقُ لِسائرِ |
يَحْنو على الشَّاكـي بلَهْفَـةِ والـدٍ |
ويَرُدُّ غَضْبَتَه بَرنْوةِ عاذرِ |
طَلَبَ الغِنى لكنْ لخير قَرِيبهِ |
كَمْ زاهدٍ يَبْدو بحلَّةِ تاجرِ |
مَنْ كان يُعطي مِـنْ عُصـارة قَلْبِـه |
حاشا يَضَنُّ مِنَ الثَّراء بعابرِ |
لا خَيْرَ في الدينارِ تَنْثُرُه يَدٌ |
إنْ لَمْ تُرافِقْه بَشاشَة ناثرِ |
* * * |
يا بانيَ الأرْزِ المُشَيَّدِ مَفْزَعاً |
للهاربين مِنَ المُصَابِ الجائرِ |
ومجدِّداً مَجْـدَ ابـنِ سينـا بَعْـدَ أن |
لَمْ يَبْقَ منه غَيْرُ ذِكْرٍ داثرِ |
ومُشَيّداً للعُرْبِ صَرْحاً خالداً |
يَرْنُو الزَّمـان لـه بطَـرْفٍ حاسِـرِ |
مَهْما غَلا المُثني علَيْك، فإنَّنا |
سَنَرى فصاحَتَه رَطانة قاصِرِ |
عالجْتَ غَلْوائي تَنازَعَها الرَّدَى |
فَشَفَيْتَ عِلَّتها بقُدْرةِ قادرِ |
أحْيَيْتَ بَسْمتَها فعادَتْ رَوْضَةً |
تُحيي برَيَّاها رَجاءَ الشاعرِ |
سَلِمَتْ يداك!. لَقَدْ رَقَـأْتَ مَدامعـي |
وجَبَرْتَ في عَنتِ الحوادث خاطـري |
لَوْ لَمْ تكـنْ قَلْبـاً يَفيـضُ مُـروءة |
ويَداً تَمدُّ لغائبٍ ولحاضرِ |
لَزَجَرْتُ عنك يَراعـتي... لَقَصَفْتُهـا |
إنْ لَمْ تُؤدّ بها صَرامةُ زاجرِ |
يا صاحبَ الوَزْنات ضاعِـفْ قَدْرهـا |
أكْــرِمْ بسَعْيـك قـدوةً لمغامــرِ |
ذَهَبَ المهاجرُ وانَطَوَتْ آثاره |
فبَعَثْتَها فَخراً لكلِّ مُهاجر |