كَيْفَ التَّغَنِّي، ونَفْسـي كلُّهـا أَلَـمُ |
يا لَلْهَزار قَضَى في زَوْره النَّغَمُ |
بَيْني وبَيْـن حَماقـاتِ الصِّبـا ذِمَـمٌ |
ما كَانَ أسْعَدَني لـو دامـت الذِّمَـمُ |
حالَ الزَّمانُ، وقامَـتْ دُونَنـا غِيَـرٌ |
هَيْهات لا نِعَمٌ تَبْقى ولا نِقَمُ |
أيْنَ الشَّبابُ، وآلاء الشبـاب، ومـا |
قَدْ زَوَّر الوَهْم، أو مـا زوّق الحُلُـمُ؟ |
أيْن انْطلاقـي وراءَ الحُسْـن أُشْرِبُـهُ |
دَمْعي، وأُطْعِمُه قَلْبي وألْتَهمُ |
هذا الضَّعيفُ بصَدْري لَمْ يَعُدْ حَرَمـاً |
للحبِّ،... أخْنَى عليه الحبُّ والهَـرَمُ |
غاضَتْ منابـعُ إلْهامـي، فوالَهْفـي |
هلْ يَضْحكُ الحَقْلُ إنْ لَمْ تَسْقِهِ الدِّيمَ؟ |
ينوشني ألْفُ نابٍ كلَّ ثانيَةٍ |
فاسْلَمْ بنفسِكَ مِـنْ بَلـواي يا قَلَـمُ |
لا لَنْ أسومَكَ أنْ تشدو علـى فَنَـنٍ |
الروضُ ممـا دَهـاه ساهـمٌ وَجِـمُ |
ماذا أقـولُ وأوتـاري تَمُـجَّ دَمـاً |
وفي مطاوي جُفُوني يَسْـرح القَتَـم؟ |
ما في الرَّبيعِ جَمالٌ عِنْـدَ ذي سَقَـم |
هَيْهات يَجْتَمـعُ التَّغْريـد والسَّقَـمُ |
شَدْوي على مَسرَحِ الأحداثِ دَمْدَمـةٌ |
وبَسْمَتي في مآسي أُمتي غَسَمُ |
أمرّ بالزَّهْرة النَّدْياء تَغْمُزني |
فأكْتُم الشَّوْقَ في جَفْني وأنْهزِمُ |
وألْمَحُ الشَّفَةَ النَّشْوَى تُعَلِّلُني |
فأخْنُقُ الوَجْدَ في صَـدْري وأحْتَشِـمُ |
لولا فلسطينُ كانـت ظُلْمَـتي ألَقـاً |
وكان بَرْداً علـى أضلاعـيَ الضِّـرَمُ |
إنِّي لأَحْمِلُ في قَلْبي لواعِجَها |
ألَيْس يَجْمعُنا الإِيمان والرَّحِمُ؟ |
ما دامَ عِرْضِـيَ للشـذَّاذ مَمْسحـةٌ |
فليسَ لي بَيْن أعـلام الـوَرَى عَلَـم |
بَيْروت في غَمَراتِ النار غارقةٌ |
وقادَةُ الفِكْر لا حسٌّ ولا ألَمُ |
لاهُونَ عنها بفَلْسِ أو بِغَانِيةٍ |
ساهُون عنها بمـا يَسْتَهجِـنُ الكَـرَمُ |
أقولُ، والحُـزْن يَطْويـني وَيَنْشُرُنـي |
يا لَيْتَ مَنْ زوّروا تاريخَهـم عَقِمـوا |
كأنَّها لم تَكُنْ يوماً مدينَتَهم |
ولَمْ تَكُنْ بَيْتَهـم، إن ضـاق بَيْتُهـمُ |
كأنَّها لَـمْ تَكُـنْ للشَّـرْعِ مدرسـةً |
في حبِّها يتبـارَى العُـرْبُ والعَجَـمُ |
لَوْلا مساعي دُعاة السُّوء ما انحْـدَرَتْ |
كَرامةُ العُرب حـتى داسَهـا الخَـدَمُ |
غَلْواء لا تَعْجَبي ممَّا أكابدُه |
ماتَ الشَّذا فبكـاهُ النـورُ والنَّسَـمُ |
أنا الغَريقُ... فمُـدِّي للغَريـق يَـداً |
تَجَهَّم الليلُ والأمواجُ تَلْتَطِمُ |
أرْنو إلى الشاطئ النائِـي بـلا أَمَـلٍ |
كَيْفَ النَّجاةُ وَمنْ أرجوهُـمُ رَمَـمُ؟ |
لا تسألينيَ عَنْ أَهْلي... لَقَـدْ ذَهَبـوا |
لَمْ يبْقَ ممَّـا بَنَـوه غَيْرَ مـا هَدَمُـوا |
بَكَيْتُهم فأجابَتْني مقابِرُهُمْ |
أنْتَ الفقيدُ وأبناءُ الحياة هُمُ |
جَنَى عليهم مَغاويـرُ الكـلام، ولَـوْ |
أَنْصَفْتُ قُلْتُ لَقَدْ بيعوا ومـا عَلِمـوا |
توهَّموا وَرَم الحكَّامِ عافِيةً |
كَمْ مِنْ مريضٍ عليـه أجْهَـز الـوَرَمُ |
هذي الصروحُ التي أرْسوا قواعِدَهـا |
على الرَّذيلـة والطَّغْـوى ستَنْحَطِـمُ |
لا تسألينيَ عَنْ يَوْمي... فليـس لـه |
لَيْلُ فأرقدُ أو فَجْرٌ فأبتسمُ |
أمشي على الشَّوْكِ، لكنْ لا أُحسُّ بـه |
وأشربُ النارَ، لكنْ لسـتُ أحْتَـدِمُ |
تشابَهَتْ كمُواء الهرِّ أشْطُره |
فكلُّ ساعاتِـه، بالسُّخـفِ تَزْدَحِـمُ |
أمْسي مَضَى، وغَدي ما زال مُحْتَجِبـاً |
يا كاشفَ الغَيْبِ، يَوْمي كيف يَنْصَرِمُ؟ |
لا تسأليني عن حُلْمي... أنـا رجـلٌ |
لا حُلْمَ عندي حتى تَنْجلـي الظُّلَـمُ |
كَفَرْتُ بالمُثُلِ العُلْيا يَدينُ بها |
ذِئْبٌ، ويدعـو إلى تقديسهـا صَنَـم |
رسالةُ الحقِّ منا... ثم يسألُنا |
عنها الذين بحبْلِ الباطـلِ اعْتَصمـوا |
ومَوْجة النُّور مِـنْ آفاقِنـا انطَلَقَـتْ |
ويَدّعيها عبيدُ الجَهْلِ والخَدَمُ |
تَضَافَرَتْ أمَمُ الدنيـا علـى وطَـني |
يا للضَّعيف استحلَّتْ لَحْمَـهُ الأمـم |
مدينةُ النُّور في الأصْفاد راسفةٌ |
أليسَ في زُعماء العُـرْب "مُعْتَصِـمُ"؟ |
عاثَ البُغاثُ بأوكار النُّسـورِ، فهَـلْ |
مَاتَ النُّسورُ وأحْنَتْ رأسَهـا القِمَـمُ |
لا لا... سَينَهْضُ شَعْبي مِـنْ مَراقـده |
وَيَقْهَرُ المَوْتَ بالإِيمان يَضْطَرِمُ |
ثارَتْ بَقيِّةُ ثأرٍ في جوانِحِه |
فصفّقَ "القَبْر" زَهْواً وانْتَشَى "الحَـرَم" |
إنِّي لألْمَحُ في الآفاق بارقةً. |
يكادُ منهـا جـدارُ الليـلِ يَنْهَـدِمُ |
تَحَرَّكَ الأسدُ المَيْمون طالِعُه |
بُشْراكَ أشرقَ فَجْرُ النَّصْرِ يـا أجَـم . |