شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
579- نشيد العتاب:
وبعث إليَّ من مدينة "العين" بالإِمارات الأديب العراقي الدكتور يوسف عز الدين بقصيدة، مطلعها:
جفّ اليراع، وماتت الأحلامُ
وتحشرجت في عزفها الأنغامُ
لم يبق لي غير العتاب أسوقه
فالقلب يحرقه لظى وملامُ
وختمها بقوله:
يا "أحمد" الخيرات دع قيثارتي
في صمتها؛ هل في "الرياض" ذمامُ؟
* * *
فأجبت عليه بما يلي:
إلى الدكتور الشاعر يوسف عز الدين
جواب "قصيدة العتاب":
دَلَهُ الهوى، والشعرُ والأحلامُ
هي كلُّ ما أبقت ليَ الأيّامُ.
ستّون عاماً والجمال يذيقني
من كأسِه ما يُشْتهى ويُرامُ؟
والشعر تنفحني عرائسُ سحره
بشذى الحياة فتسكر الأنغامُ،
ستون عاماً؛ كلُّ ثانيةٍ بها
-من عمق إحساسي بها- أعوامُ!
وإذا خبا أملٌ توهَّج آخرٌ،
وإذا انطفى حلم زهت أحلامُ
"ولقد نزحت مع الغُواةِ بدلوهم"
لا العذل يردعني ولا اللوّامُ؛
وضربتُ في وادي الهُواةِ مخيَّمي
"وأسمت سرحَ اللَّهو حيث أساموا،
"وبلغتُ ما بلغ امرؤٌ بشبابه"
والعيش حبٌّ كلُّه وغرامُ
فإذا ملذّاتُ الحياةِ ودائعٌ
"وإذا عُصارة كلّ ذاك أثامُ!
* * *
ستّون عاماً، والهوى لِمشاعري
يشْوي، ولم يخمد لهنَّ ضرامُ
وأنا الذي قد نال من دنياه ما
يهوى؛ وحاز المجدَ وهو غلامُ،
ورشفتُ نُعْمى العيش، بل وجرعته
بُؤْسَى تقطِّر خمرها الآلامُ
ما زال دهري بالخطوب يروضني
وخطوب مثلي في الحياة جسامُ،
والشعر ما ونِيَتْ قوافيه، ولا
همدت لسحر نشيدها أنغامُ
ومراصدي في كلِّ أفق جوَّلٌ
سيّان إذْ أصحو، وحين أنامُ!
ورؤاي تقتنص المعاني كلَّما
سنحتْ، وما خابت لهنَّ سهامُ
* * *
يا من تغرَّب شاعراً ومناضلاً
يحدو مطايا صبره الإِقدامُ
للحق أخلص؛ وهو ما برِمَتْ به
-رغم الولاء- "عراقُه" و"الشامُ"!
شكواك قد أنكت جراحاً ما غفَتْ
يوماً؛ وجرح الغدر لا يلتامُ!
مَن ذلك الشتّامُ؟ لا نَبَسَتْ لَهُ
شفةٌ، ولا ثَبَتَتْ له أقدامُ؟!
أفجَعْظَريٌّ ينبري لمجاهد
في الحق ما جفَّت له أقلامُ؟! (1)
لو كنتُ في النّادي لجَلْجَلَ مقولي
ولما تجرّأَ ذلك الشتّامُ!
ولَزَمْجرَت لي في الحضور شقاشقٌ
أنت الذي بجنونِها عَلاَّمُ،
فجلال "يوسف" شامخٌ هيهات أن
يخفى، وأن يرقى إليه الذّامُ
ومقامُه في العلم لا يسمو إلى
عليائه إلاَّ الفتى المقدامُ،
هو للمنابر حبرها وخطيبها،
فإذا تحدَّث أصغتِ الأفهامُ،
والشعر كم في روضه ماسَتْ له
غِيدٌ، وكم صدحت له أنغامُ
ومحافل الأدباء تشهد أنه
خرِّيتُها، والناقضُ البرّامُ!
شرسٌ إذا ماريتَه؛ لكنَّه
للحق يخضع؛ كلُّه استسلامُ؛
فانفُثْ على من عابَ قدرَك أو هذى
رفثَ الحديث وما عليك ملامُ
واعذر غريباً جفَّ نبع بيانه
من طول ما انصهرت به الآلامُ
في جوفه حرقٌ تذيب ضلوعَه،
ولها وجيبٌ مقلقٌ وضرامُ؛
ولسانه معقودة يبستْ بها
شُعَبُ الحروف.. فلا يُطاق كلامُ!
يا ويحه لا النطق أسعفَه، ولا
يأسٌ أراح، ولا شفاه حمامُ!
سهران "يَلْبَحُ" وحده؛ والناس في
غفلاتهم لا يشعرون نيامُ..!
لولا مصابرة الحياءِ لخانه..
دمع له في خدِّه تسجامُ؛
ولَصَاح: وَاحَربا؛ فلا دينٌ، ولا
دنيا.. ولا عَرَبٌ، ولا إسلامُ!
كلاّ؛ ولا "الأقصى" بقبَّتِه هو "الأقصى"؛ ومسجدُه الحرام حرامُ!
والنيل يفهق بالنجيع فقد قضى
"رمسيسُ" لمّا "هَادَتِ" الأهرامُ!
* * *
يا "عزِّ دين الله" أيُّ هدايةٍ
تُرجَى لمن في قفرتيه هاموا؟
ركنوا إلى أطماعهم، وتمزَّقوا
شيعاً، لكلٍّ رايةٌ وإمامُ
مردوا على طعم الهوان فأخلدوا
يتثاءبون كأنهم أنعامُ؛
والناس؛ هذا تائهٌ ومشردٌ
خوفاً؛ وهذا في حماه يُضامُ
ولكم أديب قابع في سجنه
يدعو؛ وفي فمه البليغ لجامُ
"والمرء يهرب من أبيه وأمِّه
وكأنَّ وصلهما له إجرامُ"
وذئاب "إسرائيل" تسرح في الحمى
والعرض يُهتَكُ والحقوق تسامُ!
"شامير" يرقص عابثاً، وقد انتشت
"قُولْدَا" وعربد يضحك "الحاخامُ"!
والعرب في حرب الكلام أشاوسٌ،
ولكل قوم حجةٌ وخصامُ؛
هذا يكيد لِذا؛ وذا متربصٌ
حذراً، وذلك سلمه استسلامُ!
لولا المروة قلت: لا احتفلت بهم
دنيا. ولا رفعت لهم أعلامُ!
* * *
يا من تغرَّب في سبيل العلم لا..
يَعنيه إلاَّ الحقُّ والإِسلامُ
لبِّثْ قليلاً؛ خلف كل دجنَّةٍ
فجرٌ سيوقظ نورُه من ناموا
لك في "الرياض" أحبةٌ وأخلَّةٌ
وهمو لك الأخوال والأعمامُ
وليوسفٍ في كلِّ قلب منهمُ
ذكرى لها الإِعزاز والإِكرامُ
* * *
ولَعلَّ ما آذاك قولٌ كاذبٌ
قد صاغه متربِّصٌ نمّامُ!
"عبد العزيز" مقامه هيهات أن
يؤذَى الأديبُ بسوحه ويضامُ!
ماذا جرى قل لي؟ وهل حقّاً عوى
ذئبٌ به؟ أو شانَهُ شتّامُ؟
بروملي: 13/12/1406هـ
18 أغسطس 1986م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :548  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 609 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج