شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
578- من عصافير بروملي إلى حادي عيس الصحراء!
[بعث إليَّ الصديق الدكتور سالم اليافعي برسالةٍ طرّزها بأبيات نفيسة، مطلعها]:
"صافحتُ صوتَك في "الإِرْزِيز" مبتسما (1)
فهيَّج الشوق والأشجان والألما"
 
ومنها:
"أنا وأنت غريبا حسرةٍ وضنىً
نخادن الطرس والمشكاة والعلما،
أنا مع العيس في الصحراء أحلُبُها
وأنت في "كِنت" تحدو الطير والنغما،
* * *
وقد أجبت عليه بما يلي نثراً وشعراً:
صديقي الكريم: أحييِّك؛ ولقد وصلتني رسالتك فأثلجت صدري، وثبَّتت يقيني بخيريَّة الإِنسان ونقاوة فطرته؛ التي فطر الله الخلق عليها، ولكنك أخجلتني حين ناديتني: "أستاذي" وأنت العالم الطبيب مهندس الألسنة والحناجر والأنوف والأسماع، وخريج الجامعات، وأنا تلميذ مكاتب "صنعاء" وزوايا مساجدها.
سلمتَ يا ابنَ "حجافٍ" مثلما سلِما
مَن في "أزال" يصون العهد والذممَا
أنت الطبيب الذي يشفي العليل، وفي
جراب حكمته ما يقتل السَّقمَا
فكيف بالشعر توري جذوةً خمدت؟
وهَلْ، لكي تستعيد اللَّفح والضرمَا؟
وهل وقفتَ على دائي الدخيل؟ وهل
بالشعر تطمح أن تستحييَ الرِّممَا؟
وليس دائي في أنفي وحنجرتي
لكن بقلبي قد استشرى وقد جثمَا
* * *
ولو أفاق "ابن سينا" قال مبتسماً
مهلاً؛ فلا طبّ يشفي اليأس والهرَما
إن الشباب لُبابُ العمرِ يغنمه
من كان حرّاً شجاعاً قادراً فَهِمَا،
وقد حلبتُ من الأيام أشطُرَهَا؛
نُعَمى وبُؤسى بحبل الصبر مُعتصِمَا
وأنت يا "سالم الوافي" تمثل في
زماننا شعراء العلم - لا جرمَا؛
وقد بلغت وفاءً ما يقدّسه
أهل الوفاء، وقد جاوزتهم كرمَا،
ما زلت بالصوت ترعى ضيغماً حردت
عليه غابته، أو عافَها سأما،
يكاد إن هتف "الإِرزيز" يسمع في
هتافك الصدق والإِخلاصَ والشممَا
فتسبح الروح في ذكرى شبيبتها
وتنتشي وتبيد الهمّ والألمَا،
وأنت تعرف ما في الصدر من حرقٍ،
وأنت تعلم ما قد كان وانصرمَا،
وأنَّ خنجرُ غدرٍ كان يصقلُهُ
من كنتُ أحسبُه ردئاً ومُعتَصَمَا،
* * *
قد التَقَينا وأقسمنا اليمين على
دستور عدلٍ يصون الحق والذِممَا،
لكن ما آدني؛ بل ما ورى كبدي
أن الذي خاننا من ألَّف القسمَا!!
لذاك هِمتُ؛ ويوم الحشر موعدنا
وقد أقابلهم في الأرض مبتَسما؛
* * *
أن الذي رغم أخطائي وعجرفتي
لم أعرف الغدر في عمري ولا النَّدمَا،
مع العصافير يحيى في الصباح، وفي
مسائه راضياً يحيى مع العلما،
"سقراط" و"المتنبّي" و"الشّريف" ومن
يحاورون "عليّاً" سيِّدَ الحكمَا
وصوت "شوقي" يغنّي "رِيم قيعته"
و"الرافعي" وحيُه يستنطق "القلَما"
ولا يبال خلافاً، أو يخاف سنى
زهور الجديد، ولا يستحقر القِدَمَا
الكلّ من طينة غبراء لوّنها
من لوَّن الزهر والأضواء والبُهُمَا
نعم ومن لوّن الصِّيد الملوك بلا
تفريق؛ من شيد "الإِيوان" أو "إرمَا"
* * *
يا ابن الوفا؛ أنت في الصحراء تحلب ما
ترعاه؛ عيِساً كما قد قلت أو غنمَا
و"كِنتُ" ليس بها عيساً فأحلبها؛
قد كاد جوفي يُشْوى لوعةً وظمَا
النُّوق أرحم من هذي الطيور إذا
عطشتَ، بل هي أغلى مضرباً وحِمَى،
سلمتَ يا "سالم الوافي" تظلُّك من
عناية الله سحبٌ تمطر النِّعَمَا
وتستضيفك نخلات "الشيوخ" وفي
ظلالها تتحسى قهوة النُّدَمَا،
من تلْقَ منهم تقل لاقيت أسمحهم
كفّاً فقد جاد حتَّى أخجل الدّيمَا
وكلّ أنسابُهم تُنهى إلى سلفٍ
قد عاش في "مأربٍ" يوماً وقد حكمَا
وها هم اليوم يُعْلُون الذي انهدما
من السّدود ويبنون الذي انحطمَا
لهم من الشعب محمود الثناء كما.
يثني عليهم رئيسٌ يحمل العَلَمَا .
واقبل تحيَّة من لو بثَّ لوعته
لأحرق الكفّ والقرطاس والقَلَمَا..
بروملي: 31 يوليو 1986م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :397  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 608 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.