الأسى أنقضَ ظهرَهْ |
بعدما أنفدَ صبرهْ |
والهوى مـن بعـد مـا أضـ |
ـناه قد ضيَّق صدرهْ |
والتمادي في الخطايا |
علناً؛ شوَّه ذكرهْ |
في هجير (الفكر) قد |
صلى خيال الشعـر مُكـرهْ |
فسقاهُ العسرُ يسراً |
وحباه اليسرُ عسرهْ |
فهو في نكبته.. يرثي |
بشعر الدمع شعرهْ |
ويغني (البغض) لحن |
الحب في أرخم نبرهْ |
ويشيد (الحلم) قصراً |
فيهدُّ (الصحو) قصرهْ |
ويصوغ الوهم (فكراً) |
فيذيب (الشك) فكرهْ |
وانثنى يقطف من شـ |
ـوك الأسى واليـأس زهـرَهْ |
وينادي صوته التَّائِه |
كي يحمل عُذرهْ |
لصبايا الأمس من |
ملَّ ومن يهوى ويكرهْ |
"أسفي أني" عشقتُ |
الحسن من أول نظرهْ |
قدَّسَته نزواتي |
دون أن أعرف مكرهْ |
هو كـأس الحـب؛ حسـبي |
أنني أنفدْت خمرهْ |
لم أضيع من ملذات |
الصبا مِثقالَ (ذرَّهْ) |
قد شربـت الكـأس حـتى |
لم أدع في الكأس قطرَهْ |
فإذا جُنَّت رياحي |
سلم (الملاّح).. أمرهْ |
وحنى الرأس خشوعاً |
باسماً يلثم قبرهْ |
سـوف تبكيـه نجـومُ الليـ |
ـل إشفاقاً، وحسرهْ |
وإلى (مَرْمَرِ) مثواه |
سيُهدى الشعر زهرهْ |
وينوح الليلُ حتى |
تذبحَ الآهات صدرهْ |
ويئنّ الأفقُ حتى |
توقظَ الأنات فجرهْ |
* * * |
(أسفي أني)! قد كنتُ |
(عصيَّ القلب)؛ مِدْرَهْ |
نافستني (عبقرياتُ) |
زماني.. مكفهرهْ |
فتشامختُ.. ولمْ ألقِ |
عليها أي نظرهْ! |
وقطعتُ الشوطَ؛ كالـ |
ـفارس لا يُهمـلُ حُضْـرهْ |
لا يخاف (القيل والقال) |
ولا يرهبُ (غيرهْ) |
لا يُبالـي مـا أمـامَ (الشـ |
ـوط) من (لغـمٍ) وحفـرهْ |
* * * |
لم أكن أجهلُ لؤمَ الد |
هر؛ أو أنكر غدرَهْ |
غير أني؛ صلفاً حيـ |
ـناً وإغراقاً، وغيرَهْ |
بشبـاب العمـر قـد أعجـ |
ـبت؛ واسترهبـت سحـرَهْ |
وبروح (العدل) قد |
آمنتُ؛ واستعظمـت قـدرهْ |
وإذا بـي في حُطام |
لقصور مُشمَخِرَّهْ |
تتهاوى كجبال الثلـ |
ـج في أرهب صورَهْ |
عندمـا (تستقطـب) الشمـ |
ـسُ ويوري الصيـف حـرَّهْ |
وأنا كالسائح السا |
بح في بحر المجرَّهْ |
ليس لي؛ إلاَّ بأن |
أمنحها آخرَ.. نظرهْ |
* * * |
(أسفي أنـي) عَرفـتُ النـ |
ـاس والكون وسرَّهْ |
خيرَهُ الوارفَ قد |
جرَّبتُ والشرَّ وضرَّهْ |
وتمتعتُ بما لا يستطـ |
ـيع الشعرُ شكرهْ |
وعرفتُ الجاهَ والثر |
وةَ، والنهي، وأمرهْ |
وخبرتُ الذلَّ والنَّكـ |
ـبةَ، والفقرَ، وكفرهْ |
وشربتُ المرَّ ألوا |
ناً وأدمَنْتُ أمرَّهْ |
وتضجرتُ على الأرض |
وأضجَرت الأسرَّهْ |
وتطامنت سلاماً |
وتذللت.. مبرّهْ |
وتعاليتُ ادّعاءً |
وتباهيتُ مسرهْ |
لم أجد في الخلق مَن |
أخلص للخالق سرهْ |
دون أن يخشى عقاباً |
دون أن يطلب أجره |
عشت في عصر رهيب |
حوَّرَ الذرَّةَ جمرهْ |
وأعاد الماء ناراً |
وأحال العجزَ قُدرهْ |
وأذلَّ العِزَّ علماً |
وأهانَ الجاهَ خبرَهْ |
عصْر حاناتٍ، ورقصٍ |
وترانيم، وخمرهْ |
وشعاراتٍ، وأحزابٍ |
وأرقامٍ، وثورهْ!! |
ليتني كنت بليداً |
ليس يـدري كيـف يكـرهْ |
أنا من ضيَّعَ -كالملاح |
- في الأوهام عمرهْ! |
خبطتْ أيام عمري |
في متاهات المضرَّهْ |
خبْطَ عشواء يناجي |
حلمها الغيثَ وقطرهْ |
كاد فيها القيظ أن |
يفنى وأن يقتلَ حرَّهْ! |
ويودّ العشبُ لو |
أضحى رمالاً مقشعرَّهْ |
وكثيبُ الرملُ لو |
أمسى مـع الأنجـم صَخـرهْ |
(أسفي أني) عصيت |
الحب واستصغرت أمرهْ |
وتمرَّدت على أحلا |
مه؛ واغتلت عِطره |
* * * |
أنا هيمان يداري الـ |
ـخطو في آخر عثرهْ |
حوله الآمال صرعى |
قد قضـت همّـاً وحسـره |
والفنا يلهثُ شوقاً |
وله يفتحُ.. قبرهْ |
وجياعُ الدودِ في ذرّ |
اته ترنو، وتشرهْ |
* * * |
يا مجاعات المنايا |
هاكِ مَن أنفدَ دهرهْ |
لكِ طفلاً، ويتيماً |
وفتى كالنجمِ؛ شهرهْ |
هاكِ من قصته في الأر |
ض ملهاةٌ وعبرهْ! |
وسلاماً أيُّها الليـ |
ـلُ الـذي ضيَّـع فجـرهْ |
لتني أسطيعُ أن أز |
رع في صبحكَ زهره |
* * * |
قد عبدتُ الحقَّ إيمـ |
ـاناً وإدراكاً، وفطرهْ |
فتسامَى بي وأحببت |
الذي قد كنت أكره |