فِلَسْطينُ نادتْ، فاستجابَ نداءَها |
بها ليلُ لا يغْشى الهوانُ فِناءَها |
تمحّصنا بلوى، ونعلمُ أنَّنَا.. |
إذا استشْرت الأرْزاءُ كنَّا وِقَاءها |
بأهْلي ومالي، بل بقلْبي ومهْجَتي |
فِداء، وما شيءٌ يكون فداءَها؟ |
مخضّبةٌ عذْراءُ، طاح خمارُها |
وجرّت على سوء الخطوبِ رِداءَها |
إذا ما بكتْ ناحتْ عليها كواكبٌ |
من الأرض، فاسْتبكتْ عليها سماءَها |
يجور إليها البدرُ عن سَمْت بُرجه |
وتَمنَحُها شمسُ النهارِ ضياءَها |
إلى أن أرتْ عين العمي مصابَها |
وأسْمَعتِ السمع الأصم بكاءَها |
* * * |
أنَقطنُ فيها، ثم تُعطى لغيرنا؟ |
ولم يك محضُ الجَور في ذاك داءَها |
ولكنّها عُوج العقول إذا التَوَتْ |
أطالتْ أذاها، واستثارتْ عَناءَها |
إذا قورعوا بالمنطق الفخم جَعْجَعُوا |
كحُمرٍ أباليسٍ أجدّتْ عُواءَها |
ترى في بريق التبْر أبلغ حجةٍ |
فما بالها؟ أفنى الإلهُ حياءَها |
وهدّم بنْياناً أقامت دعامه |
فإنّ بناءَ الظلم أرسى بناءَها |
* * * |
(وهنْدية حمراء) في عُقر دارها |
أفاضتْ عليها الكارثاتُ شَقاءَها |
أتَوْها عِزِيناً من قَبيلٍ وأُمَّةٍ |
فداسوا ثَراها واستباحُوا فضاءَها |
إذا أوسَعوها نَقْمةً في جنانها |
مضَوْا في حِماها، فاستزادوا نَماءها |
لو اطّرِد المقياس يوماً لمزقت |
طُلىً من دهاقين العُلوج إزاءَها |
وخليتِ النكْداء في مستقرها |
تصفّقُ من نهر (المسيسبي) أناءَها |
* * * |
بني العَرَبِ العرْباءَ ما كنتِ أمةً |
تُطيل على شؤْم الرَزايَا ثَواءها |
إذا نسيَتْ بعض الليالي -فَخَارَها |
فما نسيَتْ -طول الزمانِ- إِباءَها |
تذلّ على مسّ الهوان حُطامها |
فإنْ أردفتْ أخرى أذالتْ دماءها |
فسووا كما تهوى النفوس قَضَاءكم |
وردّوا على زُرقِ العيون قضاءَها |
إذا امتنعتْ في الحرب أسوارُ خيبرٍ |
فإنَّ عليّاً والكُماةَ وراءَها |