حُييتَ من جبل أشمٍ شاهقِ |
من معجبٍ بك في جهادك وامِقِ |
وعليك أرْزامُ الغمامِ ونَوْؤُه |
يَسقِي تُرابَك تحت ذيل البارقِ |
يَمتَدُّ طولَ معاصم وسواعد |
ويزيد عَرْضَ مناكب وعواتقِ |
تَثِبُ الجبال إلى الحلوق ويرتَمي |
وتدك بين منادح ومَضايقِ |
ويَظلُّ في اشمِخْراره متحديّاً |
جذْلانَ قيدَ الشاطىءِ المتعانقِ |
لو كان صلباً لاسْتلاَنَ لقارع |
أو كان رُوحاً لاستجابَ لعاشقِ |
لكنّه ذو هِمّتينِ فذادتَا |
عنه ونهْنهتَا سِهامَ الراشقِ |
فتمهّدتْ جَنَبَاتُه في أهله |
واستحصدتْ عَزَماتهُ من (طارقِ) |
ونَفخْت بابن زيادَ في هَضَبَاته |
روحاً يَطيح بكل طَوْد سامقِ |
* * * |
الساخرُ الجبَّار والدنيا على |
قَدَمينِ بين مكاشِفٍ ومنافقِ |
هذا يُخالصُه وذاك مخاتِلٌ |
حَنِقٌ يثبّطُه دبيبُ السارقِ |
فَهَزأْت أعظَم ما هزأْتَ بكاذبِ |
ومحضْت أحْسن ما محضْت لصادقِ |
مَنْ خَالَ أنّك ضقْتَ ذَرْعاً بالعِدى |
لا لنْ تضيقَ بهمْ ولسْتَ بضائقِ |
حَشَدوا الجنودَ ويمَمّوك فيالقاً |
مشدودةٌ أعضادُهم بفيالقِ |
ببواخرٍ عبْر البحار مواخرٍ |
وسفائنٍ فوقَ الهواء سوابقِ |
تُلقِي عليك من القنابل وقْرَها |
وتعيثُ فيك بساحِق أو ماحقِ |
ما قَرْطسَ الرامي ولا غنَّت له |
ثَكْلى مُولْولة بلحن شائقِ |
ورددْت غَرب سهامه في نحره |
ومنعْت منه بعاصم أو عائقِ |
والكونُ أَجْمعُ مبصِرٌ متربص |
يرْنو بقلب واجفٍ أو خافقِ |
صبرْ يُماطُ به الأذى وفريصة |
ترفَضُّ كالمسك الذكيّ لناشقِ |
وشَكيمةٌ ندرَتْ نظائرُها على |
مر العصور وكرِّها المتلاحقِ |
* * * |
ها قدْ أراني والزمانُ على مدىً |
والشمسُ تُؤْذن في الصباح بشارقِ |
وكتيبةُ ابنِ زيادَ فوق أديمه |
والسُفنُ بين محرّق أو غارِق |
ورنَا إليهم ثم أَرسلَ صيحةً |
نكراءَ ذاتَ حفائظ وشقائقِ |
أَعْظِمْ بأكْرمَ ما دعى متلقفٌ |
عن قائل أو سامع عن ناطقِ |
ومشَوْا كما تمشي الروائسُ من عَلٍ |
وكأنهم يطؤون فوق نمارقِ |
ومضى العدوُّ مولّياً أدْبارَه |
متفيئاً ظلّ الغرابِ الناعقِ |
* * * |
الدهرُ دهرُ تَحَوّلٍ وتعقب |
يزجي الحياةَ على جناح الباشقِ |
خَبَّ الزمانُ بقائم أو نائم |
ونبا المكانُ بأشْيَبٍ ومراهقِ |
تَعِستْ حياةٌ لمْ تكنْ لمجازِفٍ |
ثَبْتِ الجنانِ بكل أمرٍ حاذقِ |
* * * |
يا نائماً والناسُ تأْرقُ حوله |
سَيَرى النؤومُ مدى احتكامِ الآرِقِ |
ارفَعْ قَذَالَكَ لا أَبا لك وانْتَبِهْ |
لم يبْقَ دونَ الفجرِ غَيرُ دقائقِ |