شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(58) ابنتي الحبيبة أم هاني
عندما، قرأت لك أسبوعيتك، كانت المفاجأة، أكثر مما أنتظر، ويخطر لي الآن أن أسألك، هل هي وليمتك الأولى للقرّاء؟
لا يدهشك أن تعرفي أن الذي اكتشف الوليمة لم يكن واحداً منّا.. كان صديقاً، وتبعه صديق آخر، وكان الخبر مقروناً بإعجابهما.. لم يكن الأمر، هزلاً ولا مجاملة، وإنما كان تقديراً جاداً للوليمة الفاخرة.
وسرت العدوى في مفاصلي، ووقعت في حبالة الإعلان.. وهكذا، قرأتك متأثراً بعامل نفسي وذهني من أقوى العوالم التي كشف عنها اتساع مدى المعرفة في عصرنا الحاضر..
في دقة وبغير تفصيل، كانت وجبة شهية ممتعة، توفر لها من حسن الذوق وجمال العرض والتنسيق ما جعلها تتفوق على الوجبات المثقلة بالألوان الكلاسيكية، إنها مائدة عصرية، كل جزء منها يشبه باقة من الزهور انتقتها يد مدربة.. النكتة الخفيفة.. اللمحات الذكية.. الابتسامة الجذابة، اللفتات المتألقة التي يظن كل ناظر أنها موجهة إليه وحده..
إن علاقتك بتويني، وشو وبأمثالهما من العواجيز الممتازين، يدل على أن نجاحك مع القراء سيكون باهراً، ولكن حذار أن تخطئي.. فمن المعتاد أن يخسر الإنسان بسرعة من يكتسبهم بمجرد الفهلوة العابرة..
ليس هاماً أن يبدأ الإنسان من أي مستوى، فالسفح دائماً هو أول المستويات، ويمكن أن يظل الإنسان مرتبطاً به ارتباطاً أفقياً.. الصعود يقتضي الانتباه والتفكير، فالسؤال هنا.. ليس كيف أصعد، وإنما ماذا ينبغي، أن أفعل لكي أحتفظ بمستواي الجديد.. ولكي لا أتدحرج؟.
أنت الآن كاتبة، والقراء لا يتسامحون، ولا يغفرون عندما تقدم إليهم وجبات أقل إمتاعاً مما اعتادوا، وأحياناً مما يتوقعون،.. لغتك وأسلوبك في نثر الأطباق على سطح المائدة كان خروجاً عن التقليدية الرتيبة، ولا بد، من أن يحدث انفجار عام بين القارئين والقارئات.. وجه الغرابة فيه، أنه اتخذ من مجال الجد المحض، معرضاً للنكتة.
الصحيفة اليومية تجد مبرراً، لأن تختص إحدى صفحاتها بالفكاهة، أما الصفحات الجادة كالأولى، والأخيرة، فلا مجال فيها للنكتة باعتبارها غرضاً مقصوداً، لا ضمنياً مندرجاً.
أعتقد أن الناس الآن على استعداد لتقبل هذه الفروق وهضمها على أنها من ألوان التجديد الذي يزداد تقديره كلما ازدادت نسبة الجرأة والغرابة فيه.. الفكاهة ليست النكتة.. النكتة فرع من الفكاهة.. وإذاً فالذي أعنيه هو النكتة -الفارس- (النكتة التي يخاطب بها الذهن أو الفكر أو العقل) نكتة برنارد شو، الزهور ورؤوس الأطفال فكاهة، وليست نكتة..
خفة الروح، التي يمتاز بها أسلوبك، والسخرية الخفيفة، فكاهة يتشبع بها الذهن أو الروح والأسلوب وتفيض في ما يكتب ويقال، ويعرض.. ليست النكتة شيئاً من هذا.. النكتة الفارس لها مواضعها الخاصة..
لكل صناعة تقاليدها التي تفرضها ظروف الممارسة، وتجاربها، وتغيراتها المستمرة..
سيتكيف القراء لما تكتبين، وستتكيفين أنت، لما يضمن رضاءهم وإقبالهم على ما تعرضين.
هناك دسائس تدور في الخفاء، بين أفراد الحرفة، حتى المسؤولين يدس بعضهم لبعض، ويضيق بعضهم ببعض، وفي المثل الدارج -شحات يكره شحات، وعلمناهم الشحاتة سبقونا ع الأبواب..
وسبقونا ع الأبواب هذه تمثل لك الصراع على المكانة بين الجماهير.
مما يلفت النظر خلو الصفحة من الأخطاء المتعلقة بالشكل.. المحافظة على مستوى الدقة في هذه الناحية، يعتبر تزكية لك، -إلا من سوء استخدام لبعض حروف الجر والتعدية على ما أذكر الآن، والأمر ليس خطيراً على كل حال!! من وراء هذه المهارة يا ترى؟
ستصلك قريباً، أو بعيداً، مجموعة كبيرة من أمهات كتب التراث، ستمدك بذخيرة لا تنفذ، لنشاطك الصحفي.. أي لمادة النشر..
ومن الخير أن يخفف الضغط على أعصابك في هذه الفترة.. وأذكرك ببيروت والدراسة!
تمنياتي وتحياتي الطيبة.
والدك
حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :469  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 60 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.