شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(51) العزيزة أم هاني
طال إقناعي لك بلا طائل، بأن تخففي التزامك الكتابة إليّ، وإلى الآخرين، المنتشرين في آفاق الدنيا العريضة، لكي تتخلصي من الشعور بالاختناق، الذي ينعكس تأثيره اضطراباً، وانصهاراً، على حياتك كلها، وحياة من يجاورونك.
هذا في ذاته، قد يكون من الأخطار التي تأتي السيطرة عليها، إلى حد ما، ولكن؟.. أتكون عقيمة أم ستلد، وجامدة أم ستتطور؟ وبغير تعمق إلى أين؟
إن التزام، أي شيء مهما بلغ من الصغر والتفاهة معاناة ينمو الشعور بها باستمرار، وخاصة عندما لا تكون من ضرورات الحياة، الآلية، الحتمية، حتى المتصل منها بهذه الضرورات تثقل استمرارية على النفس والأعصاب وعلى المخ نفسه. نأكل.. نشرب.. نلبس.. ننام.. نمرض.. نقوم يومياً بما لا يصدق من الرحلات، من هذه الواوات، ماذا نأكل اليوم، صباحاً وظهراً ومساء، وغداً، وألف غد من بعده ومن قبله، وماذا نلبس وماذا نفرش، وماذا، وماذا إلى يوم القيامة؟ ولك يوم من أيام عمرنا يوم قيامة.
لا أريد أن أضع الرجل الصغير ولبنان وعلاقاتك بالآخرين في قائمة الجرد، فإنه من الأشياء الإضافية التي تسمى بكلمة ميزان.
ألا يكفي كل هذا أو بعضه ليحملك على تحديد موقفك، من الرسائل، التي تدور بينك وبين الآخرين، لا أنكر أنها دعاية طيبة، التأثير لحاضر الإنسان ومستقبله، أن يكتب الإنسان إلى كل من يعرف رسائل ويتلقى منهم مثلها توثيقاً لروابط الوجدانية، أو استثناء لها، لا أنكر ولكني أعتقد أن نشاطاً كهذا مجلبة للجنون أو سبيل من السبل إليه، عندما يضاف إلى ما تتخبط فيه حياتنا اليومية من جهود وعناء لكي تظل رؤوسنا فوق الماء لا تحته.
لن أعيد نصحيتي هذه مرة أخرى، إن الرسائل كالمنازل بالنسبة لمن تضمهم في داخلها، ليست تعبيراً عن الارتباط الودي بين النفوس والقلوب، إنها مظاهر فقط، تمثل واقع الحقيقة أو لا تمثلها.
هذه ليست تهماً لك ولرسائلك ولا اتهاماً لي ولرسائلي، ولكنها صورة تساعدك على التحرر من التزام ما لا يلزم.
كان صمتك هنا وهناك وتقلصك أمامي هنا أبلغ الرسائل تعبيراً عما تعانيه في داخل نفسك وداخل أعصابك، ورأسك، وكنت أنت كما كنت أنا هاربين من المواجهة خائفين أن تفرض المواجهة علينا التزاماً لها أو لشيء يتصل بها ويتولد فيها الهرب والخوف أكبر عوامل السيطرة على حياة الإنسان اليوم، الهرب من معركة الالتزامات، خوفاً من أن تحوله تحت الأنقاض، وحديث الأنقاض هذا يطول ولا ينتهي وأنت وأنا ومن أملي عليها رسالتي في أقصى الحاجة للنعاس.. طلباً للراحة من مشقة الحياة ومتاعبها شعوراً بها أو ممارسة لها.
قبلاتي وأشواقي وشكراً.
والدك حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :455  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج