شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(15) ابنتي شيرين
تلقيت رسالتك التي قطعت الطريق في أحد عشر يوماً.. يجب أن لا تضعي تاريخاً لرسائلك إلا يوم تقديمها للبريد.. ليس المهم أن تتأخر عندك ولكن أن تتأخر في الطريق..
أسعدني نبأ نجاحك بالرغم من أنه شيء متوقع..
لقد كنت خائفة وربما متوقعة ألا تنجحي.. وهذا يدلك أنك لم تحسني تقدير بعض الأمور بالرغم من أن لك عقلاً سليماً، وقدرة فكرية ممتازة..
كيف يتم هذا؟ لا بد أن تطرحي على نفسك هذا السؤال..
إنك تحاولين بغير وعي أن تضعفي ثقتِك بنفسك..
أليس هذا واضحاً في استسلامك لسيطرة بعض المؤثرات العابرة..
أنت هذا البيت فكيف تقدمين على هدمه لأنه لم يحقق كل رغباتك كاملة بلا نقص؟ عندما ينشأ في نفسك أنك مريضة ويتحول هذا الشعور إلى اعتقاد ثابت، فأنت تهدمين جسدك، وتوهنين قواك، وبالتالي فأنت بهذا تتخلين عن إرادتك، ودعامة حياتك هي هذه الإرادة..
إرادة البقاء.. وإرادة النجاح، وإرادة السعادة.. وإرادة الصحة.. إلخ.. إن اضطراباً بسيطاً في الكبد أو في الأمعاء، أو ضعفاً في الدم وكل ما يمكن أن يعترض انتظام حيوية الجسم والنفس -كفيل بأن يضعك أمام متاعب الشعور بعدم التلاؤم مع الحياة..
وعلى النقيض فإن تناول بعض الأقراص المحتوية على الفيتامينات المنشطة لخمول الوظائف الجسدية، يعطي فرصة للخلاص مما تشكين منه..
إن الإنسان يخطرف عندما ترتفع حرارته عن المعدل..
وأنت الآن تخطرفين لأن حرارتك النفسية والشعورية ترتفع في بعض الأحيان، لأسباب بالغة التفاهة؟
كلمة.. إشارة عابرة.. تفاهة تعيرينها اهتمامك، وهمّ تدعينه يسيطر عليك بلا رحمة.. لماذا تتركين لهذا أن يرفع حرارتك؟! ألكي تخطرفين وتستحيل الخطرفة عادة حتى عندما تختفي أسبابها..
ألست بقدرتِك العقلية والفكرية والثقافية، وبالمعرفة التي تنمو وتتكامل، مثيرة للآخرين.. لإعجابهم أو لحسدهم.. أو لغيرتهم، فيجعلونك هدفاً لتفاهاتهم العفوية أو المقصودة؟!
لا تشعري بأنك مهددة.. فلستِ ضعيفة إلا عندما تتخلين عن الثبات والإرادة والمرح.. لا تفكري في التقهقر.. فالتقهقر انسحاب من موقف الثبات.. لا تخافي مما يأتي.. حولي واقعك إلى مسرة ومرح..
كنت تخافين أن لا تنجحي.. وقد نجحت.. فأعِدّي نفسك لنجاح مستمر تحققين به ذاتكِ وإرادتك.. لا تشتكي من الآخرين للآخرين.. الشكوى من المرض لا تزيله.. إذا شئت أن تقولي شيئاً قوليه لي.. واقترحي الحلول ولا تُقْدمي عليها.. اعتبريني صديقاً أو مستشاراً..
الذين يسمعون شكواك لا يسكتون عليها.. لأنهم لا يستطيعون كتمانها.. إنك ترين آخرين يبدو أنهم حققوا سعادتهم لأنهم هكذا يظهرون أو يتظاهرون.. أنت أيضاً يجب أن تضحكي وأن تتظاهري بالسعادة..
وجّهي نظرك إلى صحتك الجسدية وستجدين أن نفسك تخلصت من كل شعور غير طبيعي..
إن هذا يكفي..
أود أن تكون رسالتك القادمة مليئة بالمرح وببعض النكات الساخرة.. وبالمناسبة..
أصيب ملك عظيم بالتوتر والقلق والأرق الدائم.. وحار في علاجه الأطباء.. وأخيراً أكد الحكماء الروحيون أنه لا يشفى إلا إذا لبس قميص إنسان سعيد.. وقامت الدولة ولم تقعد بحثاً عن القميص..
ومسحت المملكة من جميع أطرافها حتى وجد رجل ينام في ظل شجرة على التراب خارج قرية ما واعترف بأنه رجل سعيد، وطلبوا منه قميصه بأي ثمن وكشف لهم عن جسده.. واكتشفوا أنه لا يملك قميصاً.. وإنما يلبس ثوباً بالياً على جسده مباشرة.. وعرف الملك الرجل وقصته فزال أرقه وتوتره واستعاد قدرته على النوم.. أفهمت؟؟
إن سعادتك معك.. في داخلك.. فحذار أن تفقديها، والآن نامي أيتها الحبيبة وفكري بعمق في الإنسان السعيد الذي ينام في ظل شجرة.. ولا يملك قميصاً تحت ثوبه البالي لتعرفي أين وكيف ومتى توجد السعادة يا أحلى وأرق ابنة في العالم.. قبلاتي وتمنياتي.
ملحوظة:
إذا كنت في حاجة لأي شيء أخبريني.
هل أنت بحاجة إلى من يشجعك؟ لا تتذكري أني أبوك فقط.. بل إني مدين لك بالكثير.. وأقل ما في هذا الكثير أنك كنت وستظلين أماً لأخواتك.. أماً في أسمى وأروع صورها الإنسانية.. التزام المسؤولية!!
والدك
حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :513  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.