أتقولُ: قد طالَ الطريق؟ |
نَعَمْ: لقد طالَ الطَّريق |
وأيُّ شيءٍ لم يَطُلْ |
في رحلةٍ بدأتْ، ولم تَجِدِ الخِتام؟ |
الوَعرُ.. والوَعثاءُ.. والظَّلماءُ |
والأملُ البعيد |
والذّكرياتُ مضى بها |
عَبْرَ الفضاءِ إلى |
الظلام |
مدىً سحيق |
والأينُ.. والعَثَراتُ |
والزّمن العنيد |
نَعَم.. وسخريةُ النُّجوم بنا |
بأحلامِ العبيد |
تَخُوضُ معركةَ الظَّلام |
إلى سَنَى الفجرِ الجديد |
قلْ يا صديقُ |
ألا تَرى في حُلْمِكَ الفجرَ الجديد؟ |
أفلا تُناضلُ؟ يا شريدُ |
لكي تَراه؟ |
أفلستَ تَزرعُ في خيالِك |
عن هَواهُ.. وعن رُواه |
وفي رُباهُ ألفَ عيد؟ |
ولا تقلْ طالَ الطريق |
فلن يقصِّره الكلام |
واحمِلْ على قَدَميك |
واقتحِمِ الهجيرَ.. وليس فيه ما يُجِير |
سوى العَذاب |
خلالَ معركةِ السَّراب. وقلْ معي: |
طُلْ يا عذاب! |
وأيُّ شيءٍ لم يَطُلْ |
في رحلةِ الآمالِ.. والأحلام |
منذ حدا الشَّباب |
هُيامَه بِرُؤى الشَّباب؟ |
ما لِلرَّفيق يَئنّ..؟ |
يَزفِر كالغَريق؟ |
ويَميلُ عن نَهج الطَّريق...؟ |
أتموتُ قِصَّتُنا هنا |
عندَ المَضيق؟ |
أتموتُ أيامُ الكفاح؟ |
وتَضيعُ أصداءُ الجراح؟ |
والأُفْقُ راياتُ الجهاد؟ |
ويختفي حُلُمُ المَعاد؟ |
الواحةُ الخضراءُ، ها هِيْ والصَّباح |
يُضيءُ مثلَ دمِ الشَّهيد |
والجثَّةُ الملقاةُ في دَمِها |
على ذاتِ الطَّريق |
وَإذَنْ، فقط، سَقَط الرَّفيق |
وسمعتُ وَلْوَلَةَ الرّياح |
تَزِفُّ قافلةَ الهَجير |
ورأيتُ قافلةَ الهَجير |
تخوضُ معركةَ السَّراب |
فعرفت أنَّ الواحةَ الخضراء |
من وَحي العذاب |
ووجدتُنِي أرمي الطَّريقَ |
بنظرتي البَلهاء |
ماتَ على جوانِبِها سُؤال |
أينَ الرَّفيق؟ |
وسمعتُ قهقهةَ الطّريق |
تَشُقُّ أجوازَ الفضاء |
وتُهيبُ بي: |
ها أنتَ وحدَك في الطَّريق |
وعليكَ وحدَك أن تسير |
إلى النهايةِ مُغمَضَ العينينِ |
تَهتِفُ باللّواءِ وبالشِّعار |
وبدا السُّكونُ |
كأنَّما هو قصَّةٌ أخرى |
تَطولُ بلا خِتام |
وكأنَّما هو جثَّةٌ.. سَقَطت |
على ذاتِ الطَّريق |
سأسيرُ وحدِي بالطَّريق.. |
وحدي؟ |
نَعَم وحدي.. فَهِمتُ.. |
وكان حتماً أن أسير |
وأن أُجَدِّف للفَراغ |
لِهُوَّةِ العُمْرِ الممزَّق.. للمَصِير |
وهناك.. حيثُ الواحةُ الخضراءُ.. |
والفجرُ العتيد.. |
سأعيشُ مِلْءَ رؤايَ.. |
آلافَ السّنين!! |
بين المَلايين، الذين مَضَوا |
على ذاتِ الطّريق |
مُخَلِّفِين وراءَهم |
جُثَثَ الضَّحايا.. الأصدقاء |
تَدُفُّ فوقهُمُ الرّياح |
الحالِمينَ بكلِّ ما نَشدوه |
من حريَّة.. وسعادة |
كان السلامُ لواءَها.. ونداءَها |
وطريقُها.. هذا الطويل |
الأخرسُ.. القاسي |
الذي ابتلع الرجال.. |
وفرَّق الأحلامَ.. والآمال |
منطوياً على السرّ الرهيب.. |
سرِّ الغدِ المنشودِ.. والأملِ الكبير |
حُلمي، وحُلمِ الأصدقاء.. الأشقياء.. |
الذاهبينَ على الطَّريق.. |
لا يَعرفون سِواه.. منذُ تحرَّكَتْ |
أهدابُهم بِسَنى الحياة. |
في مَعزِل عنها.. فقد كانت هناك |
على الدَّوام.. تُتابِع السعداءَ |
واللاّهين عن مأساة |
مَن وُلِدوا.. ومَن عاشوا |
ومَن سَقطوا على ظَهر الطريق |
سأسيرُ ملءَ قوايَ |
مِلءَ اليأسِ.. من جَدوى التراجع. |
والتوقّفِ.. والسّقوط.. |
لا شيْءَ إلا أن أسيرَ |
وأن أشدَّ على اللِّواء |
يدي.. وأهتفَ للشَّعار |