شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
على الدرب
الصالونات الثقافية وتفعيل الحوار (1)
بقلم: مصطفى محمد كتوعة
خطوة مهمة أخرى لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، على طريق إرساء وترسيخ أسس الحوار وهذه المرة في الساحة الثقافية التي هي الوعاء الأوسع والطبيعي للحوار إبداعاً وفكراً. فقد أسعدنا المركز حقاً بتنظيم ندوة ((الصالونات الثقافية ودورها في نشر ثقافة الحوار)) التي انعقدت بمكة المكرمة لمدة يومين بمشاركة أكثر من أربعين صالوناً ثقافياً بالمملكة ومجموعة من الباحثين والكتّاب والمثقفين المعنيين بالصالونات والمنتديات على مستوى المملكة.
لقد ساهمت هذه الصالونات في الحفاظ على الحراك الثقافي منذ زمن، خاصة وأن بعضها انطلق منذ عقود، وارتبط بينهم وبين الثقافة والأدب علاقة عضوية، فكانت هذه الصالونات ولا تزال جزءًا أصيلاً من الساحة وأحد أهم روافدها، وأطلت من خلالها رؤى وأفكار اتفقت واختلفت دون أن تفسد للود وقيمة الفكر قضية، وبالتالي لم يكن من المنطقي أن تتواصل جهود تأصيل الحوار الوطني دون تناول دور هذه الصالونات، ووضعها تحت مجهر التقييم، مالها وما عليها لبلورة خطاها وإسهاماتها. لذلك تابعنا آراء مشيدة بها وأخرى ناقدة لجوانب قصور وملاحظات وكلها أجمعت على أهمية هذا الرافد الثقافي الفكري تجاه ترسيخ مبدأ الحوار الوطني بكل أطيافه وتعزيز الرأي والرأي الآخر.
أهمية الندوة تكمن في ما ناقشته وطرحته من محاور من دور الصالونات الثقافية في نشر ثقافة الحوار. أما أوراق العمل فقد عكست المسؤولية الفكرية والقناعة بضرورة إنجاح هذه الندوة والانطلاق منها برؤى واضحة. ولعلّي أشير هنا إلى ورقة العمل التي قدمها الأستاذ عبد المقصود خوجه بعنوان: ((أصالة التجربة الحوارية في الصالونات الثقافية في المجتمع)) تناول فيها تعريفات الحوار وبداياته التي نشأت مع بدايات اللغات، وخلفية تاريخية مفيدة حقاً عن الحوار الفكري الذي عرفته ومارسته مجتمعات الجزيرة العربية.
إننا مع ما أكد عليه الوجيه الأديب الأستاذ عبد المقصود خوجه بأن هذه المنتديات والصالونات واحات خيرة ونوافذ عطاء مهما تنوّعت أطرها وفعالياتها واختلفت نوعيات عطائها. وهذه التجربة والتواصل بين المثقفين لم تخلق مشاحنة أو بغضاء بين مختلف التيارات الأدبية. فللحوار قيمة عظيمة يقوم على تأصيلها مركز الملك عبد العزيز.. وعليه لا بد من أن تتسع قنوات الممارسة في كل مؤسسات المجتمع من تعليم وإعلام وأسرة، وأن نربي الأجيال على ذلك. ويكفي عندما نظرنا لدور التعليم، انطلقت نظرتنا من ضرورة أن يقوم على النقاش وإعمال العقل والبحث وحث ملكة التفكير وليس الحفظ والتلقين.. أيضاً عندما داهمتنا شرور الإرهاب اكتشفنا قدر حاجتنا إلى الحوار والقادم في عصر العولمة والمعلوماتية يحتاج منا إلى أرضية راسخة.
وأشير هنا إلى جانب من رؤية الأستاذ عبد المقصود خوجه عن معنى الحوار ورافده وسبل إنجاحه: بأن الاختلاف واقع لا مفر منه وقدر نافذ لا مندوحة عنه، وأمر فطري وطبيعي، وإن الحوار مع الآخر لا يعني أنه على حق، غير أنه ينبغي علينا أن نعترف بعضنا البعض ضمن المتفق عليه في الكتاب والسنة والأعراف السائدة. وإن الغلبة ونهاية الحوار قد تكون بالإقناع وسيادة الحق. أما اتخاذ الحوار كنوع من الإطاحة بالآخر فهذا أمر مرفوض، ولا بد من حسن الظن والتسامح بين المتحاورين.
أخيراً ـ وكما قال وأوصى ـ فإن المحاضن التربوية، ومراكز الأحياء، والإعلام بجميع جوانبه، والمجالس البلدية، والغرف التجارية، وأي تجمعات كانت، ونضج آليات ثقافة الحوار. كما يجب أن ندير حواراً إيجابياً مع أزواجنا وأولادنا وبناتنا داخل الأسرة. فالجميع مسؤولون عن ضبط لغة الحوار، والبعد عن كل ألوان التشنج والانفعال وتبادل التهم حتى نصل إلى مجتمع راقٍ ونزيه. أسأل الله التوفيق والرشد في حواراتنا الوطنية من أجل مستقبلنا واستقرار أجيالنا والحفاظ على القيمة العالية لثوابت هذا الوطن ومسيرته الخيرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :431  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 176 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.