شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عالم بلا حدود
رياح أحمد الشامي (1)
بقلم: فاروق لقمان
رأيته أول مرة في عدن شاباً ثائراً ينشد الإصلاح في بلاده حين كانت المملكة اليمنية المتوكلية في بداية الأربعينيات، زميل جهاد الأستاذ أحمد محمد نعمان عافاه الله والشاعر الثائر محمد محمود الزبيري والأستاذ زيد الموشكي رحمهما الله، وعشرات غيرهم ممن حملوا مشعل الإصلاح والصلاح. عرفت الأستاذ أحمد محمد الشامي أكثر فأكثر من خلال كتاباته وقصائده في ((فتاة الجزيرة)) جريدة صديقه والدي محمد علي لقمان، رحمه الله، قبل أن يغادر الجنوب المحتل آنذاك ويعود إلى وطنه، ثم يتركه أكثر من مرة حتى استقرت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر (أيلول 1962) ليعود عضواً في المجلس الجمهوري الخماسي الذي تولى سدة الحكم في الجمهورية الفتية شريكاً في عملية إعادة البناء، أو بالأصح في بناء صرح وطن من العدم، حتى عام 1971 عندما انتدب سفيراً لصنعاء في لندن ثم باريس حتى عام 1974 قبل أن يستقر به المقام في بيروت.
وهناك تعرَّض لمحاولة اغتيال وهو في سيارته كادت أن تودي بحياته إذ انطلقت رصاصة من خلف أذنه لتستقر على بعد شعيرات من دماغه. لكن الله لطف وشفي بعد أشهر ليعتزل العمل السياسي تماماً. وبعد أن منّ الله عليه بالشفاء التام اختار العيش في ضاحية بروملي بلندن ليكرّس جهده وعلمه للتحصيل والتأليف. فألفَّ المجلد الأول من قصة حياته الحافلة ((رياح التغيير في اليمن)) غطت سيرته حتى عام 1955 منذ مولده عام 1924 في مدينة الضالع اليمنية التي احتلها البريطانيون وضموها إلى الجنوب العربي المحتل آنذاك. ولا تزال تشكّل جزءاً من الجنوب اليمني، وغداً إن شاء الله من اليمن الموحد.
ثم التقينا في جدة في ندوة (( الاثنينية )) الراقية التي ينظِّمها الأديب الصديق عبد المقصود خوجه مساء كل اثنين ويدعو إليها لفيفاً نفيساً من محبي الإبداع في كل الدروب من الأدب والتاريخ إلى الإدارة وفنون العمارة والريادة في كل مجال. واتفقنا على موعد قريب، وسألته عند لقائنا في مكتبي بعد أيام عما يشغله الآن وقد جاوز السبعين فأجاب بأنه قد انتهى لتوِّه من المجلد الثاني من الرياح، يشمل المرحلة الثانية من عمره ومن زمانه حتى اليوم. وهي الفترة التي اشتغل فيها بالسياسة والدبلوماسية ونظم فيها جميل شعره وسجل فيها ما تعلمه من الدهر وأهله. وكان قبل ذلك قد أصدر عدة دواوين شعر منها ((حصاد العمر)) و ((الحنين)) و ((أطياف)) كما ألَّف في الأدب اليمني ((نقد وتاريخ)) و ((الشعر اليمني المعاصر)) وسفره الكبير ((تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي من 132 إلى 700 هجرية)) في أربعة مجلدات.
وقلت له، لقد أحسنت صنعاً، فقد جبلت على الدرس والتحصيل وتركت ما سيبقى على مر الزمان إرثاً يمنياً غالياً لا يزول بزوال المتاعب والسفارات ورئاسة الجمهورية ـ فأنشدني يقول:
من ينبئ القوم شطّت دارهم ونأتْ
إني رجعت إلى كتبي وأوراقي
عفت السياسة حتى لا ألم بها
وقد رددتُ عليها كل ميثاقي
لأنها جشّمتني كل نائية
وأنها كلفتني غير أخلاقي
وقال هل تدري أنك كنت دافعاً قوياً لي لكتابة ((رياح التغيير في اليمن)) في مجلدين؟ قلت لعلّني نسيت. قال اقترحت عليّ ذات يوم أن أسلسل مذكراتي في جريدة ((الشرق الأوسط)) لحفظ جزء ثمين من تاريخ اليمن العزيز منذ الأربعينات حتى اليوم للأجيال القادمة.
((وبعد عودتي للوطن بدعوة من الرئيس علي عبد الله صالح وما لقيته منه وأخدانه من حفاوة وتكريم عام 1985 قررت تنفيذ اقتراحك بصورة موسعة)). وبالفعل نفَّذه في ألف وستمائة صفحة.
فشكرته وسألته عن بيت أو بيتَيْ شعر نظمهما وظل يترنّم بهما دائماً فلم يتردد لحظة واحدة قبل أن يقول:
ستندبني عصافيري إذا ما دعاني في رحاب الخُلْد داعي
وتنتحب الهزارى والقماري وتحتفل العقارب والأفاعَي
 
طباعة

تعليق

 القراءات :449  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .