شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(101) (1)
وتعلقت صباح اليوم في الفضاء.. قاصداً الرياض.. ولا أستطيع أن أحدد الفوقية.. جاذبية.. بالنسبة للأرض.. ولا التحتية.. علمياً.. بالنسبة للسماء.. فنحن ننام الليل حين يعيش سوانا فيه.. النهار.. من سكان هذه الكرة.. وليس هذا بالهدف الآن.. على كل حال.
ورغم تعلقي بالفضاء.. وعدم تعلقي الشديد بركوب الطائرات.. فما إن أعلن المذيع أن قائد الطائرة البوينج هو الكابتن نهار.. وإنه سعودي كما علمت.. حتى شعرت أن لي يداً مباشراً في قيادة الطائرة وذلك بحكم الجنسيةالواحدة.. والفخر بها.. على أنني لاحظت أن وجه أحدهم قد تكرمش لأنه كان يحب أن يكون اسم القائد لها أعجمياً ممنوعاً من الصرف العربي.. فتطوعت بالتعبير له عن احتجاجي على حسن ظنه بالفرنجة وسوء ظنه بالعرب.. وقابلته بتكشيرة من وجهي جعلت وجهه في لون قوس قزح.. ولم أكتف بذلك.. بل مطيت بوزي.. ورقصت له حواجبي.. فلم يسعه إلا أن يقلب وجهه عني إلى الناحية المضادة.. دون رجعة..
ولقد عوّضني الله خيراً.. جزاءً لي على وطنيتي وحماسي الشديد لها.. فقد صادف أن كان جاري في الكرسي الثالث على يمين الماشي في الممر من يسار الداخل من الباب.. شاباً يرتدي البزة العسكرية.. فتقرطست في مقعدي أول الأمر.. ولم أتنحنح إلا لماماً وبقدر الضرورة.. ولكنه.. كالعادة بين الجيران.. بدأ بالحديث عن الجو وعن المقارنة بين القهوة والشاي.. وبحكم عداوتي المزمنة للصمت.. وحبي للمحادثة ولو بالأجرة.. إن لم أجد من أحادثه.. بدونها.. فإنه لم يكد يكلمني حتى فردت ساقي.. ودلدلت لساني.. وأخذنا وأعطينا الأحاديث بيننا..
ثم جاء تعارفنا عابراً.. وبسيطاً.. وطبيعياً في نفس الوقت.. فرحب بي بحرارة.. كشاعر مفروغ منه.. والعهدة في هذا عليه.. وهكذا اقتصر الحديث بحكم الكار على الشعر.. وقلت له: لا تستغرب إن قلت لك إن هناك تلازماً تاماً وقديماً ومستمراً بين الجندية وقول الشعر.. أو قراءته.. أو سماعه.. رغم البون الشاسع ظاهرياً بين الضارب بالمدفع.. وبين الضارب باللسان مثلي.. ولم يفتح الله علي للاستدلال للأسف الشديد إلا باسمي.. سامي البارودي وحافظ إبراهيم.. ولكنني بمرونة خبيثة أضفت.. وسواهما!!
وكلمة سوى ـ أو غير.. نعمة كبرى لذوي الذاكرة الضعيفة في حفظ الأسماء.. وإلا فكيف غاب عني عنترة بن شداد وزملاؤه العسكريون من شجعان العرب الأشاوس؟..
ولأول مرة.. في التاريخ.. رضيت عن شارة الشعر على لساني.. يهش لها صاحب شارة على الكتفين.. ووصلنا الرياض سالمين غانمين.. غير ((شاعرين)) بأية مضايقة.. أو أي مكروه.. وأعطيت لجاري كتفون السلاح اللازم.. غبطة وفرحاً به.. وبأمثاله الشبان.. يقبلون على الجندية بإقدام.. ويقفون نيابة عنا.. على خطوط النار؟!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :619  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 140 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج