شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(65) (1)
قابلني اليوم في مكتب خطوطنا الجوية السعودية.. صديق كريم.. تفضل إثباتاً لكرمه بأن طبع على خدي الشائك لمقاطعتي أياماً لشفرة جيليت.. قبلة.. أعتقد أنه أحس بوخز في شفتيه منها عقاباً له على تسرعه العاطفي غير البصير.. وقال إنه إنما يفعل هذه الفعلة الفاضحة شرعاً أمام الناس.. إعجاباً بما قرأه في يوم.. ورا.. يوم.. عن الفوطة!..
واستقر جالساً على كرسيه.. بعد استقرارنا نحن الذين كنا وقوفاً نمارس حالة السلام عليه.. والترحيب بمقدمه.. طازجاً من جدة.. متابعين الأسئلة كالعادة عن الجو بها.. وفي مكة.. وبالرياض.. وعن الأحوال الخاص منها والعام في الحدود المرسومة لا جديد فيها إلاّ الالتزام بها كحالة تعبيرية تقليدية عما يجب أن يقال في مثل هذا المجال.. مما لا يتعدى المناخ.. والطقس.. والوفيات.
ولكنه أهمل في إصرار عنيد كل ذلك.. وتشبث بقصر الحديث عن موضوع.. الفوطه.. ومدى الإخلاص لها من أمثالنا القدامى لا يعدلون بها.. في مباذلهم البيتية لباساً يرتاحون إليه.. وفيه.
وقد استعرضنا تاريخ.. الفوطه.. في بلادنا.. زياً أندنوسي الأصل ـ أو على حد تعبيرنا الذاتي ـ جاوياً.. متنوّع الأصناف من السمرندة.. إلى الفليكت.. إلى ما عداهما.. وكيف أننا بالعادة وبغلبة الاستعمال المستقل الشخصية.. قد أحلنا الفوطه في الحجاز.. وبالأخص بمكة.. وفي جدة.. والمدينة.. إلى لباس بلدي أهلي كجزء من تقليدنا البيتي التليد.
وكيف كان التفاخر في الماضي بالنوع الممتاز من الفوط.. والسمرندا منها بالذات موضع تنافس.. وزهو.. واعتداد.. وإن منها.. وقد يلوح أنه مندرج في باب المبالغة.. ما يمكنك أن تسلكه في الخاتم ليمر منه كأنه خيط حريري رفيع.. وإن منها ما يمكنك جمعه في قبضة اليد السخية طبعاً.. وإن منها ما يعيش السنوات الطوال العديدة ولا يبلغ منه كر الجديدين.. بل إنما يزيده على الأيام رونقاً وبهاء..
ووصلنا إلى ما وصل إليه تاريخ.. الفوطه.. في بلادنا.. إهمالاً شنيعاً من الجيل الجديد.. وسطوة عليه من الدخيل التقليد.. وانقطاعاً يكاد يكون تاماً عن وروده من مسقط وسطه.. لا رأسه بالطبع.
وذكر الصديق الكريم تعزيزاً لموقفي من الفوطة.. أعزه الله.. إنه يلبسهما في أوروبا.. وبأرقى الفنادق.. وتطرف على سبيل المداعبة.. فسرد بعض الفصول التي لاقاها من خدم الأوتيلات من الجنسين على السواء.. وعدم تصديقهما أن هذه الجونلا.. يمكن أن تكون لباس.. رجال..
وختاماً وقصراً للحديث عن الفوطة وعن تاريخها الملتصق بتاريخنا البيتي التصاقاً بنصفنا التحتي. والحديث طويل ومتشعب في هذا الباب.. فقد سردت له وللحاضرين ـ بطلب كالعادة.. زجلاً خاصاً بها ومصوّراً لحالة أحد أبنائنا من أبناء الجيل الحديث يصوّر كيف أنه أخطأ حين طلبت أمه منه إحضار الفوطة لأبيه.. فأحضر له المنشفة.. باعتبار مسماها المصري حيث كان يدرس هناك.. وقد نشر بجريدة عكاظ في حينه تحت توقيع. مودرن..
ومن القناديل القديمة.. اقتصرت على ما يخص الفوطة من حلمنتيشية تقول أبياتها في سبيل المقارنة بينها.. وبين البيجاما.. والزي البيتي المودرن لآن.. وبعد تحوير مرتجل اقتضاه الموقف:
وتبيجمت بعدما قد تفوطت
وليس التبجيم كالتفويط
رب بيجامة تقرطس فيها المرء
حراً في الجري والتنطيط
قد لهتني عن فوطتي ذات يوم
وحمتني من حالة التثبيط
بيد أني بفوطتي طول عمري
عشت عمري في خير طاط وطيطي
أنا منها.. كالموز لباً.. بقشر
أنا فيها.. كلفَّة القرنبيط!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :519  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 104 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.