شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(64) (1)
لقد اجتمعت اليوم.. مصادفة.. حيث أقيم الآن.. ببعض المواطنين وفرحت بهذا الاجتماع فرحاً يؤكد صدق ما قاله أمير شعرائنا الجاهليين العم امرؤ القيس.. وكل غريب للغريب نسيب..
ودار الحديث هادئاً ومرتباً ـ حسب المألوف.. وبلهجتنا المألوفة عن الحياة.. وعن اختلاف تكاليفها المادية في بلد عن بلد آخر.. وانصبت الشكوى من الغلاء الفاحش في هذا البلد العربي ومقارنة التكاليف فيه مرتفعة مثله بأوروبا.. أو منخفضة عنه بمراحل ببلد عربي آخر.
وتنوّعت وجهات النظر في الأمر.. إلا أنها كادت تجمع في مجموعها مقرراً بالأسلوب التقريري في الآتي:
أولاً ـ لقد درج مواطنونا على أن يعيشوا حيث كانوا. بأسلوبهم الذي لا يتغير.. صرفاً لا يقوم على برنامج مدروس الأرقام..
ثانياً ـ صعوبة أقلمتهم.. مهما كانت الظروف.. بروح البلد الذي ينتقلون إليه لأمد قصير.. أو طويل..
ثالثاً ـ وإن من حق كل مجاز.. أو مسافر في رحلة ترفيهية أن يعطي واجب الكفاية حقه من ((البحبحة)) المستحبة..
رابعاً ـ وأنه قد آن لنا أن ننظر إلى كلمة ((ميزانية)) نظرة جدية.. وجديدة.. فإن في مفهومها التطبيقي صمام الأمان.. وحفظ الكيان.
ولقد تعددت الأمثلة الفردية من كل مدلٍ بدلوه في الحديث عن حالات السكن والمواصلات وما يلحقهما من بنود الحياة اليومية.. وتطرق البحث بحكم صلة القرابة الوثيقة بينه وبيني الجيب.. إلى ذكر المثل القائل: أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب.. وهنا سرد أحدهم تجربة شخصية عاناها بنفسه.. وتقول:
درجت في حياتي على أن أصرف على نفسي وأهلي ما يصل إلى يدي الكريمة.. دون ألتفات أو علم بأن هناك طريقة أخرى تقابل طريقتي التي هي طريقة البلد التي نشأنا ودرجنا عليها وصادف إن كان لي صديق من محبي الأرقام ونتائجها.. وقد أحب بدافع من حبه إياي أن يلفت نظري إلى الطريقة الخاطئة التي أسير عليها.. وإنه يجب علي أن أقيد في دفتر صغير واردي ـ كأصل ـ ون أدوّن منصرفاتي بدقة.. حتى لا أؤخذ على غرة آخر الشهر من حيث المبدأ أولاً.. وحتى أستطيع ثانياً أن أتوفق لخير الطرق للتوفير وللضبط.. عملاً بالحكمة القائلة بأن القرش الأبيض لليوم الأسود.. وقد صوّر لي فعلاً هذا اليوم الأسود من خلال رسم كروكي بالأرقام للوارد والمنصرف صورة كريهة.. مفزعة.. حتى أقنعني تماماً بوجوب العدول عن أسلوبي القديم لأسلوبه الجديد.. ومضى أمد طويل وأنا في هلوسة حسابية.. ومضاجعة ليلية للأرقام في دفتري الصغير الخاص.. حتى لقد نشأت صداقات.. وبرزت عداوات.. لبعض الأرقام في خانات العشرات.. والمئات..
وتصوّر ماذا كانت النتيجة بعد بضعة أشهر؟.. لقد تحدد الأصل فعلاً بأصله الطيب.. واختفت بعض الحسابات الخفية والتي لا أدري كيف كانت تصل إليَّ.. وثبت المنصرف على حاله.. بل تعداه تحت اسم بند جديد أسميته.. عموميات.. وباختصار فقد اقتصر الأمر على ما في الجيب.. فقط لا غير زيادة. ولم يأتني ما في الغيب رغم حرارة الانتظار.. ومرارته..
وضقت أخيراً بما أن فيه من كرب.. وكنت قد عرفت الدين لأول مرة تحت خانة.. ذمامات.. وفي يوم صاخب قابلت فيه صديقي الحسيب.. صاحب المشورة.. وابتدأ هو يشكو لي سوء الحال.. فلم أدعه يكمل ما بدا يسهب في شرحه حتى أخرجت دفتري الصغير الخاص ومزقته إرباً.. إرباً.. وقذفت به في وجهه.. منذراً إياه.. بأنني عائد.. إلى عوائدي.. غير محدد الرزق برقم وقيد ودفتر منحوس..
وضحكنا باعتبار الرواية مبرراً كاذباً لما نحن فيه!! ووارثه..
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :517  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.