شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(63) (1)
حدثني أحدهم اليوم حديثاً طال.. حتى لقد راودتني نفسي مراراً أن أقطع حباله حرصاً على مزاج صفة المتواضع الطبيعي.. وخشية من ركوب جني الغرور على متن أكتافي كما يقول أصحاب المتون..
وخلاصة الحديث تدور عن قائل هذا الكلام.. فقد سألني: لماذا أتحرى أن أسجل خواطري المبثوثة هنا وهناك.. وأفكاري المنثورة المقروءة أو غير المقروءة.. باللهجة القريبة من العامية.. أو من لهجة الحديث الدارج.. في مجموعها؟! وذلك في الوقت الذي يعرف فيه أنني أجيد الفصحى إجادة تامة ممتازة.. كما يدل على ذلك شعري العربي الفصيح.. ومقالاتي السابقة.. واللاحقة إن شاء الله؟!
وصاحبي هذا.. صاحب الحديث.. من المستظرفين للأسلوب بل ومن المعجبين به كما ورد ذلك على لسانه وعلى عهدته.. ولكنه يريدني أن أكون غير ما أنا كائن إرضاء لتعصبه الشديد للفصحى.. لا لشيء إلا لأنها.. أكمل في اعتباره وأخلد!
فأجبته: لقد أخجلتم تواضعنا أولاً.. دون مبرر ودون لازم للأثقال على نفوس من سننقل لهم حديثك هذا. بحكم ثرثرتنا المعتادة. وثانياً وللتخفيف عليهم وعليك فإنني أجد أن أسرد عليك بالأسلوب التلغرافي بنص ما يرد عفواً وبسهولة على اللسان من مركز الإرسال:
ـ إنني من أكبر المتعصبين للفصحى والغيورين عليها.
ـ وأنا من عشاق البيان ذي المعنى.
ـ وكنت أحد الحفظة لبعض دواوين الشعراء القدامى والمحدثين من الجلدة للجلدة.
ـ ولكنني يا صاح.. بالترخيم.. وهو مستحسن أحياناً. أصبحت في الخط الآتي:
ـ إنني أجد أن أداعب الموضوع أسمى.. بالكلمة الحية بقدر الإمكان.
ـ أرى أن يسعى الموضوع ماشياً على قدميه للقارئ أو للسامع بدل أن ينصب كلاهمابالسعي المضني إليه.. وفي ذلك تخفيف ورحمة على الأكثرية الساحقة.
ـ وفي بعض المجالات.. لا كلها.. أفضل الأخذ بالأثر.. خاطبوا الناس على قدر عقولهم.
ـ استحسن المراعاة بقدر الإمكان للتوزيع العادل بين أصناف الكتاب والشعراء تمشياً مع العجز القائل.. للتين قوم وللجميز أقوام.
ـ استسخف جداً من يقول بأن المستعمل بعض الألفاظ العامِّية إنما هو من القطيع الأحمر.. لأنني من الأعداء الألداء لهذا اللون ولأتباعه!
وقفلت الحديث مع صاحبي هذا.. بالترخيم.. برواية القائل لابن الرومي لم لا تستعمل في شعرك ما يستعمله ابن المعتز في مثل قوله يصف البدر.
انظر إليه كزورق من فضة
قد أثقلته حمولة من عنبر
فأجابه: إنه إنما يستعمل آنية بيته!
وللعلم الكريم.. فقد كان حديثي مع أخينا هذا كعادتي باللغة الفصحى لا ينقصها التجويد ولا تضيق بها المخارج الواسعة مع احتفاظها بأدب السلوك.. في رنين.. وتلحين يبلغان حد التطريب بنغم الموشحات الأندلسية الفصيحة..
طبعاً!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :552  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.