شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(46) (1)
طال.. في هذا اليوم ـ الجدل البيتي.. تفرعت به ومنه المناقشات حادة.. حارة.. وخفيفة هادئة حول أفضلية احتجاز الأطفال في الحديقة.. أو في حدود البيت.. داخل الشقة.. مع تشديد الرقابة الصارمة عليهم.. وتكرار صدور الأوامر الحاسمة بألا يتعدى أحد منهم سور الحديقة.. أو باب البيت.. أو انطلاقهم في الزقاق المجاور.. أو في البرحة القريبة منه.. يأخذون حظهم من انطلاق أوسع.. ومن احتكاك.. واتصال.. ومشاركة لأترابهم الأطفال الآخرين من أبناء الجيران.. وأولاد الحي بصورة مباشرة؟
وكان باعث هذا الجدل العائلي هروب طفل نشيط حي إلى حيث الأولاد من كل زقاق مجاور.. لاهين.. لاعبين على التراب.. وبه.. وقد عاد وعليه بجسده وبملابسه من آثار التراب ما يقطع بما صنع.. ولم تكد صاحبة الرأي المعارض تتناوله ببعض طرق التأديب حتى احتمي به.. فكان أن وقفت في صفه.. محامياً عن موقفه الاجتماعي المبكر.. شارحاً ما تيسر لها في هذا الأمر ولمن كان حاضراً.. وبحضور هذا الطفل الطبيعي غير الشاذ.
وكلنا على علم تام بالمقارنة بين حالتي الاحتجاز والانطلاق للأطفال مما لا تستدعي الحالة هنا سرد وقائع دفاعي بكل حيثياتها المفروضة.. مستعرضاً في ذلك معه النقطة ((الترابية)).. مستعيراً معلومات صديق لنا من هواة بحث الأدوية والأدواء ـ حيث قال لي مرة ـ إن البنسلين صاحب قرابة أكيدة بالعفن.. وبخوبان البرك.. وبتقطين العيش.. وكذلك.. بالتراب!..
ولأجل اكتساب أكبر عدد من الصف العائلي.. أنصاراً لنظريتي.. ولإعطاء الرنّة المؤثرة في نهاية دفاعي.. فقد استعنت بذاكرتي الخؤونة وتلوت بعد عطفها علىَّ.. على مسامع الجمع غير الحاشد بعض أبيات متناثرة.. متقطعة من شعبية قديمة كانت تخص في هيكلها الموضوعي شيخ الحارة.. وأولادها.. بالمعنى القديم.. وإن كان المضمون والمغزى من سردها هو ما ورد في أبياتها الأخيرة بالذات، وكان استهلالها يشير إلى تجاهل لشيخ الحارة من أحد الولاة.. مستهلاً إياها للتطابق في الموضوع ببيت الفرزدق المشهور:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه.. والحل.. والحرم..
إذا رأته النشامى.. قال أجعصهم
هذا الذي رد أهل الشعب.. كلهمو
والمسفلا.. والنقا.. والباب قاطبة
والفرد.. والشون.. والليسان والحزم
ففي الصباح مخاوى له قبب
والكف منه.. إذا ما ذقته.. عدم
وبالرجول أبو خرزين.. قد رفعت
شراكه.. وتواطت تحته الرمم
إذ مد كل بجيح بوزه سفهاً
وراح يشخط منفوخاً به ورم
يقرا.. ويكتب.. هادي كل صنعته
وكلهم في النهار الواحد العلم
حتى إذا ما رأوا في الليل زيلتهم
خافوا وصاحوا، وقالوا: وي! وانبرموا
هذا هو النشء، هل كانت ((طفولته))
إلا ((احتجازاً)) وباقي القول.. ينفهم!
وهكذا كسبت قضية هذا الطفل الاجتماعي الحي.. حتى لقد نال حريته في أن يذهب للزقاق ليلعب مع أبناء الحي.. على التراب.. وبالتراب!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :601  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 85 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثالث - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج