شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 36 ـ (1)
من زمان.. زمان.. كان لنا صاحب يسمى حمدان.. وفيّ لأصحابه حبيب لإخوانه.. طيب القلب.. نقي السريرة.. وصاحب صاحبه باختصار..
ثم فرقت بيننا الأيام والأعوام.. ومن أسبوع مضى تقريباً حكمت الصدفة وحدها أن نقابل ذلك الخليل القديم.. فرأيناه في حالة يرثى لها من الغم.. والغيظ.. والنكد.. فقررنا أن نرفه عنه نزولاً على قرار الأخ العزيز والشاعر الزميل القديم القائل:
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة
يواسيك.. أو ينسيك.. أو يتوجع
ولذلك تجرأنا بالوصول إلى غرضنا رأساً.. فسألناه: إيش الحكاية؟ قال.. وقد فض فوه فعلاً من الزعل:
ليكن معلوماً لديك أيها الأخ العزيز.. والصديق الأثير.. إنني كنت ولا زلت للأسف الشديد.. أسكن في شقة متواضعة أنت ولا شك تتذكرها.. فقد عزمتك على الغدا فيها مرة.. في العمر..
وصادف بعد سكنانا هناك بحوالي خمسة شهور أن أصبح لنا جار.. وللجار زوجة.. وبعد حوالي تسع سنوات.. وسبعة أشهر من تلك الجيرة الكريمة أن صار للزوجين تسعة أطفال.. وأن صار تدريجياً لكل طفل من هؤلاء الأطفال التسعة برنامج خاص في بيتهم.. ثم في شقتنا المتواضعة بالذات.. فمن فاتح بزبوز الحنفية الخاصة بنا.. دون قفله.. ومن خالع زر الكهرباء.. ومن مبعثر لكتبنا العزيزة ومن ممزق بأظافره الصغيرة الحادة طقم كنب الصالون.. ومن متخذ من حوائط الشقة سبورات يتمرن فيها على كتابة اسمه بالفحم.. وعلى شتم إخوانه وأخواته كتابة بما يقال وما لا يقال..
وهكذا أصبح بالاعتياد وبالممارسة لكل طفل من أطفال جارنا حمدان عمل ووظيفة.. بشقتنا.. وأصبحت والحالة هذه لا أهنأ بطعام.. أو بقراءة أو بكتابة.. أو بنوم.. أو براحة ما.. وصبرت على ما أنا فيه صبر الكرام.. مراعاة لحقوق الجوار الشرعية والمرعية.
ومنذ عام وشهر تقريباً تكلمت مع والد التسعة الأخ حمدان بأنني إكراماً لخاطره وخاطر أم عياله سوف أحدد برنامجي على أساس وجود التسعة فقط.. وعلى عدم انزعاجي من تأدية كل منهم لوظيفته المعتادة لاعتيادي عليهم وعليها، إلا أنني أرجو مقابل ذلك أن يقف الأمر عند هذا الحد.. وألا يجدَّ جديد بعدها..
فوعدني الرجل خيراً.. وقد أوعزت إليه من طرف خفي أن يتفضل بإحاطة الست علماً بذلك.. حتى تكف عن شتمي كلما أرشدت طفلاً إلى ضرورة التقيد بحدود وظيفته في شقتي.. فلا يتعدى الكاتب على الحائط على حقوق مكسر الأطباق.. أو خالع الأفياش.. فوعدني بذلك..
وعلى ذلك.. فقد رتبت شؤوني.. وهكذا مر العام كأحلى ما يكون.. فقد محت الألفة للأولاد ولما يفعلونه كل ما كان غير مستساغ.. ولكنني في الليلة الماضية.. وعلى حين غرة سمعت ضوضاء وجلبة ممتزجتين بغطاريف متواصلة في بيت صاحبنا حمدان.. واضطررت أن أذهب بمباذل البيت بالفوطة وبالقميص ليس إلا، إلى شقتهم حيث يسكنون قبالتي تماماً لأستعلم عن الجديد في الموضوع.. وكان الجديد خلافاً للمتفق عليه.. مولوداً جديداً.. تكملة عشرة أطفال..
فتصور حالتي وما آلت إليه؟..
هنا. قلت مطيباً خاطر الصديق سوف ننشر حكايتك هذه خدمة للتاريخ وللجيل الصاعد.. شعراً نأمل باطلاع السيد حمدان والسيدة حرمه عليه أن يحصل الخير إن شاء الله.. وقلنا:
اللَّه أكبر.. يا بلد
حمدان.. جاء له ولد
سماه ((عشرى)) هاتفاً
اليوم كملنا العدد
عشرا.. فمن ذا مثلنا
في شغلنا هادا؟.. مدد
فرنت إليه.. فخورة
مبسوطة.. أم السعد
ومضت تحصن طفلها
من كل أصناف الحسد
ببخوره.. بحجابه
وبكل شيخ معتمد!
وجرى المحافيظ الكبا
ر.. مع الصغار.. بلا عدد
فرحين بالنونو الجد
يد.. وقد تمطع.. وانفرد
حتى أنا.. جار الهنا..
أقبلت بالفوطا.. وقد
مالت.. فقالت جارتي:
هو أنت.. يا وجه النكد؟
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :885  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 89 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .