شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 20 ـ (1)
.. وعلى منوال.. وبضدها تتميز الأشياء.. واستنفاراً للسماح عطاء وجوداً.. عن هذا السبيل.. فإن في الحديث عن البخل وإبرازه تنفيراً ضمنياً منه.
وفي الخط الكبير المقابل للآية الكريمة في البر.. لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.. فقد قال الله تعالى.. الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ (النساء: 37)..
وقال الرسول صلوات الله وسلامه عليه..إياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم.. ويذكر عن أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز قولها إن البخل لو كان قميصاً ما لبسته.. أو كان طريقاً ما سلكته..
وقيل.. بخلاء العرب أربعة: الحطيئة.. وحميد الأرقط.. وأبو الأسود الدؤلي.. وخالد بن صفوان. فأما الحطيئة فمر به إنسان وهو على باب داره وبيده عصا فقال.. أنا ضيف فأشار الحطيئة للعصا وقال.. لكعاب الضيفان أعددتها..
وأما حميد الأرقط.. فكان هجاء للضيفان مخاشا عليهم.. ونزل به مرة أضياف فأطعمهم.. وهجاهم.. وذكر أنهم أكلوه.. بنواه..
وأما أبو الأسود.. فتصدق على سائل بتمرة.. فقال له جعل الله نصيبك من الجنة مثلها.. وكان يقول.. لو أطعمنا المساكين من أموالنا كنا أسوأ منهم حالاً..
وأما خالد بن صفوان فكان يقول للدرهم إذا دخل عليه.. يا عيار.. كم تعير.. وكم تطوف.. وتطير لأطيلن حبسك.. ثم يطرحه في الصندوق ويقفل عليه.. وقيل له لم لا تنفق ومالك عريض.. فقال الدهر أعرض منه..
وكان عمر بن يزيد الأسدي بخيلاً جداً.. أصابه القولنج في بطنه فحقنه الطبيب بدهن كثير فانحل ما في بطنه في الطست.. فقال لغلامه اجمع الدهن الذي نزل من الحقنة وأسرج به المصباح..
وقال بعضهم في بخيل:
لو عبر البحر بأمواجه
في ليلة مظلمة باردة
وكفه مملوءة خردلا
ما سقطت من كفه واحدة!
وقال آخر في بخيل آخر:
يا قائماً في داره قاعداً
من غير معنى.. لا، ولا فائدة
قد مات أضيافك من جوعهم
فاقرأ عليهم ـ سورة المائدة
ومن الموصوفين بالبخل أهل مرو.. ويقال إن من عادتهم إذا ترافقوا في سفر أن يشتري كل واحد منهم قطعة لحم ويشكها في خيط ويجمعوا اللحم كله في قدر ويمسك كل واحد منهم طرف خيطه، فإذا استوى جرّ كل منهم خيطه.. وأكل لحمه.. وتقاسما المرق بالسوية.. وبالعدل في التقسيم..
وحكى خاقان بن صبح قال: دخلت على رجل من أهل خراسان ليلاً.. فأتانا بمسرجة فيها فتيلة في غاية الرقة وقد علّق فيها عوداً بخيط.. فقلت له.. ما بال هذا العود مربوطاً؟ قال.. قد شرب الدهن وتروى منه.. وإذا ضاع ولم نحفظه احتجنا إلى غيره فلا نجد إلا عوداً عطشاناً.. ونخشى أن يشرب الدهن.
قال: فبينما أنا أتعجب وأسأل الله العافية إذ دخل علينا شيخ من أهل مرو فنظر إلى العود وقال.. يا فلان لقد فررت من شيء ووقعت فيما هو شر منه.. أما علمت أن الريح والشمس يأخذان من سائر الأشياء فهما ينشفان بالطبع هذا العود.. لم يا صاحبي لا اتخذت مكان هذا العود إبرة من حديد فإن الحديد أملس وهو مع ذلك غير نشاف.. والعود أيضاً ربما تتعلق به شعرة من قطن الفتيلة فينقعها..
فقال له الرجل الخراساني.. أرشدك الله.. ونفع بك.. فلقد كنت يا أخي.. في استعمال العود بدل الإبرة الحديد.. من المسرفين..!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :881  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 73 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.