شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نكبات في رجال الفكر!..
بقلم: عبد الوهاب آشي
ـ لقد توفي المربي الكفء محمد فدا وما استطعت أن أكتب كلمة رثاء عندما تلقيت الخبر. فقد غلبني هول الفجيعة، وامتلكني ذهول المصيبة، وهو العزيز علي. العزيز على أهله. العزيز على أمته ووطنه.
وتلاه نعي العالم الجميل الشيخ محمد بن مانع. فزادني ذلك غماً ووجوماً. وإن عظم المصاب فيهما غلف قلبي حسرة وحزناً. وأدمع عيني ألماً وأسفاً. وأخرس لساني فلم يعد يردد إذ ذاك إلاّ قول الله في كتابه المنزل إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.
واليوم تفجؤني الكارثة الأخرى في الأديب الرائد حامد دمنهوري.
وقد كان أملاً مشعاً نرجوه في حياتنا العلمية والأدبية. ورائداً مختصاً يخطط لمستقبل أبنائنا مناهج العلم والمعرفة والثقافة.
في غضون شهرين اثنين تصدمنا في مسيرة حياتنا الفكرية والعلمية والتربوية ثلاث نكبات مروعات.. نكبات رزئنا بها في ثلاثة قواد من أمهر القواد في ميدان العلم والأدب والتربية والقضاء. والقواد المهرة لدينا نفتقدهم فلا نجد إلاّ النزر اليسير إذا فقدنا أحدهم كانت مصيبتنا فيه جد كبيرة. غفا بالنا ونحن قد شيعنا في مدة وجيزة ثلاثة رجال أعلام بارزين إلى مثواهم الأخير؟! إنها وأيم الله خسارة كبرى نزلت بنا فيهم. ونحن في أشد الحاجة إلى علمهم وعملهم. إلى إرشادهم لأبنائنا وتقديمهم إلى بنائهم لمستقبل أجيالنا العلمي والخلقي وحسن جهادهم فيه.
لقد عرفت الأستاذ محمد فدا فعرفت فيه الأستاذ الذي أعدته مواهبه ليكون مربياً ممتازاً يتعهد النشء بما جبل عليه من خلق كريم، وطبيعة هادئة، ونفس عطوفة، وعزم صارم، وحزم لا يشينه عنف ولا يثلمه لين، تؤيد ذلك كله ثقافته في أصول التربية والتثقيف رحبة الأفق. ورغبة في الخير واسعة الأمداء. وعرفت فيه صديقاً صدوقاً وفياً كريماً مخلصاً. وعرفت فيه زميلاً في مؤسسة البلاد الصحفية دقيق النظر، غيوراً على المصلحة، صريحاً في الرأي والقول، فكان الرجل الذي ملأ قلوب ناشئته وأصدقائه وزملائه وعشيرته ومواطنيه حباً وتقديراً في حياته ولوعة وأسفاً بعد مماته.
وعرفت الأستاذ حامد دمنهوري فعرفت فيه ما عرفت في زميله محمد فدا من سجاحة الخلق، وسماحة النفس، وهدوء الطبع إلى طموح وثاب في العلم والأدب، وحياء ورقة في السجايا والشمائل حببته إلى رؤسائه ومرءوسيه وأصدقائه وزملائه. وقد كان حركة دائبة تريد أن تدفع بحياتنا الثقافية إلى أبعد مستوى يمكن أن تصل إليه أمة ذات مجد عريق، ودين قويم. يتطلّع شبابها إلى حياة أفضل، وسؤدد أمثل، في عالم كله صراع وكفاح، وسلاحه فيهما العلم والمعرفة. وقد ساهم في الأدب بنتاج كان موضع تقدير وإعجاب رجال الأدب والفكر في أمته وبلاده.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :571  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.