شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في ذمة اللَّه..
أيها الراحل الكريم
بقلم: عبد المجيد شبكشي
ـ إن العين لتدمع.. وإن القلب ليحزن متى ما فاض معينهما شجواً وأسى. وألماً وحرقة.. لوفاة من نحمل لهم من الحب ما يتكافأ وما كانوا يبذلونه منه لنا.
ولذلك فما إن حمل إليّ أحد الزملاء ـ البارحة ـ نعي أخي الأستاذ محمد فدا.. حتى رأيتني يبتدر إليّ البكاء عليه.. لا لأنه كان الصديق حباً ووفاءً.. وبذلاً وعطاءً. ولا لأنه كان الزميل الذي جمعت فيما بيني وبينه هذه المؤسسة الصحفية. كما جمعت بيننا الهيئة التأسيسية لجامعة الملك عبد العزيز الأهلية.. فحسب.. لكنني بكيت فيه الصداقة بمفهومها الحق.. حفاوة بها. ورعاية لها.. ووفاءً فيها.. وعطاءً من أجلها.
ثم بكيت فيه أيضاً المثل والمبادئ التي كان يؤمن بها ويعمل لها سواء في هذا الحقل أو ذاك.. عملاً مخلصاً في استقامة رشيدة لغاية كريمة.
وبكيت فيه أيضاً الرجل الذي أعطى لرسالته التربوية فوق ما كان يطيق حتى احترق ليضيء لأبناننا معالم الطريق إلى الغد الذي كان يرجوه لهم من كل قلبه.. وبكل مشاعره وأحاسيسه.
والفجيعة الفاجعة بوفاة هذا الإنسان الذي ارتفع بمستوى إدراكه لوطنيته.. ليؤكد أن الوطنية لم تكن قط زيفاً ولا ادعاء بقدر ما كانت وستظل ولاءً للوطن.. وتفانياً فيه.
وحقاً إنها لفجيعة فاجعة أن يذهب هذا الرجل لا من دنيانا نحن الذين عشنا في حياته وعاش في حياتنا.. وإنما من دنيا القلوب الصغيرة.. قلوب البراعم فينا.. ومنا.. وهي التي تفتحت على الحب له عندما أحست في طهرها وبراءتها بمدى ما كان يحمله لها من حب ليحملها به على أن تسلك في حاضرها ما يهيئها لغدها..
وبعد..
فإن كنت ـ يا أخي محمد ـ قد طويت رداء حياتك ـ وحتى آخر رمق منها ـ في سبيل براعمنا الذين كنت تنزلهم من نفسك منزلة أبنائك.. رعاية لهم. وحدباً عليهم. فثق أن قلوبهم ستظل تخفق بحبك والوفاء لما أردتهم عليه.. نهجاً في الحياة وقياماً بدورهم واضطلاعاً بمسؤوليتهم فيها.
وإذا كان هذا هو ما يحرص عليه أبناؤك.. وهم يستقبلون نعيك بعيون تبيض حزناً وقلوب تتحرق كمداً.. فإن شخصك إن غاب عن أخوانك وأصدقائك لتضمه غداً أو بعد غد هذه الأرض الطيبة التي رويتها بالعرق والدمع يوم أخلصت لها في اعتزاز بها وإيمان بمكانتها وتقدير لقدسيتها.. ثم ولاء وإخلاص لقيادتها الممثلة في فيصلنا العظيم.
إن شخصك ـ يا أخي وأخي العزيز الكريم ـ إن غاب عنا.. فإن روحك ستظل في أرواحنا ما عشنا هذه الحياة وإلى أن نلحق بك على الطريق الذي تقدمتنا إليه.
أما الزهرات التي تركتها من بعدك فلن تذبل لكنها ستعيش فينا ومنا عزيزة مكرمة ليتضوّع أريجها في حياتنا فيملأها علينا بك.. ومنك..
وليرحمك الله بقدر ما بذلت فكنت مثلاً في البذل والعطاء إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :469  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثالث - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج