شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في عينَي حفيدي!!
ـ دخل ((حفيدي)) ابن التاسعة وفي عينيه هلع يُعبِّر عن (الخوف) الذي بات يُكرِّسه في وجدان ونفوس صغارنا: هؤلاء القتلة.. وقد عاد لتوِّه من الشارع الذي كان الناس فيه يتدافعون هرباً من زخات رصاص الإِرهابيين الذين تمترسوا في ملحق أرضي لعمارة سكنية آهلة بالسكان، ومن حولها وأمامها عمائر مماثلة.. وكان ((حفيدي)) في صحبة أمه وأبيه لشراء متطلبات مدرسية له.. وبدأ يصف لي ما رآه بعينيه البريئتين المحشوَّتين خوفاً:
ـ ((جاء البوليس إِلى سيارتنا، وقال: ابتعدوا حتى لا يضربكم الإِرهابيون، وكان يمسك رشاشاً بيد، ومسدساً بيد، وأصوات الرصاص جات لنا من هناك))!!
إِذن.. هذا هو (دين) هذه الفئة الضالة الباغية: قَتْل الأطفال/ كما حدث في تفجير مبنى الأمن العام، ومن قَبّله في مُجمّع ((المحيا))، وإِشاعة الخوف في أعماق الأطفال، وقتل آبائهم ليتيتمَّوا، وسرقة الأمن والأمان الذي كان ينعم به المواطنون والمقيمون على حد سواء!
ـ في اليوم التالي، قالت لي ((أم)) حفيدي: لقد عانى ابننا في نومه تفزُّزاً، وقد نام خائفاً بعد أن غلبه سلطان النوم، لكنه حرص أن ينام في سريرنا بيني وبين والده.. فما بالكم بطفل يرى الدماء تُهدر أمامه، أو يرى الجدار متهدماً على أخته التي قضت في تفجيرات الرياض؟!
* * *
ـ ونقل لي أبنائي صورة أخرى من منطقة الحدث، وهي خلف العمارة التي نسكنها مباشرة، فقالوا لي: خلْف العمارة التي اختبأ فيها الإِرهابيون، كانت هناك عائلتان تحتفلان بزفاف ابنهما وابنتهما حين دوَّى صوت الرصاص، وأصبح المدعوون وأهل العِرْس في مرمى الرصاص.. مما اضطرهما إِلى إِلغاء حفل الزفاف أو تأجيله، فخرج كل المدعوين وأهل العروسين وشباب ورجال المنطقة كلها من البيوت ليتجمهروا في الشوارع المحيطة، ربما ليكونوا في قلب الحدث، ويشهدوا القضاء على الإِرهابيين!
ولكن.. ينبغي أن يفهم هؤلاء الذين تجمهروا: خطورة تجمُّعهم حول الحدث، فقد يتعرض منهم لرصاص الإِرهابيين، بالإِضافة إِلى: إِعاقتهم لأعمال وتعامل رجال الأمن الذين يهمهم سلامة كل إِنسان/مواطناً كان أو مقيماً.. فهذا خطأ جسيم بعيد عن التعاون مع رجال الأمن!!
* * *
ـ أما النقطة الإيجابية الجميلة التي خصَّ بها المتجمهرون رجال الأمن، فقد تمثَّلت في ذلك الهتاف والدعاء من حناجر الناس المؤيدين والداعمين لتصدِّي رجال الأمن للإِرهابيين، وهو مشهد رائع دلَّ بلا شك على تلاحم المواطنين والمقيمين مع حماة الأمن المتصدِّين لهؤلاء المخرِّبين للأمن والأمان، باذلين أرواحهم فداءً لاستقرار الوطن!!
ـ أما تلك ((العروس)) التي تسبَّب الإِرهابيون في إِفشال زفافها تلك الليلة.. فنحسبها قد رفعت يدها إِلى السماء تدعو على هؤلاء الذين يسرقون (الفرح) من مشاعر الناس.. تماماً كما يسرقون من اطمئناننا: الأمن والأمان!!
إِن هؤلاء الإِرهابيين في تشويههم لسماحة الإِسلام، إِنما يغرسون بذور ((الكراهية)) الشاملة.. وبأفعالهم: إِنما ينسفون ((الثقة))، ويُكرِّسون الشكوك، ولكنهم - في النهاية - لا يحصدون إِلا الموت.. فلا يمكن أن ينجح أي عمل إِرهابي يقوم على القتل، والتخريب، والكراهية بادِّعاء الإِسلام، والإِصلاح!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :695  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 537 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.