شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
آباء.. وأبناء
ـ هل هؤلاء ((الشباب)) من أبناء أُسَر راسخة في جذور الوطن: حصلوا على ((تربية)) مُثلَى تُعمِّق انتماءهم للوطن، وعلى "تعليم)) يرتفع بتفكيرهم فوق مهاوي الفحش في القول، والغلو في التفكير حتى يتحول إِلى: تكفير؟!
وهل هؤلاء ((الآباء)): أحسنوا تربية من أعدُّوهم ليكونوا غرسات مثمرة لتنمية الوطن؟!
وهل هؤلاء ((المعلِّمون/المربُّون)): صدقوا ما عاهدوا الله عليه في تمكين عقول هؤلاء الذين كانوا براعم حتى شبُّوا من: العلم النافع لخير أمتهم ووطنهم.. أم أن الوطن: واجه حفنة من ((أنصاف المتعلمين)) الذين ظنوا في ما حصَّلوه: اكتمال العلم.. فلم يجدوا من يردعهم من العلماء والمعلِّمين والمربين عن: الفهم الخطأ، والرؤية الضبابية، ومن يدِّعي أنه أحاط بكل جوانب وأبعاد العلم؟!
في تعريف ((ابن خلدون)) للعلم ضمن مقدمته الشهيرة، قرأنا: ((عندما يكثر العمران، وتتوهج الحضارة: تنتشر العلوم)).. لكن أصحاب هذا ((العلم)) الناقص من أنصاف المتعلمين: سخروا من العمران، ورفضوا الحضارة والعلوم الأخرى لأنها - في زعمهم - ضد قيم الإسلام، برؤية علمهم الناقص والداعي إِلى عزلة المجتمع عن الثقافات والحضارة!!
ويأتي ((الحياء)) في الإِسلام من ملامح شخصية الأمة المسلمة والفرد المسلم، وقد قال الحبيب المصطفى/صلَّى الله عليه وآله وسلم لسيدتنا عائشة رضي الله عنها: ((لو كان الحياء رجلاً لكان صالحاً، ولو كان الفحش رجلاً لكان رجل سوء))!!
وقد وقع هؤلاء الشباب بانحرافاتهم الثقافية، والعلم الناقص، والتعليم المغالي: في دوامة لم تثبِّتهم على الحياء: (خلق الإِسلام)، وأسقطتهم في الفحش: (الجفاء في النار)!!
* * *
ـ ولعلّنا حين نتلفت اليوم إلى واقع وحالة (آباء وأمهات) هؤلاء الأبناء الذين فقدوا ذاكرة انتمائهم للوطن، ولفتهم الدوامة التي أسقطتهم في الفحش، ونستمع إِلى دموعهم/كلمات موجوعة على فقدان أبنائهم وانحرافاتهم.. فإِننا نكتشف: تمرد هؤلاء الأبناء على آبائهم وأمهاتهم، وهَجْر البعض منهم لزوجاتهم وفلذات أكبادهم.. ممن كانوا ينجذبون إِلى نيران الحرب في ((أفغانستان)) باسم الجهاد، ولن نسمع عن أحد منهم - على سبيل المثال - انجذب إِلى المجاهدين في الأرض المحتلة لتحرير ((بيت المقدس)) من رجس الصهاينة(!!) فالجاذبية التي اتجهت بهم بوصلتها إِلى أفغانستان: كانت من صنع أعداء الإِسلام وليس مدافعين عن الدين.. فهي جاذبية مخطط سياسي لفصل هذه الأعداد من الشباب الفتيِّ عن أوطانهم وأُسرهم وعقوق والديهم!!
ـ ولا بد أن نعترف الآن: أن موقف (الآباء) كان مغرقاً في الضعف، إِن لم يكن السلبية للتحرك مع الدولة للبحث عن هؤلاء الذين اندفعوا (بنصف العلم)، وبفتاوى التكفير، ومغازلة الموت غرباء بعيداً عن الوطن والأهل.. فحصد ((الآباء)) هذا العلقم من شذوذ أبنائهم واحتراقهم في أتون الغلو، وسعار الدم الذي عايشوه مهرقاً في أفغانستان حتى انقلبوا على أوطانهم!!
ـ ولا بد أن نعترف الآن: أن حصيلة ما تلقوه في بعض الجامعات والكليات: قد أثَّر كثيراً في المنحى الثقافي والديني، والاستغراق في المغالاة التي لا تتفق مع سماحة الإِسلام ورحابته!
فإِذا كنا اليوم: نتعاطف مع دموع الآباء والأمهات.. فلا بد أن نعترف - ثالثاً - أننا قصرنا/آباء وأمهات، ومؤسسات تعليمية/تربوية، ومؤسسات عمل وخدمات وأجهزة في استيعاب الخريجين، فتلقف بعضهم الضياع ورماهم في الإِنحراف.. فصاروا لا يستحيون من الله عزّ وجلّ، وصار ينطلق عليهم التوجه الرباني: قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ (هود:46)!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :661  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 536 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.