شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سلمان رشدي... ليس وحده الذي سقط! (1)
لم يكن الكاتب سلمان رشدي الذي نال جائزة ((بوكر)) البريطانية في بداية الثمانينات الميلادية، ذلك الكاتب الذي تؤهله كتاباته بأن يكون روائياً من الدرجة الأولى أو حتى الثانية، ولكن الوسط الثقافي الإنجليزي لمح فيه ذلك الكاتب الذي يمكن أن تصور كتاباته بعض الجوانب السلبية في المجتمع الشرقي، وهذا السبب - وحده - كان كافياً أن يحتضن ذلك الوسط كاتباً مثل رشدي ويبعث فيه شعوراً بالفوقية عن طريق منحه بعض الجوائز المخصصة للكتّاب الذين ينتمون إلى جذور غير عربية. وهذا الأمر شبيه إلى حد ما بما فعله الوسط الثقافي الفرنسي في احتضان كاتب مثل الطاهر بن جلون صاحب العمل المشهور ((ليلة القدر)) والذي يسخر فيه من بعض الطقوس الإسلامية، والكاتب الآخر الذي لم يعرف أبجديات الكتابة إلى عهد قريب بل هو أقرب إلى الشخص الأمي منه إلى المتعلم، وأعني به ((محمد شكري)) صاحب أسوأ الأعمال الأدبية العالمية من حيث احتقار الوالدين، والتشجيع على الرذيلة، وتصوير أحقر السلوكيات وأسوئها، والذي ترجم عمله المسمى بـ((الخبز الحافي)) إلى عدد من اللغات العالمية ليس لخصوصية إبداعية فيه بقدر ما هو ترويج للأعمال التي ترسم صوراً منفرة من المجتمعات الإسلامية والعربية.
ولقد استمر هؤلاء الكتاب المنبتون ذلك الضجيج الإعلامي الذي صاحب نشر أعمالهم الخاوية من حيث مضمونها الإبداعي والمحققة لأغراض أخرى لا تمت إلى دنيا الكتابة وعالمها المضيء والمشرق بأي صلة من الصلات.
نعم لقد استمرأوا تلك الضجة وذلك الصخب، وأمعنوا في الاستهزاء بتراثهم وأمتهم وجذورهم، وجاءت الفرصة مواتية ((لرشدي)) الذي كان كاتباً مغموراً ولا يكاد يحلم برؤية اسمه منشوراً على غلاف كتاب، فكيف به إذا أصبح الابن المدلل لصحيفة ((التايمز)) مثلاً، أو مجلة ((الإيكونومست)) وأصبحت صوره تتناقلها وكالات الأنباء العالمية.
بل ما هي حاله إذا تصور نفسه واقفاً على عتبة ((10 دوننغ ستريت)) أو محوطاً بعدسات المصورين على أبواب البيت الأبيض الأمريكي.
لقد لعبت الشهرة الزائفة ((برشدي)) فأقدم على كتابة عمل يسخر فيه من نبي الله وخاتم رسله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويستهزىء فيه بتعاليم الإسلام وكتابه المعجز، وتلقفت الأوساط الغربية هذا العمل بابتهاج كبير وأضفت عليه أعظم النعوت، مع أن نظرة بسيطة إلى العمل توضح أن العمل هو إلى الهذيان أقرب منه إلى أي نوع من أنواع القصة والرواية، ووجد بعض الكتاب العرب الذين يعيشون ازدواجية عجيبة في حياتهم، فهم يرفعون شعارات القومية والثورية ومحاربة الإمبريالية من جهة، ويسيرون خلف هذا الغرب الذي يعادونه لأسباب قومية كما يدعون وجد فيه هؤلاء الكتاب عن طريق الدعاية الغربية بغيتهم ومرادهم، فهم أيضاً يحتقرون تراثهم لأنهم يجهلونه والجاهل عدو ما لا يعرف ومناوىء لما لا يفقه، ولقد وصلت الجرأة بهؤلاء الكتاب العرب كمثل نجيب محفوظ ومحمود درويش وأدونيس وعزيز العظمة وسالم بركات وجمال الدين بنشيخ وعباس بيضون والطيب صالح ((وهذا الأخير يغير اتجاهه حسب مؤشرات الريح))، وصلت بهم الجرأة لتحرير كتاب وإصداره باللغة الفرنسية بعنوان ((من أجل رشدي)) Pour Rushdi ((تحية منهم لهذا الكاتب المتنصل من دينه، الجاحد لحقوق أمته، ولقد كان بإمكان هؤلاء الكتاب أن يرفضوا الأساليب التي تعامل بها البعض مع قضية ((رشدي)) فهذه قضية قابلة للاجتهاد، ولا يمكن لأحد ادعاء حق امتلاك الفتوى ولكن ألم تكن في قلوب هؤلاء ذرة من إيمان، فيقرؤون تلك السطور المليئة بالحقد على ثوابت الأمة التي لا يجرؤ أعداؤها على الانتقاص منها كما انتقص منها ((رشدي)) في كتابه المزعوم ((آيات شيطانية)) أو لم يتنبه هؤلاء الكتاب الذين يفتخرون بعلمانيتهم وليبراليتهم بأن الغرب يحتضن الليبراليين العرب فقط عندما تكون كتاباتهم موجهة إلى أمتهم وتراثها وأنه يحاربهم بكل الأساليب لو كانت هذه الليبرالية طريقاً للانتقاص من الغرب، أو سبيلاً من سبل مقاومة الحركة الصهيونية التي يقف الغرب حامياً لها ونصيراً أناء الليل والنهار، أو لم يدر بخلد هؤلاء لماذا لم تفتح أبواب ((دواننج ستريت)) وتشرع الأعلام أمام ((البيت الأبيض)) أمام شعراء المقاومة الإسلامية والعربية، الذين يدافعون عن حقوق مشروعة، ويطرحون قضايا ثابتة لا يختلف حولها أحد.
لم يسقط رشدي - وحده - في الشراك، ولكن سقطت هذه الأسماء التي كثيراً ما غرت الأمة بشعاراتها الجوفاء وقصائدها العصماء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :641  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 468 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج