شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
روبنسون والموقفُ الدِّيني في ديربان
شاهدنا مفوضّة الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان ((بَارِي روبنسون)) وهي تُحْتَجز في الأراضي العربية المحتلَّة عند قيامها بزيّارةِ الكيان العنصري ومناطق السلطة الفلسطينية وأظهرت ((روبنسون)) شَيْئاً مِنْ التَّذمُّر أمَامَ كاميرات التِّلفزيون، ولكن يبدو أنَّ ذلك التَّذمر كان تمثيلية هزلية مِنْ شخصية ((روبنسون)) التي تعود لأصْل إيرلندي ومعلوم أنَّ الإيرلنديين متمسِّكون بديانتهم المسيحية وهذا التمسُّك مِنْ قبل أفراد جماعات مسيحية يقودهم إلى التطرُّف في كثير مِنْ الأحيان في مشاعرهم العدائية ضِدَّ العرب والمسلمين، بينما يعتبر هذا الجناح المسيحي المتشدِّد والمسيطر الآن - على كثير مِنْ المؤسسات الغربية وهي: أنَّ الولاء لليهود والصهيونية واجب ديني مُقدَّس وأنه يحقُّ لليهوديِّ أنْ يَقْتلَ الغير طِفْلاً كان أو شَيْخاً، وأنَّ اليهودي له مكان محجوزٌ في الجنَّة - بحسب العهد القديم. وعندما سألت شخصيةً مسيحيةً مُتشدِّدة في أواسط الثمانينات الميلادية في بريطانيا، ما رأيك إذَا مَا كَانَ اليهوديِ مِنْ صَنْفِ مُجْرمي الحَرْب والسَّفاحين مِنْ أمثال ((يبجين)) و ((شامير)) و ((شارون))؟ هَلْ هُو - الآخَرُ - لَهُ مكان مَحْجُوزٌ سَلَفاً في الجنَّة؟ فَأَوَمأَ برَأْسِهِ إيجاباً، وهذا الجانبُ يَجب أَنْ نوليه اهتماماً كبيراً عند تَفْسير بَعْض المواقف الغَرْبيَّة سَوَاء كانت هذه المؤسَّسات الغربية سياسية أوْ فكرية، أَفْراداً كَانُوا أمْ جماعات، فهؤلاء - بحسب مُعتقدهم المُسْتند إلى العهد القديم يَرْونَ أنَّ سفك دماء المسلمين على يد اليهود أمراً لا يثير الاشمئزاز ولا يستوجبُ الإدانة مُطْلقاً - ولهذا فصُورةُ الطِّفْل ((محمد جمال الدُّرَّة)) والذي قتلتهُ القّوَّاتُ الإسرائيليةُ وهُو يَحْتمي بحضْنِ والدِهِ لم ولن يُؤثِّر في صُورة اليهوديِّ عند الغربيين ولهذا فإنَّ الحديث عن كيفية التَّأْثير في العقلية الغربية إزاء اليهود والصهيونية هو مِنْ الصُّعوبة بمكان، للاستناد الغربي - إلى العَهْد القديم في كل ما يتصِّل بإسرائيل ووجودها كدولة.
العهد القديم هو الذي كتب عنه الباحث ((ارنست بيغين)) قائلاً: ((العهد القديم هو أشدُّ الكتب بُعْداً عن الأخلاق فهو كتابٌ يدعو إلى القَسْوة والقَتْل وسَفْك الدِّماء في كُلِّ سِفْر مِنْ أسفاره)). وقد ذكر الكاتب الفلسطيني الأصل، والأمريكي الجنسية - أخيراً - في صحيفة الحياة، ((الأحد، 9 سبتمبر، 2001م، 21 جمادى الآخرة 1422هـ ((أنَّ نموذج السَّرد الرئيسي المُهيْمن عَلَى التفكير الأمريكي لا يزالُ بحسب ما يَبْدو، هو رواية ((ليون يوريس)) ((سفر الخروج)) 1950م، وسفر الخروج هو أوَّل أسفار التوراة وأوَّل أسفار العَهْد القديم، ويروي السفر في كذب وصفاقة واللاَّعقلانية ((كيف أنَّ الله كوَّن لنفْسه بَيْن أُمم الأرْض شَعَباً كَتب له أَنْ يُصْبح شاهِداً له))، ولقد صَرَّح ((يبجين)) و ((شارون)) و ((بيريز)) و ((شامير)) ((بأنَّه لا يُمكن التّنازل عن أرْضٍ يهودية، بمقتضى أوامر الرَّب نفْسه والرَّب - نفسه - بحَسَب مُعْتَقَدهم الخُرافيِّ - قَدْ أَمَرَ بكُلِّ وضوح في التوراة بطرْد سكان هذه الأرض - يَعْني الضَّفَة الغربيَّة - مِن وجْه إسرائيل وإلاَّ وجَبَ قَتْل كُل نَفْس حيَّة من الطَّفل الرَّضيع إلى الشيخ الفاني)).
هذا ما تفعله إسرائيل منذ نِصْف قرْن مِنْ الزَّمن إزَاء العرب بَدْءاً مِنْ مذبحة دير ياسين، ومروراً بكَفر قاسم، وقبيّه، وصبرا وشاتيلا، والحرم الإبراهيمي، وانتهاءً بقتْل الأطفال والشيوخ في الانتفاضة الأخيرة.
الغرب الذي يدَّعي الدِّيمقراطية والعلمانية، يُظهر أنَّ دَعْمه لإسرائيل هو مِنْ ناحية سياسية - فقط - ولكن الحقيقة القائمة - فعلاً - أنَّّ الغربيين يُؤْمنون بأساطير العهد القديم أكثر مِنْ إيمان اليهود بها، وأثبتَ مؤتمر ((دير بان)) لمناهضة العنصرية، أنَّ الأوروبيين - وفي مقدمتهم الكاثوليكية - ((روبنسون)) أنَّهم يدعمون الإرهاب الإسرائيلي انطلاقاً مِنْ الترَّهات التي تَمْلأُ صفحات العَهْد القديم، ولهذا كانُوا الأكْثر بَشَاعَةً وعُنْصريَّةً، وقد كفوا سادتَهم ((اليهُود)) مِنْ أَمْثال السَّفاح ((شارون)) مؤونَة الدفاع عَنْ الحركة العُنْصرية الصهيونية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :694  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 290 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج