شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لويس عوض
كانت كلمات الأستاذ الفاضل محمد صلاح الدين على صفحات جريدة المدينة الغراء في يوم الثلاثاء 6/3/1411هـ في موضوع تسابق بعض الصحف العربية في الثناء على كاتب عاش طوال حياته مناوئاً للدين الإسلامي، واللغة العربية وآدابها، وروّاد الكلمة في تاريخها الحضاري الطويل، وهو الدكتور ((لويس عوض)) - كانت كلمات تحمل الدعوة إلى الاستناد إلى الحقائق الموضوعية في معالجة القضايا المتصلة ببعض الكتّاب الذين عاشوا في ظل المجتمعات الإِسلامية بما تمثله من تسامح وإنصاف، ولكنهم استغلوا هذه القيم الإِنسانية الرفيعة في مهاجمة الأمة الإِسلامية من خلال التشكيك في إرثها العلمي، ومساهماتها الحضارية.
ـ يحاول البعض أن يعقد مقارنة غير متكافئة بين ((لويس عوض)) والعقاد، وطه حسين، بحجة أنهم جميعاً من دعاة التنوير، إلا أنه بقليل من البحث العلمي المتجرد يمكننا القول إن ((عوض)) لا يمكن تصنيفه مع أديبين كبيرين كالعقاد، وطه حسين، فالأول لم يكن في يوم من الأيام معادياً للعروبة، كما أن كتاباته تحمل تصوراً إسلامياً واضحاً، بل وتنطلق من هذا التصور في نقض الكثير من الآراء الخاطئة عن الدين الإِسلامي، وحياة عظمائه، كما أن طه حسين على الرغم من انبهاره بالحضارة الغربية في مطلع حياته والذي يحسن تفسيره في ضوء مكوّنات طه حسين العاطفية إلا أنه ساهم في الرقي بالأدب العربي من خلال عشقه للغة القرآن وتجنبه لجميع الدعوات المشبوهة التي تسعى للتقليل من شأنها أو تغيير بنيتها، أو إحلال العامية بدلاً منها، بينما نجد ((عوض)) يختم حياته الفكرية بعمل يكرس فيه كل قواه للهجوم على اللغة العربية، وهو كتاب ((مقدمة في فقه اللغة العربية)) والذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1980م، ثم صودر بناء على طلب من مجمع البحوث الإِسلامية وهذا العمل الذي يثبت إصرار عوض على المجاهرة بالعداء والتصدي لدراسة الفكر العربي من خلفية حاقدة يصعب تفسيرها بالنموذج المحلي الذي دعا إليه فاروق رزق في صحيفة الحياة بتاريخ 30 صفر 1411هـ ويضع رأي جابر عصفور والمنشور في مجلة ((الهلال)) والذي حاول من خلاله أن يجعل من كتابات ((عوض)) تكريساً لمفهوم العروبة الصادقة، يضعه في موقف النقيض من ((عوض)) نفسه، وليس من أولئك الذين تصدوا لنقد أعماله التي يسيطر عليها توجه واضح نحو الافتخار بالفرعونية وإحلالها محل العربية وهي السمة الأساسية للمجتمع المصري العظيم.
تبقى مسألة هامة وهي أن ((عوض)) لم يكن فقط ينعي على المجتمع المصري تعلقه بالدين وتطبيقه لشعائره وذلك من خلال تأكيده على إبراز النقيض لذلك والمتمثل في صور من تكوينه الأسري الخاص حيث ذكر في كتابه الأخير (أوراق العمر - سنوات التكوين) ((كنا في بيتنا لا نتكلم أبداً في موضوع الصوم والصلاة بل كنا نعدّها قلة أدب أو قلة ذوق)) بل ذهب إلى مهاجمة بعض الأدباء الغربيين المتمسكين بعقائدهم الدينية تمسكاً صارماً في حياتهم الخاصة والمبشرين بها أيضاً من خلال إبداعاتهم الأدبية، وكان من ببن هؤلاء، ت. س. إليوت، صاحب القصيدة الذائعة الصيت ((الأرض اليباب)) .
لقد أخفق ((عوض)) رغم تنقله بين المجتمعين الإِنجليزي والأميركي لفترة من الزمن - أثناء دراسته العليا - كما أخفقت زمرة أخرى من الدارسين العرب، في الإِحاطة بقضية هامة وجديرة بالمتابعة والدراسة وهي أن الأدباء الغربيين ينزلون أديانهم منزلة رفيعة، ولا يرضون بأن تكون محتوياتها - على الرغم من تعرضها للتغيير والتبديل على مر العصور - هدفاً رخيصاً يكرسون له مواهبهم الأدبية وأدواتهم الفنية.
إن نظرة متعمقة إلى إبداعات دانتي، وملتون، وجيفري تشوسر، فرانز كافكا، وعزرا باوند، وإليوت تجعلنا أكثر إيماناً بأن مفاهيم العلمانية وما يرتبط بها من دعوات وأفكار، لم تتلقها الأوساط الثقافية الغربية بذلك الانبهار والاندهاش الذي أصبح - وللأسف الشديد - سمة من سمات بعض الشخصيات الأدبية العربية التي تسنمت في غفلة من الوعي وفقدان التقييم منابر الكلمة ومواقع التأثير.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :664  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 224 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.