شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أرض الزبير في الغابة
والمدينة المنورة الحرم الثاني الشريف، حفظنا أنهم وضعوا الحد للحرم من اللابة إلى الغابة. وهذا التحديد من الجنوب إلى الشمال، وهناك تحديد آخر من ثور إلى عَيْر، من الشمال إلى الجنوب الغربي فثور ضرس من جبل أحد، وعَيْر هو الجبل في الجنوب الغربي يفترش حزم وادي العقيق. كما أن العقيق إذا تخطى جبل عير يفترش مسيله بين الجماء الجبل والحرة واقم، وعجيب حيث خطرت لي هذه الخاطرة فجذم اللابة افترش جنوب المدينة، فإذا هو يحجر لا يسيل إلى قباء، وقربان، والعوالي (( العالية )) حجزه الله فإذا هو يسيل إذ تفرع إلى فرعين.. فرع شرقي هو حرة (( قريظة )) يمتد من الجنوب إلى الشمال، ليقف مسيله دون الخَنَقْ دون وعيْرة.. وقد كاد يطغى هذا الفرع البركاني ليكون سدًّا يحجز وادي قناة. فإذا وفرة الماء يتكون منها غدير (( العاقول )) وإذا الماء ينخر الحرة فيجد السيل المتنفس ليسيل بقدر ليبقى غدير العاقول زاخراً. وهذا الوادي ذكر عنه السمهودي أنه سال ستة أشهر، وأذكر بما شاهدت أن هذا الوادي سال ثمانية عشر يوماً، فلذلك حجز على الحزم من جبل أحد الشيخ عمر حمدان المحرزي حين كان يقبل مع طلاب العلم على الحزم. وأغاثهم أصحاب الشيم من الذين يحسنون العوم يضعون الزاد طعاماً وشراباً في صفائح يحملونها وراء ظهورهم وقد ربطت بالحبال وسدوها باللحام، ينزل العوّام من طرف حرة قريظة يسحبه التيار حتى يصل إلى الساحة الكبيرة بين جبل أُحد و (( خيف السيد )) البستان الذي كان ملكاً لإبراهيم فراج حيث يخف التيار ويركبون الحزم ليصلوا بالطعام إلى الشيخ وطلابه.. ومما يستحق الذكر وعن حرة قريظة أنه اشتعل البركان مرتين، فالأولى في عهد أبي حفص الفاروق عبقري هذه الأمة ابن الخطاب عمر، رضي الله عنه. فلم يكن البركان قويًّا أضعفه الله فلم تُصَبْ منه المدينة بأذى.. وأما في المرة الثانية فقد ارتفعت ناره عالية حتى أضاءت أعناق الإبل ببصري. معجزة الخبر عن الصادق الأبر صلَّى الله عليه وسلم.. فهل كان ارتفاع النار بأمر الله لا تنبطح على الأرض فتؤذي المدينة المنورة فلم نسمع أنه أصابها بأذى.. كما أنا لم نسمع عن ثورة البركان في هذه الحرة ثار بعد زلزال، فالمدينة بكل هذا أصبحت وهي عدة أبقِعَةِ وكأنها الدلتا بين جذم الحرة في الجنوب وفرعيها في الشرق والغرب. لهذا قلنا من قبل إن المدينة ويوم كانت يثرب لا تغزى من جنوب أو شرق أو غرب، فغزوة أُحد في الشمال، وغزوة الأحزاب إلى الغرب المائل شمالاً.. والمدينة من الغابة إلى اللابة ما كتبت عنها ما تقدم إلا سبيلاً أذكر السبب الذي دعاني إلى ذلك فقد كنت في النادي الأدبي بجدة أستمع إلى محاضرة أستاذنا الأزهري الدكتور أحمد عمر هاشم وليتني أقول الشيخ، فالأزهر مشيخة. فاللقب للشيخ العالم والعلامة، والمفتي.. أما الدكتور فشيء جديد، لا يكبر به الأزهري، ولا نستصغره وإنما هو حكم الزمان، وسمعت الأستاذ وهو يعيب الذين يتلسنون على الصحابة فذكر اسم الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وحواريه المبشر بالجنة.
واستطرد الشيخ ليذكر أن أرض الزبير كانت في العالية أي ((العوالي)) وقد سميت بذلك لأنها اعتلت، فالمسيل ((لرانوناء)) من العالية؛ لأن قباء وقربان هي من عالية الأرض وإن لم يطلق عليها اسم العالية.. فوجدتني لا أثير الاستدراك عليه في النادي.. فأرض الزبير في الغابة أسفل المدينة المنورة يطأها وادي الحمض حيث تكون من اجتماع الوديان الثلاثة قبل الغابة في مجمع الأسيال في زغابة حول بئر روما.. فقناة وبطحان والعقيق.. تجتمع هناك سيلاً واحداً هو وادي الحمض يسيل يطأ الغابة ويأخذ معه سيلاً رابعاً هو الذي يسيل على أرض الزبير من شمال أحد هو وادي ((نُقْمي))، فهذه الأرض ليست في العالية. وفي حفل الاثنين وكان الشيخ بجانبي فاستدركت عليه ما ذكر عن أرض الزبير، قلت له إنها ليست في العالية وإنما هي في الغابة تعانق جبل أحد وتعتنق ما اتسع لها من الأرض، فقال الأستاذ أحمد عمر هاشم: إن هذا النص في صحيح البخاري فوقفت عن الكلام لعلّي أسأل شيخنا أبا تراب عن الصواب فيما ذكره الأستاذ.. وسألت أبا تراب فقال: إن الذي في صحيح البخاري هو أن أرض الزبير في الغابة فطلبت من الشيخ أن يحرر هذا الموضوع في مقال نكتبه تعقيباً على ما ذكرت، فصعب أن يأخذنا شك في المتن الصحيح، ولعلّي بعد ذلك أذكر موقفاً حول أرض الزبير فقد كنت مع الأستاذ حمزة شحاتة يوم كان يقيل عندي في الصيف وعائلتي في الطائف وقد جلسنا وبين يدينا المغني والشرح الكبير لابن قدامة، والمحلى لابن حزم، نقرأ النص في كل منهما للمقارنة والتعلم، فإذا الأستاذ حمزة يقرأ هذا الخبر؛ فقد اشتكى إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أنصاري الزبير، لأن له أرضاً بعد أرض الزبير.. فقال يا رسول الله إن الزبير يحبس ماء السيل عن أرضي، فقال الرسول صلَّى الله عليه وسلم للزبير: يأمره احبس الماء حتى يبلغ كعبيك فأطلقه وكان هذا الخبر في المغني فإذا حمزة شحاتة يقول: الله أكبر فإن هذا الأمر قانون الأنهار في العالم، فقلت العجيبة في هذه العشر سنوات بقدر الله وقوع الحدث تلو الحدث لينعم بالتشريع، فقال حمزة ما أكثر وأعظم ما تم في هذه العشر من السنوات.
وبقي أن نقرأ لأستاذنا أبي تراب عن النص في صحيح الإِمام البخاري محمد بن إسماعيل تغمده الله برحمته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :867  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 614 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.