شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وحدة المشاعر.. عصمة!!
وما كان يخطر على بالي أن أعبر عن شعوري عن وحدة المشاعر ولكن الكاتب حينما يعيش واقعه تأخذه النظرة إلى ماضيه كما تأخذه الرغبة ليحفزه الأمل في أن يكون المستقبل خيراً من الحاضر.. فأيما شعب لا يعرف ماضيه الذي سجله التاريخ مجيداً وعظيماً ومؤثراً لا يمكن له التخلص من العثرات، وأشد العثرات أن تطغى أنانية الواحد على ما ينبغي للآخرين، فشعور الواحد ليعيش وحده نكسة عليه لتكون نكسة على شعب، فالذين أخلصت مشاعرهم حين توحدت فوحدت المسيرة بوسائل الإخلاص والعون ليكون الجزء للكل والكل وحدة لا تتجزأ.
إن وحدة المشاعر أصدق تعبير عنها هو الأخوة إنما المؤمنون إخوة، المسلم للمسلم بنيان واحد يشد بعضه بعضاً.
وهذه المقدمة عن وحدة المشاعر أطرحها تحليلاً بل وتحلية حين أذكر تلك اللحظة التي توحدت فيها مشاعري.. إذ نطقت بها وإلا فما كنت يوماً إلا وأنا أعيش كل مشاعري في الناس الذين هم لن يكونوا الناس إلا إذا كانوا ناساً على خلق يحمل من اعتز بالنسب، أن يعتز بالحسب فلا يبتز ذا حسب، ولا يهتز بفرقة السبب.. الذي هو به أو هو الذي له فلا يكون عليه ولا يكون على الآخرين، شأنك أن تكون عزيزاً وشأني أن أكون معتزًّا به لتكون المعتز به ولو كنت ضعيف حال لا أمتلك النيل ولا النوال.
ومتى نطقت به؟
كان ذلك في الليلة التي اجتمعنا فيها في دار الأخ عبد المقصود خوجه أعني ليلة الثلاثاء من نهار الإثنين.. وكان الحفل أعد تكريماً للشيخ الذي ما زال شابًّا أبي عبد الرحمن بن عقيل، فلقد كنت جالساً وعلى يميني المباركان من حجر اليمامة (الرياض) بل ومن حاجر اليمامة (حريملاء) وعلى يساري الأستاذ عبد الرحمن بن عقيل الوشمي اليمامي بل هو العربي كما هما عروبة القحطاني والعدناني فوجدتني وأنا في هذا الحجر لأجد نفسي ذا حجر فلم يكن هذا الحجر الذي أنا فيه منحازاً إلى العقل وحده أو إلى العاطفة وحدها بل كان هذا الحجر وهو يعني العقل عقلاً وعاطفة، وعلى يميني المباركان شباب من أهل كاظمة (الكويت) التي ما كظمت حبها عن كاظمة البصرة والكوفة وعن حبها لأصلها جزيرة العرب. حين ذاك نطقت أقول إن وحدة المشاعر في أبناء الأمة الواحدة عصمة. عصمة السلوك خطوة خطوة في المسيرة المتحدة للحفاظ على المصير الواحد.. ذلك إلهام اللحظة مع إنه استلهام كل اللحظات من قبل لحظات ذي قار وذات الخنافس التي كانت على ساحل البحر الأزرق نصراً عربيًّا في ذي قار ونصراً عربيًّا مسلماً في ذات الخنافس بعد النصر ذي الحيرة وسيلة.. لنصر اليرموك، لنصر القادسية، ذلك النصر الذي لم يكن إلا بالإيمان الذي لم ينتصر إلا بوحدة المشاعر. لقد كان مع المثنى بن حارثة الشيباني أبو زيد الطائي قحطاني. صديق للعدناني، وقد كان أبو زيد نصرانيًّا والمثنى كان المسلم بكل معنى الكلمة، فإذا وحدة المشاعر تمسك بالنصراني عربيًّا طائيًّا قحطانيًّا ليقول للمثنى (أنا امرؤ نصراني فماذا تريدني أنْ أفعل؟ فقال ابن حارثة: قاتل على أحسابك) يعني على أخلاقك تستلهم مشاعرك، فقاتل أبو زيد جنباً إلى جنب مع المثنى فقتل، ذلك أن مشاعره العربية دعته ألا يترك قومه العرب دون أن يقتل في سبيلهم.
إن وحدة المشاعر هي التي تأخذني محبذاً ولا أنحصر في أشبار من الأرض في هذا الكيان الكبير، بل إن كل شبر من أرضنا هو وطني، فإذا أنا المعجب التياه فيما فعل عبد العزيز بن عبد الرحمن حيث جمع الشتات فلا قطيعة، ولا إقطاع ولا مقاطعات. فوحدة المشاعر نحن في حاجة إليها ليكون كل واحد وما هو فيه، أو بما هو له، ولكن وحدة المشاعر تجعله بكل ذلك أن يكون لنا جميعاً منا وفينا فالانفرادية طغيان الفرد على نفسه قبل أن يطغى الفرد على الآخرين، وحين نطقت بوحدة المشاعر ما كان في خاطري انعقاد مؤتمر القمة في جزيرة على البحر الأزرق؛ خليجنا العربي جزيرة البحرين في عاصمتها المنامة وما كانت مناماً، ولكن القمة فيها صحوة، فزعماء مجلس التعاون أبناء الأرض الواحدة واللغة الواحدة والشعب الواحد وقبل كل ذلك الدين الواحد، فكيف لا يكون مجلس التعاون؟ لقد كان حين نكون بهذا الوازع وحدة المشاعر، كلهم عرب زعامة النسب بحلية السبب واعتلاء الحسب، فالعربي ما كان عظيماً بالنسب وحده، وإنما يعظم بالحسب ويتعاظم بالسبب.
إن مجلس التعاون أكتب عنه اليوم ولما يعلن بيان المؤتمر بهذا الإلحاح يدعوني إلى الكتابة. وليس هو إلحاح الجريدة وإنما هو إلحاح الحافز بوحدة المشاعر.
إن مجلس التعاون وحدة أنموذج تضامن لا إمبراطورية تعاون لا يتعدى ولا يتحدى وإنما هو للمصير يتصدى... إن تعاون زعماء المجلس من شعوب الخليج نداء لما يمثله إلى أن يكون هناك تعاون شامي عراقي مصري سوداني ومغربي. ينبغي ما دام المسلمون لهم مؤتمر وما دام العرب لهم جامعة أن لا يكون هذا الاجتماع صوريًّا وإنما يجب أن يكون مصيريًّا.. أليس المسلمون والعرب يحملون مقدرات الأمة الواحدة، وحدة العقيدة، وحدة المسجد، وحدة الأرض والتاريخ والمصير، يعني أن كلنا في التاريخ المشترك. كما أن وحدة هذا الكيان الكبير المملكة العربية السعودية منذ كانت الأنموذج كانت الداعية إلى وحدة تحققت في المؤتمر الإسلامي في التضامن العربي فإذا هي عضو في مجلس التعاون، فمجلس التعاون لا ينفصل عن كل دعوة خيّرة دعا إليها المؤتمر الإسلامي وتدعو إليها الجامعة العربية.
في زمن مضى وصلنا إلى الكويت وفي أزمة وقاها الله شرها جرى حوار بيني وبين الأستاذ سعيد فريحة كان ميالاً إلى جهة مائلاً علينا وكان حاضراً في هذا الحوار وفي بيت وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد. الأستاذ النابلسي عيسى خليل صباغ الأمريكي حين كان يعمل في السفارة الأمريكية لدينا، فمن هذا الحوار قلت لسعيد فريحة: وأنت العربي لا بد أن تعرف عن هذه الوحدة الأنموذج التي تكوّنت بعبقرية البطل عبد العزيز بن عبد الرحمن، فلو لم يضم الأحساء لفقد العرب كل العرب هذه الأرض الطيبة؛ لأن الانفصال في قطعة من جزيرة العرب هو وصمة للعرب؛ ولأن ما فعله عبد العزيز أصبح اليوم عصمة للعرب؛ ليس بقلة التمر ولا ببرميل بترول وإنما بوحدة الأرض وبوحدة المشاعر..
فحذار.. حذار من اختلاف مشاعر تزعزع الوحدة بين القلوب، فانتصار الشعوب قلب مفعم بصدق المشاعر لا بالجيوب وإن امتلأت.. تحية لمجلس التعاون نمت به وحدة المشاعر والله ولي التوفيق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :739  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 613 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الغربال، تفاصيل أخرى عن حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه - الجزء الثاني

[تفاصيل أخرى عن حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 2009]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج