لا أَرَّقَ ((اللَّهُ)) جَفْنَاً بَاتَ يَشْغَلُني |
ولا جَفَا النَّوْمُ ظَبْيَاً سَاجِيَ الطَّرْفِ |
أَصْفَيتُهُ الوُدَّ والإحْسَاسَ مُخْتَفِياً |
فِيَما أُوَارِيهِ مِنْ كَدْمٍ وَمِنْ جَحْفِ |
هُوَ الثُّرَيَّا إذَا بَانَتْ ذَوَائِبُهُ |
وَإِنْ تَجَلَّى فَبَدْرٌ لَيْلَةُ النِّصْفِ |
سَلَّمْتَهُ القَلْبَ لا أَقْوَى مُجَادَلَةً |
وَهَلْ يُجيدُ حِوَاراً طَالِبُ العَطْفِ؟ |
مَا أَعْذَبَ الهَمْسَ لو تُزْكِيهِ مَجْتَلياً |
يَا سَاكِنَ الخَفْقِ والأَحْشَاءِ كَالطَّيفْ |
يَا هَانِيَ البَالِ إنَّ الصَّمْتَ مَزَّقَني |
واسْتَلْهَب الحِسَّ بُرْكَاناً مِنَ القَذْفِ |
وَأَنْتَ أَهْلٌ لِمَا نَرْجوهُ مَؤُتَمَلاً |
فَمَا نُعَانِيهِ فَوْقَ القَوْلِ وَالوَصْفِ |
جِرَاحُنَا اليَوْمَ قَدْ نَزَّتْ بِمَا حَمَلَتْ |
وَاسْتَفْحَلَ الأَمْرُ بَيْنَ الغَمْطِ وَالْحَيْفِ |
مَتى تَحِنُّ إلى ذكَرَى لنا نَقَشَتْ |
سَطْرَاً على المَاءِ فَوْقَ المَوْجِ كالحَرْفِ؟ |
الشَّطُّ والنَّايُ وَالأمَواجُ تُطْرِبُنَا |
وَأَنْتَ وَاللَّيْلُ وَالأحْلاَمُ في صَدْفِ |
كَمْ حَرَّكَ الشَّوْقُ ذِكْرانَا وَكَمْ صَلِيَتُ |
مُنْذُ افْتَرَقْنَا بِحَرٍّ لاَهِبِ النَّزْفِ! |
أشكو الزَّمَانَ لِمَا يُلْقيه مِنْ سَأَمٍ |
بَيْنَ الحَنَايا ـ وَمَا أَصْلاَهُ مِنْ عَصْفِ |
قَدْ فَاضَ شِعْري بلاَ وَزْنٍ يَكَبِّلهُ |
إِذا تَغَنَّى.. فَنَايٌ حَالِمُ.. الْعَزْفِ |
بَذَرْتَ في النَّفْسِ أطْيَافاً مُعَطَّرَةً |
تَفِيْضُ بِالحُبِّ في جَنْبَيَّ فِي لُطْفِ |
إلى مَتّى الهَجْرُ وَالحِرْمَانُ يَنْهبُني |
وَأَنْتَ مَا زِلْتَ في صَوْلٍ وفي عَزْفِ |
مَن يَكْلأُ الصَّبَّ إِنْ فَاضَتْ مَشَاعِرُهُ؟ |
حَاشَاكَ يَا بَدْرُ أَنْ تَصْبو إلى حَتْفي؟ |
أَنَا المُعَنَّى وَهذَا اللَّيْلُ يَشْهَدُ لي |
لَكَمْ أُعَاني مِنَ الوَخْزَاتِ وَالقَصْفِ |
فَهَلْ تَحِنَّ إلى ذِكْرَى لنَا عَبَرَتْ؟ |
فَتَرْسُمَ الحُبَّ إِكْليَلاً عَلى كَهْفي؟ |
تُضَمِّدُ الجُرْحَ في الأَعْمَاقِ تَلأَمُهُ |
حَتَّى يَطِيْبَ مِنَ الإِخْوَاءِ.. وَالضَّعْفِ |
يَا صَائِلَ القَدِّ هَلْ تَقْسُو عَلى أَمَلٍ؟! |
يَسْتَلْهِمُ النُّورَ في دَلٍّ.. وفي ظُرْفِ؟! |
أليْسَ في الخَفْقِ إحْساسٌ يُشَاطِرُهُ |
ويَبْعَثُ الدِّفْءَ وَهَّاجاً بِلا زَيْفِ؟! |
فَالوَصْلُ للِصَّبِّ أَحْلاَمٌ تُهَدْهِدُهُ |
كي يَرسُمَ الشِّعْرَ أَنْبَاضَاً لِمَا يُخْفي |
وَيَرْكَبَ الصَّعْبَ لا خَوْفٌ يُزَلزِلُهُ |
في الخَافِقَيْنِ مِنَ الإِحْبَاطِ والسَّفِّ |
فَالبَحْرُ للصَّبِّ أَطَيَافُ مُشَعْشَعَةٌ |
وَالمُوْجُ في الشَّطِّ حُلْمٌ نَابِضُ الشَّفِّ |
واللَّيْلُ سُكْنَى إِلَى التَّهْمِيسِ يُطْلِقُهُ |
فَيْضَاً مِنَ الحَسِّ أَنْدَى مِنْ شَذَا العَرْفِ |
وَنَفْثَةُ الأَهِ في الأَعْمَاقِ حَارِقَةٌ |
لما تَرَاكَمَ مِنْ لَفْحٍ وَمِنْ شَظْفِ |
وَهَمْسَةُ اللَّيْلِ قِيثَارٌ يُسَامِرُني |
يُشِيْعُ في النَّفْسِ تَروْيَحاً لما أُلْفي |
وليس عِنْدَكَ ما يُصْفي لِموْجدَتي |
فَمَا أُدَارِيهِ وَقْدٌ عَارِمُ النَّسْفِ |
سأَشْرَبُ الكَأسَ مُرَّيْهَا بلا مَضَضٍ |
فليسَ ثَمَّةَ مَا يُرْجَى.. مِنَ الأُلْفِ |
وَأرْسُمُ اللَّيْلَ أَحْلاماً مُرَهَّفَةً |
علِّي أَرَى البَوْحَ في أَحْشَائِهِ يُضْفي |
لَوَاعِجَ الشَّوْقِ مَا حَنَّتْ مُجَنَّحَةً |
تَجِيشُ بِالحُبِّ وَالإِحْسَاسِ وَالْوَجْفِ |
يَا سِيِّدَ الحُسْنِ مَا أَحْرَاكَ تُلْهِمُنَا |
بِطَلْعَةِ الفَجْرِ تَجْلو غُمَّةَ الخَسْفِ |
تُحَرِّكُ القَلْبَ في وَصْلٍ تُعَلِّلُهُ |
إِنَّ الذي عَجَّ في أَعْمَاقهِ يَكْفي |
وليس في النَّفْسِ ما أَشْكوهُ مِنْ وَلَهٍ |
إِذا الحَبِيْبُ تَنَاءَى عَنْ رُؤَى وَصْفي |
وَأَدْمَنَ البُعْدَ بالهُجُرَانِ يَصْعَقُني |
كيما يَرَى الدَّمْعَ شَلاَّلاً مِنَ النَّزْفِ |
سأُلْجِمُ الخَفْقَ إنْ جَاشَتْ مَشَاعِرُهُ |
وَأَقْمَعُ النَّفْسَ عَنْ غَيٍّ لها.. يُسْفي |
وَأَجُرَعُ الصَّابَ لا أَخْشى مَرَارَتهُ |
فَكَمْ مِنَ السُّمِّ تِرْيَاقٌ مِنَ الرَّجْفِ؟! |