لا تَيْأَسَنَّ إذا الخُطوبُ تَرَاكَمَتْ |
يوماً عليكَ فَإِنَّهَا لا تَقْتُلُ |
واصبرْ فإن الصبرَ معراجُ الرِّضى |
وحصادُهُ خَيْرٌ وفيرٌ يَشْمَلُ |
يزدادُ فيضاً للذي في قلبه |
ذراتُ إيمانٍ تشعُّ وتَصْقُلُ |
فيرى الحياةَ خديعةً مبثوثةً |
في وَجْهِ فَاتِنَةٍ تَخُونُ وتَمْطِلُ |
ما هذه الدُّنيا بدار تَرَبُّضٍّ |
بل إنها مثلُ الغيوم سَتَأْفُلُ |
وإذا اعترتْكَ مصيبةٌ فانصبْ لها |
وسِل الإلهَ ـ فإنَّه لا يَبْخَلُ |
واستَمْسِك الحَبْلَ القَوِيَّ بعزمةٍ |
ما عاشَ يوماً قانِطٌ مُتَذَلِّلُ |
وإذا دعتك النفسُ تغري نشوةً |
فاقمعْ ـ نُزُوقَ الطَّيْشِ إنك تَجْهَلُ |
وانهجْ طريقَ الأولين فإنهمْ |
قمعوا شرورَ نفوسهم وتَبَتَّلُوا |
واقْبِلْ إلى رَبٍّ كريمٍ مُرْتَجَى |
فهو المُجِيبُ ولا دعاءٌ يُهْمَلُ |
اِمْسِكْ زِمَامَ النفسِ والجِمْ نَفْرَهَا |
لا تغرينَّكَ بالفتونِ وَتَشْغَلُ |
وإذا ادلهمَّ الأَمْرُ واسودَّتْ رُؤَى |
واغتالك الإِحْبَاطُ فيك يُزَلْزِلُ |
فالجَأْ إلى ساحِ الإلهِ فإنَّهُ |
ساحُ النَّجَاةِ لِكُلِّ قَلْبٍ يُوجَلُ |
سَاحٍ بِه تَصْفو النفوسُ من القَذَى |
وتزولُ آثارُ السآمِ وتَرَحَلُ |
تسمو صفاتُ اللَّه عن وَصْفٍ له |
جَلَّتْ له الأَسْمَاءُ لا تُتَمَثَّلُ |
إن قال كُنْ.. كان الذي في علمه |
ما بَيْنَ رَدِّ الطَّرْف لا يَتَمَهَّلُ |
رَبَّاهُ إني قد أتيتكَ مذنباً |
أرجو حِمَاكَ فَأَنْتَ نِعْمَ المَوْئلُ |
فاقبل نَجِيَّاهَبَّ يَرْجُو رَحْمَةً |
من جودك الفياضِ إنك مُجْزِلُ |
أَفْضَى إليكَ بسره في خلوة |
يرجو رضاكَ فمن سواكَ يُؤَمِّلُ؟ |
فَيْضي يَجِيشُ بِأَنْ تُنِيرَ بَصيرَتي |
وَتُقِيلَ عَثْرَاتي فإني مُهْمِلُ |
وإذا خَلَوْتُ إلى أحاسيس الهوى |
وانساحت الذكرى ترق وَتَرْفُلُ |
وبدت تساورني الخَطِيئَةُ في الخفا |
فكن الوجاءَ لكل طيش يَنْزِلُ |
فلقد سئمتُ من الحياة وغيها |
وأَنَخْتُ راحلتي ببابك أسْأَلُ |
نهر من الدمع الغزير سفحته |
نَدَمَاً لما قَدَّمْتُ أو هو مُقْبِلُ |
فامنن عليَّ بتوبةٍ ينجو بها |
من غابر الزلات عبد يَخْجَلُ |
قد باتَ في دُنْيَاهُ نَهْبَ خواطر |
تسمو به حيناً.. وحيناً تَسْفُلُ |
عَجَّتْ به الآثامُ ملءَ إِهابه |
يستلهم الغفرانَ منك وَيَسْألُ |
ما خاب ظَنُّ العبد فيك لِمَا رجا |
إذ باب عفوك مُشْرَعٌ لا يُقْفَلُ |
للتَّائبينَ العائدين إلى الهدى |
القانتين الصَّابرين إذا ابتلوا |
حتى إذا ووريتُ قبري في الثَّرَى |
ومشى الرِّفَاقُ جميعُهُمْ وَتَحَوَّلُوا |
وَأَقَمْتُ في أَعْمَاقِ مُظْلِمَةٍ فَكُنْ |
أَنْتَ المجيرَ ـ فَإِنَّني ـ أَتَوَسَّلُ |
لا يشفعُ الأهلونَ في قاع الثرى |
والمالُ والأبناءُ ساعةَ نَرْحَلُ |
القَبْرُ للموفين جَنَّةُ رَوْضَةٍ |
وجحيمُ نارٍ للذين تَبَدَّلُوا |
من غرَّهم جاهُ الحياةِ وزيفُهَا |
وبريقُهَا ورحيقُها المُتَعَسِّلُ |
فلكم جنيتُ الإِثْمَ لحظةَ غَيْبَةٍ |
وبريقُ شيطانِ الحياةِ يُضَلِّلُ |
ومنارُ إيماني بقلبيَ خاشعٌ |
يوحي بِأَنَّكَ سَاتِرٌ وَمُظَلِّلُ |
فَاخْتِمْ بِإِيمَانٍ حياتيَ رحمةً |
يا عالماً بِالسِّرِّ حَاشَا تَغْفَلُ |
ثُمَّ الصَّلاَةُ على النَّبيِّ المُجْتَبَى |
مَا قَامَ عَبْدٌ لِلْكِتَابِ يُرَتِّلُ |
يَتْلو مِنَ الآياتِ ما يُسْري الضَّنَى |
ويزيلُ رِجْسَا في الفُؤَادِ ويَغْسِلُ |
والصَّحْبِ والأَهْلِينَ مَا هَبَّتْ صَبَا |
وَتَرَنَّمَتْ وُرْقُ الحَمَامِ تُهَلِّلُ |