هَاتْ مَا فِيكِ يَا حَيَاةُ وكيدي |
وَامْلأي الخفقَ بالجِرَاحِ.. وَزِيدي |
كُلُّ ما فيكِ قاتمٌ في رؤاه |
ينشرُ الرُّعْبَ مِثْلَ قَصْفِ الرُّعُودِ |
اترعي الكأْسَ مُرَّةً واسقنِيهَا |
من نَزِيفٍ.. مُخَثََّرٍ.. أو صديدِ |
مَزِّقي النفسَ في شَتَاتٍ وَقَهْرٍ |
ثُمَّ صُكِّي سواعدي بالقُيودِ |
هَاتِ ما فيكِ.. ما رَأَيْتِ مُتَاحَاً |
مِنْ خِدَاعٍ مُذَيَّلٍ.. بالوَعيدِ |
بَرْكِنى الأُفْقِ إِنْ رَغِبْتِ نَكَالاً |
ثُمَّ هُبِّي كَريحِ عَصْفٍ شَديدِ |
ذوِّبي الخوف في شِغَافِ أبيَّ |
صَائِلِ الخَطْوِ.. رُغْمَ أَنْفِ الحَقُودِ |
اطْلِقي السَّهْمَ كُلَّ حينٍ وتِيهي |
فَرَؤُى الصَّقْرِ فَوْقَ هَامِ النُّجُودِ |
لا أُبَالي إذا الحياةُ تصدّتْ |
تَرْشِقُ السَّهْمَ والنَبَالَ بجيدي |
أَطَأُ الذُّلَّ.. هَلْ يَخَافُ رُؤاهُ |
مَنْ يَرَى فيهِ عَزْمَةً مِنْ حَديد؟ |
فَخِصَالُ الكريمِ تَأْبَى مَزَادَاً |
لوْ أُحِيلَتْ حياتُهُ.. كَالشَّريدِ |
تملأ النفسَ بالشَّموخِ إبَاءً |
عَنْ شَنَارٍ.. وَخِسَّةٍ وجُحُودِ |
يَهَبَ النفسَ فِدْيَةً لعلاهُ.. |
حينَ يَسْمو فؤادُه بِالصُّمودِ |
إِنَّ نَفْسَاً تَهَابُ جُبْنَاً.. تُلاقي |
وَصْمَةَ العارِ ذِلَّةً.. كالعبيدِ |
زلزلي الأرضَ إن قَدِرْتِ وَدُكِّي |
كُلَّ هَامٍ.. رَأَيْتِهِ.. في جمودِ |
قَوِّضي كُلَّ ما تَرَيْنَ صَفَاءً |
مِنْ نَعيمِ الحياةِ أَوْ مِنْ رَغيدِ |
لستُ أَخْشَى من الحياةِ فكم ذا |
صَاوَلَتْهُا عَزيمَتي.. بالصُّدودِ |
أركبُ الصَّعْبَ لو أُهِنْتُ وَأَجْثو |
فَوْقَ راحٍ مِنَ السَّحَابِ البعيدِ |
فهوانُ الأبيِّ سقْطٌ وذلٌ |
يتأَبَّاهُ ذُو النِّضَالِ.. العَنيدِ |
هاتِ ما فيكِ يا حياةُ فَلَمَّا |
أَكْتَوِ بَعْدُ مِنْ صَلاَكِ المُبِيدِ |
كيفَ لا ومبدأُ الحياةِ جَفَاءٌ |
مُسْتَبِدٌّ مَعَ الشَّريفِ.. المَجِيدِ |
كُلَّ ما طابَ جُرْحُهُ يَتَصَدَّى |
لجراحٍ.. جديدةٍ.. في الوَريدِ |
شَابَ عَزْمُ الكريمِ يَسْعَى مُجِدًّا |
أَنْ يَرَى النُّورَ في الظَّلامِ المَديدِ |
يَجْتَلِي الحِسَّ مِنْ رؤاهُ سَنَاءً |
فيرى الأُفْقَ غَابَةً للأسودِ |
أَيُّ مَعْنَى إذا الحياةُ توارتْ |
وَابْتَدَى الكَدْمُ لِلسَّويِّ الرَّشيدِ |
تَرْفَعُ الغِرَّ للعلا والمَعالي |
وتدوسُ الذَّكيَّ.. دَوْسَ المُكيدِ |
وإذا قامَ في الحياةِ جَبَانٌ |
يَقْرَعُ الطَّبْلَ بِامْتِهَانِ القَصيدِ |
يرسلُ المَدْحَ والثَّنَاءَ رِيَاءً |
فَهْيَ عَوْنٌ لِخَادِعٍ.. مُسْتَفيدِ |
تُسْعِدُ الفَدْمَ وَالجَهُولَ إذا ما |
ركبَ المجدَ حالماً.. بالصُّعودِ |
هكذا أَنْتِ يا حياةٌ تَوَلَّتْ |
نَغَمْةُ الحِسِّ عَن رؤاكِ.. الكَنُودِ |
تَجْلُبينَ السُّقُوطَ والدَّحْرَ حّتَّى |
لا يُرى النورُ مِنْ شَفَافِ الوُجُودِ |
تَرْسُمِينَ القُنوطَ والطَّحْنَ جَوْرَاً |
وَتُغَالينَ في انْتِقَاصِ.. المَجِيدِ |
في اغْتِيَالٍ تَشُنِّينَ حَرْبَاً ضَرَوسَاً |
لِلَّذي بَاتَ حَالِماً.. بالصُّعودِ |
هَاتِ مَا فِيكِ يا حَيَاةُ فَإِنِّي |
رُغْمَ كَدْمي.. أَصُولُ صَوْلَ العَتِيدِ |
أَكْتِمُ الغَيْظَ إِنْ حَلِمْتُ وَإِلاَّ |
إِنْ تَصَدَّيْتُ.. كَانَ يَوْمُ الوَعِيدِ |
إِنَّ نَفْسَاً تَهُونُ سَاعَةَ ضَيْمٍ |
كَانَ أَحْرَى.. عَذَابُها.. فِي شُهُودِ |