شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 3 -
الرشيد: ما هي يا أبي؟
يحيى: أحداث جرت في بلاد الروم.
الرشيد: لعلّها في صالحنا..
يحيى: لا أظن يا مولاي..
الرشيد: كيف.. قل ما هي هذه الأحداث؟
يحيى: أيريني ملكة الروم..؟
الرشيد: ماذا حدث لها؟
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بأصوات تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت ميخائيل يقول):
ميخائيل: هذا شيء لا يطاق أيها القائد؟
نقفور: ما هو يا ميخائيل..
ميخائيل: حال أيريني يا نقفور..
نقفور: إنك على حق يا ميخائيل فقد أصبحت (أيريني) لعبة في يد فتاها أنطونيو يتصرف في أمور الإمبراطورية كما يشاء..
ميخائيل: لقد تولهت أيريني بهذا الشاب فسلمته كل شيء فصار هو الإمبراطور الفعلي الذي يعزل ويولي وحوله بطانة من الشبان الماجنين..
نقفور: صدقت.. صدقت ولا أدلّ على ذلك من معاهدة العار التي عقدتها أيريني مع خليفة المسلمين هارون الرشيد..
ميخائيل: إن انطونيو هو السبب يا نقفور.. يريد أن ينعم بالهدوء بجانب (أيريني) فرضي بهذا الذل والهوان الذي لم يسجل مثله تاريخ إمبراطوريتنا..
نقفور: نعم.. نعم.. والآن ما العمل.. ما الرأي؟
ميخائيل: الرأي لك يا نقفور وما علينا إلا الطاعة وتنفيذ ما تأمرنا به..
نقفور: يتوجب علينا إقصاء أيريني وفتاها عن الحكم مهما يكن الثمن..
ميخائيل: إقصاء (أيريني) وفتاها من أسهل الأمور أين القائد..
نقفور: كيف..؟
ميخائيل: إن الناس ينقمون على (أيريني) لأنها اغتصبت العرش من ابنها (القاصر) وحبسته وضيقت الخناق عليه..
نقفور: ومولاي ما استطاعت يا ميخائيل لقد عاونتها على خلع ابنها قسطنطين حتى قبضت عليه وسملت عينيه وأصبحت القيصرة (أوجستا)..
ميخائيل: ما رفعته بيدك يجب أن تضعه بيدك..
نقفور: بل يجب أن أسحقه تحت قدمي ولا سيما انطونيو الماجن..
ميحائيل: هذا هو أمل الجميع فيك أيها القائد..
نقفور: يجب القيام بعمل حاسم في هذه الليلة..
ميخائيل: نحن على أتم الاستعداد وبانتظار الأمر..
نقفور: أذهب إلى مركز قيادتك وكن مستعداً أنت ومن معك لتنفيذ ما أصدره إليك من تعليمات.
ميخائيل: بالأمر أيها القائد..
نقفور: مع السلامة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة تختلط بضحكات هستيرية مجونية صادرة من رجال ونساء وأصوات موسيقى وتريَّة ونحاسية نسمع بعدها صوت ميخائيل يقول):
ميخائيل: إن أيريني وفتاها والحاشية في أشد حالات الانبساط والسرور..
نقفور: حتى حرّاسهم يشتركون معهم في هذا الانبساط وأرى أنه الآن أحسن الأوقات للانقضاض عليهم..
ميخائيل: أجل أيها القائد.. أجل.. إنها ساعة الصفر..
نقفور: حسناً.. عندما تسمعونني أصرخ وأقول: أموريا.. أموريا.. فهذا يعني الهجوم هيا إلى مكانك وبلغ أمري لمن هم تحت قيادتك..
ميخائيل: بالأمر أيها القائد..
(موسيقى صاخبة تختلط بضحكات هستيرية مجونية صادرة من رجال ونساء وأصوات موسيقى وتريَّة ونحاسية نسمع بعدها صوت نقفور يصرخ قائلاً):
نقفور: أموريا.. أموريا..
(يبتدىء الهجوم بأصوات مفزعة مرعبة يتخللها صليل السيوف وقعقعة السلاح وسقوط قتلى وإنّات جرحى نسمع بعدها صوت ميخائيل.. يقول):
ميخائيل: لقد استسلمت أيريني بعد أن قُتل فتاها وصُرع قائد حرسها..
نقفور: قيدوها وخذوها إلى القلعة وعاملوها بقسوة كما عاملت ابنها المسكين..
ميخائيل: بالأمر أيها القائد..
نقفور: قل لجنودك وأمراء فصائلك بأن يحافظوا على كل شيء وأن يمنعوا الغوغاء من النهب والسطو على متاجر البلدة وحوانيتها ودورها..
ميخائيل: لقد قمت بالترتيبات اللازمة مسبقاً أيها القائد..
نقفور: بورك فيك.. بورك فيك..
ميخائيل: متى يأمر سيدي القائد بإعلان توليه عرش الإمبراطورية؟
نقفور: أعلنوه في الصباح الباكر بشتى وسائل الإعلان كما يجب..
ميخائيل: كما يجب ماذا؟
نقفور: أن يعلن أني عينتك قائداً عاماً لجيش الإمبراطورية..
ميخائيل: شكراً مولاي على هذه الثقة الغالية التي أعتز بها وافخر وأرجو أن أكون عند حسن ظنكم بي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة نسمع بعدها صوت يحيى يقول):
يحيى: هذا ما حدث لأيريني المعروفة بالقيصرة (أوجستا)..
الرشيد: إنها أخبار سيئة يا أبي.. ولكنها..
يحيى: ولكنها ماذا يا أمير المؤمنين؟
الرشيد: إنها لا تستحق السهر منك إلى الهزيع الأخير من الليل في انتظاري..
يحيى: خشيت أن استهدف إلى غضب أمير المؤمنين إن أنا أخرت اطلاعه على هذا الخبر إلى اليوم التالي..
الرشيد: إني مشفق عليك يا أبي..
يحيى: إنني عاجز عن الشكر يا أمير المؤمنين..
الرشيد: والآن وقد أردت إلا أن تخبرني فما رأيك؟
يحيى: الرأي لأمير المؤمنين..
الرشيد: أين القائد عبد الملك بن إبراهيم بن جبريل؟..
يحيى: إنهما في دورهما هل يأمر مولاي باستدعائهما؟
الرشيد: لا.. لا.. فالمثل العربي يقول عند الصباح يحمد القوم السرى..
يحيى: هل يأذن أمير المؤمنين لي بالانصراف؟
الرشيد: بلى.. بلى.. وأنت يا جعفر والبقية إلا مسرور..
يحيى: طاب يومك يا أمير المؤمنين..
الرشيد: ويومك يا أبي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت زبيدة تقول):
زبيدة: هل يأمر أمير المؤمنين بأن أبقى أو انصرف..
الرشيد: لك مطلق الحرية فإذا شئت بقيت فيا لسعادتي أو ذهبت فإني أتمنى لك أطيب الأحلام..
زبيدة: شكراً لك يا أمير المؤمنين.. أريد أن أستأذنك في الذهاب إلى حيث يقيم محمد الأمين فهو لم ينم بعد..
الرشيد: لماذا؟
زبيدة: لقد علم بانحدارك إلى دجلة وقد أغتم لتأخرك..
الرشيد: لا عليه.. قولي له إني بخير وأن نسيم دجلة قد أراحني مما كنت أشكو منه..
زبيدة: الحمد لله.. الحمد لله.. طاب يومك يا أمير المؤمنين..
الرشيد: طاب يومك يا أم الأمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بأصوات مبهمة تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت الأمين يقول وهو يضحك):
الأمين: حدثني يا ابن الربيع عما جرى مع رسل ملك الهند الذين قدموا بهدية ملكهم إلى أمير المؤمنين.
ابن الربيع: بعث ملك الهند بسيوف قلعية، وكلاب سيورية، وثياب من ثياب الهند مع رسله فدخلوا على أمير المؤمنين فقال لهم..
الأمين: ماذا قال؟
ابن الربيع: ما جئتم به؟ قالوا: هذه أشرف كسوة في بلدنا.. فأمر أمير المؤمنين القطاع بأن يقطع منها جلالاً ورقاع كثيرة لخيله..
الأمين: ماذا فعل رسل ملك الهند حين رأوا ذلك؟
ابن الربيع: نكسوا رؤوسهم..
الأمين: وبعد..
ابن الربيع: ثم قال لهم أمير المؤمنين: أما عندكم غير هذا؟ قالوا: هذه سيوف قلعية لا نظير لها فدعا بالصمصامة..
الأمين: الصمصامة سيف عمرو بن معد يكرب..
ابن الربيع: بلى يا سيدي.. فإذا بالصمصامة يقطع سيوفهم سيفاً سيفاً كما يقطع الفجل من غير أن تثلم له شفرة ثم أمرني..
الأمين: ماذا أمرك؟
ابن الربيع: أمرني أن أعرض عليهم حد الصمصامة فإذا لا فل فيه.. فصلب القوم في وجوههم.. ثم قال لهم: أما عندكم غير هذا؟ قالوا:
الأمين: قالوا ماذا؟
ابن الربيع: هذه كلاب سيورية لا يلقاها سبع إلا عقرته.. فقال لهم أمير المؤمنين: إن عندي سبعاً إن عقرته فهي كما ذكرتم ثم أمر بالأسد فأخرج إليهم..
الأمين: لا شك أنها لهم لأني أعرفه سبعاً ضخماً فماذا قالوا؟
ابن الربيع: ليس في بلادنا مثل هذا السبع فقال لهم أمير المؤمنين: هذه سباع بلدنا قالوا نرسلها عليه وكانت الأكلب ثلاثة فأرسلت عليه..
الأمين: فأكلها السبع واحداً بعد واحد.. أليس كذلك؟
ابن الربيع: لا يا مولاي..
الأمين: إذن ماذا؟
ابن الربيع: مزقت الكلاب السبع إرباً إرباً..
الأمين: (صارخاً) غير معقول يا ابن الربيع.. غير معقول..
ابن الربيع: هذا الذي وقع أمامي يا سيدي فأعجب أمير المؤمنين بها وقال تمنوا في هذه الكلاب ما شئتم من طرائف بلدنا قالوا ما نتمنى إلا السيف الذي قطعت به سيوفنا..
الأمين: بالطبع لم يجبهم أمير المؤمنين إلى طلبهم..
ابن الربيع: صدقت يا مولاي لقد قال لهم: هذا مما لا يجوز في دينينا أن نهاديكم بالسلاح ولولا ذلك ما بخلنا به عليكم ولكن تمنوا غير ذلك ما شئتم قالوا:
الأمين: ماذا قالوا؟
ابن الربيع: قالوا ما نتمنى إلا إياه.. فأجاب لا سبيل إلى ذلك ثم أمر لهم بتحف كثيرة وأحسن جائزتهم..
الأمين: لا فض فوك.. إنها مقابلة لطيفة..
ابن الربيع: أجل يا مولاي وقد أذن الفجر فهل يسمح سيدي بالانصراف؟
الأمين: طاب في أمان الله.. طاب يومك..
الربيع: طابت أيامك يا مولاي..
(تدخل زبيدة والموسيقى مصاحبة وهي تقول):
زبيدة: ألم تنم بعد يا بني؟
الأمين: لا يا أماه وقد كنت بانتظارك لأطمئن على أخبار أمير المؤمنين..
زبيدة: إنه بخير وقد عاد من رحلته النهرية منشرح الصدر والخاطر وزال عنه ما يشكو منه..
الأمين: الحمد لله.. إذن سأذهب إلى النوم وأنت..
زبيدة: سأذهب أيضاً..
الأمين: طاب يومك يا أماه..
زبيدة: طابت أيامك يا بني..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يحيى البرمكي) يقول:
يحيى: السلام على أمير المؤمنين..
الرشيد: وعليك السلام يا والدي ومؤدبي.. هل من جديد عن أيريني؟
يحيى: لقد عميت عنها الأخبار بعد سجنها وتنصيب نيسفوروس قيصراً للروم..
الرشيد: نيسفوروس أو نقفور هو الذي ساعد (أيريني) على ابنها قسطنطين حتى اغتصبت منه العرش واليوم نقفور ينقلب عليها. يا لسخرية الأقدار!
يحيى: من أعان ظالماً سُلّط عليه حتى يكون حتفه على يديه.. أو كما قيل..
الرشيد: ما رأيك لو أرسلنا حملة لجس النبض..
يحيى: أيرى مولاي أن الحملة على إمبراطورية الروم أهم من توطيد الأمن والاستقرار في خراسان وطوس ونيسابور بعد إخماد الفتن التي حدثت بها..
الرشيد: ولكن لدينا من القوى ما يكفي لضرب أعدائنا في كل الجهات..
يحيى: حسناً ماذا يأمر أمير المؤمنين؟..
الرشيد: نسير جيشاً لغزو الروم..
يحيى: بقيادة من؟
الرشيد: القاسم بن الرشيد..
يحيى: ابن أمير المؤمنين..؟
الرشيد: بلى.. هل ترى غيره..؟
يحيى: لا.. وأمير المؤمنين.. ألا يغزو؟
الرشيد: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيَّك..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1149  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.