شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رسالة.. لأخي سعد (1) !
أخي.. يا حبيبي!
اليوم قد أستطيع أن أعبر لك، ولو بعض الشيء، عما يلعجني في قلبي.. ولكن كيف أقول.. قلبي.. وقد أصبح قلبي قلوباً عديدة.. كأنه نفس امرئ القيس التي تساقط أنفساً (2) !
أما الأمراض.. فكما يشاء الزمان.. والجها أكثر وأعجب من خارجها منذ ثلاثين عاماً أو تزيد.. وأما الأدوية والعلاجات، فأنت تعرف مقتي لها وزهدي فيها، وانكفائي عنها، فأما المصائب، فقد بسأت بها كما بسأ بها "مؤرج السدوسي" الذي يقول، أو ما يشبه أن يقول:
بسأت بالخطب حتى ما أراع به
وبالنوائب في أهلي وإخواني
لم يترك الدهر لي علقاً أضن به
إلاّ اصطفاه بنأي أو بهجرانِ (3)
وإلى ذلك أشار ابن الرومي في جيميته المطولة التي يرثي بها الهاشمي المقتول في أيام الخليفة المستعين وقال:
كما قال قبلي في البسوء مؤرجُ (4)
هاتان من ناحيتين!
فأما الناحية النفسية، فقد والله -لولا لطفه- لم أكن أستطيع أن أتماسكها، وكيف تمسك زئبقاً متجمعاً من الأرزاء، لا ينضم بعضه إلى بعض، كلما جمعته من جهة تفرق في جهة أخرى؟
وعلى أن المسألة تشبه المهزلة -يا حبيبي- فإنها في مجموعها أبدع وأغرب من أن توصف! ذلك لأنها تتفوق على كل سمات الإبداع والإغراب!
وإذا كان "بيدبا" قعد زمناً طويلاً يعلم "دبشليم"، وبعد أن أنفد قصص الناس، طفق يحكي عن الحيوانات، فإن هذا ليس بغريب.. ذلك لأني لو كنت "دبشليم" هذا الزمن، وأمست أحزاني تلهج بلسان "بيدبا" إلى يوم القيامة، لما أنسيت تلك الأحزان المبرحة، اللاعجة، ولو جاء بها من شتى المواعظ والحكم، وأساطير الاصطبار!
إن أخاك له قلب، وهذا شر ما فيه.. وأخوك يعلم أن البهائم -حتى- لها قلوب، ولكن من يقدر في هذا العالم الملتخ أن يميز بين قلب، وقلب؟
وهل كل قلب بين بلايين هذه القلوب يحس بما يحس به القلب الآخر؟
وأنا -بعد- لم أحدثك عن نفسي، فإن نفسي لو كانت في يدي لأرسلتها كما قال إمامنا الكريم أحمد بن حنبل عندما امتحن في قضية خلق القرآن!
ذلك لأني لا أملك من أمر نفسي شيئاً، ولا أسيطر عليها، لا لأنها تأمر بالسوء، ولكن لأنني أحياناً، أوجهها إلى ما هو أقبح، وأفظع من السوء!
والسوء على ذكره، تتبدد معانيه، فلا تنضبط، فرب سوء عاد في نهايته حسناً!
وكيف أعبر لك يا أخي الحبيب؟
عن نفسي، عن حالتي، عن قلبي، عن كل أمري؟
هل من الممكن أن تصف شيئاً وراء الأفق؟ وكيف تعد ريش الطائر فوق الغمام؟!
أم أين -لا أين- تحصي أنفاس الغائبين؟
أنا لم أقل لك شيئاً بعد، ونحن بعيدون عن الساحل، ويخفق اليم مع خفقان فؤادي، تصبح على مدى بعيد.. بعيد جداً من فهم معنى الحياة!
لهذا كله أرجو يا أخي -ويا حبيبي- أن تعتبر هذه الرسالة لغواً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :413  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج