شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ الدكتور عزت خطاب ))
- بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أولاً أشكر للأستاذ الكبير عبد المقصود خوجه، هذه الاثنينية التي طبقت شهرتها الآفاق، وأمامي قصة نجاح هذه الاثنينية، كما هي مذكورة في هذه المجلة، والواقع هي أكبر من هذا بكثير، الواقع الأستاذ عبد المقصود يقوم بعمل كبير رائد، يجب أن تقوم به المؤسسات العلمية في هذا البلد، ولكن يجب أن يُذكر الفضل لصاحب الفضل، فأشكره على هذا التفضل بتكريم هؤلاء الرواد، وبدعوتنا للمشاركة في هذا التكريم، وأشكركم أيضاً باسمي واسم زملائي على تفضلكم بالحضور، نعم سمعتم كثيراً من الذكريات وكثيراً من الآراء وكثيراً من القطع الأدبية في الواقع، وما سأقوله لا يرقى إلى ذلك وإنما يمكن أن يضيف شيئاً من الأشياء، بدأت علاقتي مع الزميل والصديق العزيز الدكتور أحمد خالد البدلي منذ حوالي ثلاثة وأربعين عاماً، عندما ذهبنا نحن طلاب المدرسة الثانوية بالمدينة المنورة إلى مكة المكرمة، وإلى مدرسة تحضير البعثات لإنهاء السنة النهائية، ومن ثم الابتعاث إلى الجامعات المصرية، قابلت د. البدلي في القسم الداخلي الذي سمعتم عنه أكثر من مرة، الذي كان يقع في قمة جبل هندي، وكان القسم يضم طلاباً من مختلف مناطق المملكة حيث أنه لا توجد مدرسة ثانوية متكاملة إلا في العاصمة المقدسة، وحيث توجد أيضاً أول كلية شريعة التي عادةً ما يلتحق بها خريجو المعهد العلمي السعودي، من أنحاء المملكة ومن خريجي مدرسة دار التوحيد بالطائف.. القسم الداخلي كان عالماً قائماً بذاته، وأعتقد أنه من حقه علينا أن نسجل تجاربنا المختلفة فيه، فقد عاش فيه تقريباً كل الرواد من المثقفين الجامعيين السعوديين، الذين تسنموا أرفع المناصب في الدولة، مثلاً أذكر منهم: الأستاذ علي الشاعر وزير الإعلام السابق، الدكتور أحمد محمد علي، الدكتور رضا عبيد، وكثير غيرهم، وتذكرت أيضاً شاعراً كان مرموقاً في ذلك الوقت، ولكنه شاعرٌ مقلٌ الأستاذ محمد سليمان الشبل، أيضاً كان من الرواد من الشعراء، وكان أيضاً في كلية الشريعة، وكل فرد مر في ذلك الصرح، له قصة فيه أو عنه، ويمكن للإنسان أن يقول عن ذلك الشيء الكثير، ولكن ليس هذا مكانه فأرجو أن تتاح لي الفرصة في الكتابة عنه..
 
الدكتور البدلي كان عمدةً من عُمد القسم الداخلي، فلا يمكن لك إلا أن تعرفه، وببساطته وخفة روحه تجد نفسك قريباً منه، حتى لو قابلته لأول مرة، تزاملنا في مكة المكرمة، ثم في مصر، ثم في لندن، لفترة بسيطة عندما شددنا الرحال إليها للدراسة العليا، وبعد ذلك تفرقت بنا السبل، إلى أن عدنا للرياض بعد إنتهاء الدراسة، وضمتنا كلية الآداب في مبناها العتيد في الملز، ثم في مبناها الكبير في حرم الجامعة في الدرعية، وعن كلية الآداب في الملز حديث يستحق أن يقال وأن ينشر، كما سمعنا، وأكرر هذا أكثر من مرة، لأنه سبقني الزملاء، كما سمعنا تخصص د. البدلي في الأدب الفارسي ويعد من التخصصات النادرة في العالم العربي وبالأخص في المملكة، وحسب علمي لم يتخصص أحد في المملكة في هذا الأدب سوى د. العوضي رحمه الله، ود. البدلي أطال الله في عمره.. وعلاقة الأدب العربي بالأدب الفارسي لها أهمية كبيرة، وكذلك علاقته بالآداب الأخرى مثل الآداب التركية والأدب الأُردي خاصةً في مجال الأدب المقارن.. فحين يُذكر الأدب المقارَن ينصرف الذهن إلى علاقة الأدب العربي بالآداب الأوروبية بينما علاقته بهذه الآداب الشرقية أقوى وأعمق، وأعتقد أنه قد حان الوقت أن نتجه نحو الشرق ونوليه الاهتمام نفسه الذي نوليه للغرب وآدابه ولغاته وثقافته، وعندما يذكر الأدب الفارسي تقفز إلى مخيلتي شخصية من أهم شخصيات هذا الأدب ألا وهي شخصية عمر الخيام ورباعياته، التي سَرَت شرقاً وغرباً، فمن هو الخيام؟ وكم من الأساطير حيكت حوله، وكم من الرباعيات نُسبت إليه؟ هل هو الفيلسوف الحكيم؟ أم هو الشاعر المتصوف؟ وكم هي رباعياته الحقيقية؟ هذه الأسئلة وكثير غيرها، تحتاج إلى عالم متخصص وباحث ذي ذائقة مُلهمَة للإجابة عنها، وأعتقد أن د. البدلي من خير من ينهض بهذا العبء.. فقد بدأ فعلاً كما سمعنا قبل ذلك في البحث قبل نيف وعشرين عاماً، عندما كتب فصولاً عن ترجمات رباعيات الخيام العربية، ولكنه توقف بعد أن نشر هذه الفصول في إحدى الجرائد المحلية، وقد سررت عندما سمعت الآن أن هذه الفصول موجودة في شكل مخطوط، عند الدكتور البدلي، وأرجو أن ترى النور قريباً.. وربما كان توقفه كما كنت أعتقد، بسبب عدم حصوله على مظان هذا البحث من بلده للأسباب المعروفة، وأرجو مخلصاً أن تتاح له فرصة متابعة هذا البحث الذي يعد من أهم مباحث الأدب المقارن..
د. البدلي بطبعه من الكُتَّاب المقلين، الذين ينشرون ولكنه قارئ نهم كما سمعنا أكثر من مرة، لا تكاد يده تخلو من كتاب، أو ديوان شعر، أو بحث تاريخي، أو اجتماعي أو ثقافي عام.. ويتمتع ما شاء الله بذاكرة جيدة ولكن إذا كتب تنساب الأفكار من قلمه بلغة جذابة رصينة، سهلة ممتنعة، لذلك يأسف المرء ألا تكون كتاباته غزيرة.. وأخيراً الحديث مع د. البدلي يأخذك دائماً إلى الماضي القريب، ماضي الحجاز ومكة المكرمة بعبقها التاريخي كما يقول الأستاذ حسن عبد الحي قزاز وشخصياتها وأحداثها التي عاصرها، ونتمنى لو تجد تلك الصور مرسومة لك في كتاب بقلم د. البدلي، فأرجو أن يعد بذلك، وإذا وعد أبو مالك فهو أهل للوفاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :546  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج