شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الهجرة إلى الماضي.. في رسائل الدكتوراه
الكثير من رسائل الدكتوراه، في العالم العربي، وفي المملكة أيضاً، تدخل في باب التحقيق لكتاب أو مؤلف من كتاب ومؤلّفات التراث. والجهد الذي يبذله المحقق، الذي يمنح في النهاية درجة الدكتوراه، جهد طائل وطويل وشامل، ولو قلت إنه مرهق بالنسبة للدارس لكان ذلك أقل ما يوصف وينصف به (الدكتور).. ولا يسعني الآن أن أذكر كم عدد الرسائل التي مررت بها أو مرت بي خلال عشر سنوات، ولكنها كثيرة بكل معيار. والوقت الذي استغرقته كل رسالة من هذا النوع، وقت لا بد أن نعرف قيمته ليس بالنسبة للدارس فقط، وإنما بالنسبة للجامعة التي تنفق عليه طوال المدة التي يقضيها في التحضير للدكتوراه وأعلم أنها قد تمتد أحياناً فتزيد على ثلاث أو أربع سنوات.
وتحقيق كتاب أو مؤلّف من التراث، لم تسبق طباعته، أو طبع منذ سنين، دون تحقيق، وشرح ثم غمرته رمال النسيان، مع استمرار قدرته على العطاء في موضوعه، إذا كان مطلباً في حد ذاته أو لما يرجى من فائدته.. كل ذلك أو بعضه قد يبرر الجهد والمال الذي تبذله دور النشر لإعادة أو تجديد الإصدار أو للطباعة للمرة الأولى إذا كان مما ترجى فائدته، ولكن أن يكون التحقيق، وبذلك الجهد المضني الذي يعكف عليه الدارس، وتنفق عليه الجامعة بغرض الحصول على مؤهّل الدكتوراه، لكتاب أو مؤلّف من التراث، لمجرد أنه من التراث، حتى وإن كان محدود الفائدة، أو مسبوقاً بالكثير من أمثاله في موضوعه، فإنه - من وجهة نظري شخصياً - عمل إذا كان يحظى بالتقدير الأكاديمي، كما هو الواقع، فإنه هزيل الجدوى أو لا جدوى فيه بالنسبة لمسيرة الفكر في هذا العصر.. وفي هذه الفترة التي أصبحت تسمى العصر كله: (عصر الفضاء).
إنها نوع من الهجرة إلى الماضي، قد يرحّب بها (الترف) الأكاديمي ولكن حتى هذه الهجرة، يمكن أن تحقق هذه المطلب المترف، إذا كانت تحقق إضافة حيّة إلى مسيرة الفكر والعلم وأعني بالإضافة الحية، تلك التي تعايش هذه المسيرة، ولو من بعض الجوانب والخصائص التي قد تشغل بال واهتمام شريحة مرموقة العدد من المثقفين.. أما حين تكون رسالة الدكتوراه عن تحقيق كتاب أو مؤلّف لن نخسر بالغفلة عنه شيئاً ذا بال، فإن عكوف الدارس عليه، وإنفاق الجامعة على الطالب إلى أن يفرغ من تحقيقه، جهد وإنفاق ضائعان.
لا شك في أن كتب التراث ومؤلفات الأقدمين لا تزال تختزن الكثير مما يمكن أن يكون إضافة حيّة إلى مسيرة الفكر المعاصر.. وهذا النوع من المخزون، هو الذي يستحق أن يبحث عنه ويحققه هؤلاء الذين يتطلّعون إلى مؤهّل الدكتوراه، بما يحققونه من كتب ومؤلّفات التراث.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :615  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.