شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-4- (الشخصية العربية)
فطر الشاعر عبد الله بلخير على حب العرب. ومنذ نعومة أظفاره أنشد شعراً قومياً في حب أمته العربية.. وإن فتى ما زال طالباً يتلقى العلم في مدرسة الفلاح بمكة المكرمة، ينشد مثل هذه الأبيات الشعرية، لجدير بأن تنعت عروبته بالصدق والصفاء والأصالة:
شبه الجزيرة موطني وبلادي
من حضرموت إلى حمى بغداد
أشدو بذكراها وأهتف باسمها
في كلّ جمع حافل أو نادي
منها خلقت وفي سبيل حياتها
سعيي وفي إسعادها إسعادي
كلّ له في من أحب صبابة
وصبابتي في أمّتي وبلادي
ومما زاد في نقاء عروبته بيئته الدينية والعربية، فقد نشأ في بيت مسكون بالعلم والإيمان والعروبة، وفي أجواء الحرم المكي الشريف، العابق بأنفاس الوحي والرسالة السماوية المنزلة على نبي عربي، وقوم عرب، وأرض عربية.
وحين وصل بيروت، وانصرف للدرس والتحصيل في الجامعة الأمريكية، وجد جواً زاخراً بروح العروبة أيضاً، والاندفاع للعمل الوحدوي الكبير، والحماسة المتأججة في القلوب لمقارعة الاستعمار والظلم، والتوجه القومي داخل جمعية العروة الوثقى، التي كانت تضم نخبة من شباب الوطن العربي المثقف المتحمس للعروبة، والمندفع لوحدة الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وكل ذلك كان يتفق مع طبيعة شاعرنا عبد الله بلخير، وفطرته الأصيلة في حب أمته العربية.
لذلك وجدناه وفي ذكرياته يلتفت من حين لآخر إلى الجامعة الأمريكية، ويقف عند شخصيات سياسية عربية سبقوه أو جاؤوا بعده وتخرجوا من تلك الجامعة، وعادوا إلى بلدانهم، وتسلموا فيها مقاليد القيادة والريادة، أمثال: فارس الخوري، شارل مالك، فاضل الجمالي، ناظم القدسي، ثم تجيء نخبة الشباب الذي التفوا حولهم، وشاركوا معهم، وهم كثيرون، وعلى رأسهم أديبنا بلخير.
ويتحدث بلسان القلب. وتنحدر منه الكلمات خفاقة بالنبض والحرارة والألق، ولا سيما أنه يقوى على استرجاع الأيام الرائعة، رغم أن بلاد العروبة والإسلام شتيت موزع الأراضي والأقاليم، متناثرة الأشلاء على خارطة الوطن الكبير... ولكن وحدة المشاعر ووحدة الآمال، ووحدة النية، والصفاء تجمع القلوب والعقول. يتحدث وهو يبصر الواقع المغاير لما كان.
"أسرد هذه الخواطر العابرة، والذكريات المبعثرة الآن، مترحماً على ذلك العهد الذي عشناه ونشأنا فيه، واضطربنا في مجالاته، يغمرنا كلنا الصفاء والحب والإخلاص، ولا شيء غيره. لم تكن العداوة الشعرية، والحقد الدفين، والبغضاء والفتنة قد غمرت قلوب الشباب العربي بعد، ولم تكن لنا قضايا توحدنا وتجمعنا إلا العمل سراً وعلناً على إخراج الاستعمار الغربي من أقطارنا العربية كلها. لا نفرق بين أحد منها، ولا نعمل لقطر عربي غير الأقطار العربية الشقيقة كلها، أو كأننا (من الشام لبغداد ومن مصر إلى يمن إلى نجد وتطوان) أو كما قال صاحب هذا النشيد صديقنا وشيخنا وزعيم الشباب العربي بأسره المجاهد (فخري البارودي) -رحمه وهنأه الله- بانتقاله إلى رحمة الله قبل أن يشاهد ما نحن فيه. لم نكن نعرف ولا يوجد بيننا التقدمي ولا الرجعي ولا الذيلي ولا العميل ولا الرأسمالي ولا المسحوق ولا الأذناب ولا الخوارج ولا المنحرفون".
وطالما أغلب هذه الذكريات كان منبعها بيروت والجامعة الأميركية وجمعية العروة الوثفى، والطلبة، والنشاط أو التوجه الفكري والقومي والسياسي والأدبي.. فإن الحس العربي الأصيل أو الصوت القومي المدوي هو الذي نسمعه دوماً عبر إيقاعات كلمات الأديب بلخير وجمله التعبيرية في هذه الذكريات، فلا تمر به مناسبة أو موقف أو أمر أو خبر أو رؤية.. إلا ويعبر عنها بذلك الحس العربي والصوت القومي. فمشاعره العروبية الوحدوية هي التي تحتضن كل أفكاره وتعابيره، وتحتوى كل آرائه ورؤاه. ويصعب علينا الآن في هذا المقام أن نستشهد ببعض من ذاك الفيض الشعوري العربي ولقد مرّ بنا بعضه، وسيمر بنا في مواضعه من حديثه عن الشخصيات السياسية والفكرية والأدبية التي عرفها وصادقها، ومن حديثه عن رحلاته وما تثيره فيه مشاهدها وأحداثها.
ولكن أكثر ما تظهر عليه تلك المشاعر النقية وهو يشهد التجمع العربي الهادر من خلال المحاضرات أو المظاهرات أو الاستقبالات الشعبية والرسمية. وقد رأيناه يشارك في التظاهرات الشعبية الحماسية في دمشق، كما أنه نقل لنا استقبالات رسمية وشعبية، أظهر من خلالها بعض تلك المشاعر العربية.. وترجم بعض مناسباتها شعراً، لنا كلام عنه في مكانه، ولكن يهمنا الآن ما عبر عنه نثراً حيال أمثال تلك المناسبات.
زارت المملكة العربية السعودية بعثة كشافية عراقية، واحتفلوا بها في مكة، وعبر عن هذه المناسبة بقصيدة عربية أصيلة، كما عبر عنها هنا نثراً:
"في تلك الأيام، أي منذ خمسين عاماً، لتعلقي الشديد في مطلع شبابي وفتوتي بأمتي العربية وآمالي فيها وفي وحدتها، وهي الأمنية التي كانت تجول بين جوانحي، وتملك علي منذ فتوتي الأولى مشاعري وإحساسي وآمالي، أثارت مشاعري بعثة الكشافة العراقية التي قدمت في ذلك الوقت من بغداد إلى مكة، في موكب عابر للجزيرة من شمالها إلى قلبها في الرياض، ثم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة".
ولقد رحب الملك عبد العزيز بشباب هذه البعثة الكشافية (خمسين طالباً)، وأمر بحسن رعايتهم والترحيب بهم، لما يكنّ للشباب من حب وتقدير، فهم صانعو المستقبل.
"فكانت بعثتهم موكباً عربياً قومياً أثار المشاعر في كل بلدة نزلوا فيها، حتى وصلوا إلى العاصمة الرياض، فاستقبلهم الملك عبد العزيز وأنزلهم في ضيافته، وكان ترحيبه بهم وهم في الزي الكشفي الرسمي ترحيباً أبوياً في غاية من المحبة والعطف والإكرام".
ومن هنا فقد وقف شاعرنا عبد الله بلخير بكل وجدانه وحسه العربي أمام المشاهد والمناسبات المثيرة التي حركت قلوب المخلصين وتهز مشاعرهم. وتظل المناسبات القومية الجليلة موقدة فيها أسمى المعاني التي يترجمها نبضه شعراً وسلوكاً وأدباً وموقفاً.
يا مرحباً ببني العراق ومن بهم
يعتز كل موحد بالضاد
يا وحدة العرب التي نسعى لها
حتى نشيدها على الأعماد
وإذا كان أديبنا في (بعثة الكشافة العراقية) مستقبِلاً، فإنه سيكون في رحلة وفد الجامعة الأمريكية لبغداد مستقبَلاً، على أنه كان يصف مشاعر الطلبة طوال الرحلة الصحراوية، وإحساسه بتلك التظاهرات والأهازيج والأناشيد الوطنية والقومية، وبالمثل إحساسه بمشاعر المستقبلين من أبناء الشعب العربي في العراق، وأهازيجهم و (هوساتهم) الأصيلة.
يقول: "يحملون الأعلام وينشدون الأناشيد ويدقون الطبول، وكلها ترحيب بهذا الوفد من الشباب العربي القومي. وكانت الهتافات لفلسطين والتحيات لسورية ولبنان والعراق والوحدة العربية ملء الحناجر".
كما أن ذلك الانطباع لا بد أن يشرك فيه بعض أنباضه الوجدانية والشعورية لدرجة لم تعد تسعفه الجملة النثرية، فراح يستمد قوة البلاغة التعبيرية من شعر غيره عساه يفي بمطلوبه، فهو أشبه بتوظيف الشعر في التعبير عن الحس القومي يقول: "كان يجول بخاطري ونحن في سياراتنا نسير في خضم الجماهير، وأرجو أن لا يظن بأن في هذه الكلمة شيئاً من المبالغة، الجماهير كانت تنتظر وصول الوفد إلى مداخل بغداد، هازجة منشدة، كان يجول في خاطري إحساس عميق ملك كل مشاعري وأنا أتذكر وأردد بيني وبين نفسي – متلفتاً من نوافذ السيارة إلى أحياء بغداد التي تطويها – قول الشاعر:
هذه دارهم وأنت محب
ما بقاء الدموع في الآماق
وبالفعل فقد سالت دموعي".
وكان لهذا الاستقبال مثيل له ذكره قبل هذه المناسبة، وهي التي وردت عن استقبال كشافة العراق، حين جلسوا في مجلس الملك نحو ساعتين، وأنشدوا مجموعة من الأناشيد الحماسية العربية يتغنون فيها بأمجاد العرب وبعهود الأجداد، ويتجولون في شوارع الرياض وهم يهزجون وينشدون. وقد تجلّت لنا مشاعره وهو يذكر روابط العروبة الأصيلة كلما هلّت المناسبة، فيرى أن حِسَّ العروبة الحميم أشرف عاطفة فطر عليها الإنسان العربي.
ولهذا كان يقول: "فكان الناس يستقبلونهم بترحيب كبير، فقد كانت القلوب يومئذ قلوباً عربية إسلامية على فطرتها وعلى أخلاقها المتوارثة. وكان الناس في بلاد العرب كلها يتجاوبون ويتآخون ويتحابون ويبتهجون فرحاً واستبشاراً لمثل هذه الظواهر".
وهكذا فإن الإحساس العربي لدى أديبنا بلخير هو الإحساس الفطري الأصيل بالعروبة والإسلام متلاحمين، لا ادعاء فيه ولا تزييف، ويود أن يؤكده في قوله وسلوكه وموقفه وفكره. ولهذا وجدناه يعترف بهذا الحس القومي، وانتمائه لعروبته وإسلامه أينما كان، يقول:
"لا أتحرج أن أقول في غير تزكية نفسي ولا تبجح فيما سأقول: بأنني منذ نشأتي في المدارس بمكة، ثم التحاقي بالكلية الثانوية العامة في الجامعة الأمريكية ببيروت ست سنوات متوالية كنت قبلها في الحجاز عربياً قومياً مسلماً. أتعلق روحياً جامحاً بالبلاد العربية بأسرها، لا أستثني منها قطراً واحداً، وأشيد بها في شعري فيما أكتب من الشعر والنثر من خمسة وخمسين عاماً".
ويعبر عن ذلك التلاحم العروبي الإسلامي بقوله: "وإني كنت في تعلقي هذا بقوميتي العربية وبالإسلام الذي هو روح القومية وهدفها ورسالتها، فيما نؤمن به ونعتقده". وإنها لعقيدة يتفاخر ويعتز بها بتواضع طبيعي:
"كان كل هذا يصدر مني في تواضع لا يحتاج أن يكرر الإشارة إليه، وفي زخم عربي يفيض من نياط قلبي أعلنه وأتغنى به، وأدعو إخواني الشباب يومئذ إلى مثله".
وإن تلاحم العروبة والإسلام لدى عبد الله بلخير، ليصرح به في حديثه عن التجاوب بين أدباء الحجاز يومئذ، مع أدباء الأقطار العربية المجاورة، من خلال تجاوبهم مع الحركة العربية تجاوباً متفاعلاً. ويذكر معه بهذا الاتجاه العروبي الإسلامي كلاً من (حسين سرحان، أحمد إبراهيم الغزاوي، محمد حسن عواد). فيقول: "وكنا جميعاً لا نعتبر القومية العربية قومية عضوية مطلقاً، ولكننا نعتبرها واقعنا العربي المتسلسل إلينا عبر آلاف السنين من أجدادنا. على أن هذه القومية هي وعاء الإسلام الذي هو رسالتها، ولا رسالة لها غيره. فنؤمن بها وبأبطالها من رجالات الفتح الإسلامي العربي باعتبارهم عرباً لا تعصباً عرقياً مذموماً، ولا عنصرية جاهلية منهيّاً عنها، ولكنها واقع نرفض الخروج عنه والتمسك بغيره" (1) .
ويتمم الفكرة السابقة بالإشارة إلى رواد العروبة والإسلام الأوائل، وهم شخصيات فذة.. وصفها شاعرنا بلخير في كثير من ملاحمه الشعرية المعروفة. ولهذا يقول مرة أخرى عن جماعة العروبيين الإسلاميين من أدباء الحجاز : "كان مفهومنا جميعاً أنها حركة عربية المنبت، إسلامية الثمار، ولهذا لا نفرق بينها وبين الإسلام. على أننا نقدمه عليها عند المفاضلة. فالإسلام دين العرب ورسالتهم ومجدهم وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.. أبطالنا هم الخلفاء الراشدون، أما البطل الأعظم الذي يجب أن نترفع به عن أن يذكر في هذا المجال فهو سيد الأمة العربية والإسلامية بأسرها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً بقية أبطال الأمة العربية الإسلامية من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد وعكرمة، والفاتحين الآخرين كطارق بن زياد، وصلاح الدين الأيوبي، وسلاطين مصر الذين حاربوا الصليبيين، وحرروا منهم بلاد العرب".
ويندرج تحت الفكرة القومية والحس العربي رؤى عربية كثيرة، سنقع عليها في ذكريات بلخير، مما سيمر معنا -كما قلنا- عن شخصياته السياسية والفكرية والأدبية، فيما كانوا يعبرون عنه ويقولونه في مواقفهم القومية.
على أنه يجدر بنا التأكيد على ما أشار إليه أديبنا بلخير، وهو بصدد حديثه السابق عن رحلتهم -وفد الجامعة الأميركية- لبغداد، وما تبادلوه من أحاديث ومشاعر الإخاء والعروبة بين أفراد الوفود والمستقبلين، إذ وقف عند كلمة الدكتور (قسطنطين زريق) ممثل الوفد، يشكر المسؤولين، العراقيين على حسن كرمهم واستقبالهم، وقد وجد فيها مشاعر حماسية، وتتمثل بروح الأخوة العربية، حين دعا إلى وجوب التزاور بين أبناء الأمة العربية، والأخص طلاب جامعاتها ومدارسها، وذكر فلسطين والوحدة العربية، فتحمس، وحمّس السامعين.. وقال: إن العرب يستطيعون إذا توحدوا أن يقضوا على هذه الفكرة الصهيونية قبل أن يكون لها كيان. وأسهب بعد ذلك إسهاباً حماسياً في هذا الموضوع، تجاوبنا معه بحماس ملتهب مثله".
وكثيراً ما يرتبط الشعور القومي عنده بالحس الوطني، بل ينتهي الشعور الوطني إلى الحس القومي، فأغلب قضاياه الوطنية، واندفاعه إلى خدمة بلده، والعمل على تحقيق الخير لهذا الوطن الذي أنعم الله عليه بنعم لا تعد ولا تحصى، فيتجه لشباب بلده، ومثقفيه ليعملوا هم أيضاً، ويحدد لهم المنهج والأسلوب، ثم يرى أن من واجبه الوطني أن تنتهي دعوته إلى حيز أمته العربية والإسلامية لرفعها، كي يتحقق له التوازن الفكري والوجداني، إنها لمعادلة، بل موازنة يجريها مع نفسه، ليحقق لذاته ذلك التوازن. وإنها لتتجلى هذه الدعوة، وتلك الدعوة له وهو في موقف مبدئي جوهري ذي علاقة بالفكر والتاريخ والتأصيل. فيدعو المفكرين والمثقفين والقادرين على استرجاع التاريخ، ويقدم لهم دعوته، من خلال رؤية وطنية، لكتابه تاريخ الوطن، ويبين لهم المنطلق والدوافع والأساس من تلك الكتابة.. على أن يتعدى تلك الرؤية الوطنية، لتشمل رؤية عربية أعم وأشمل، تستوعب أمته العربية والإسلامية.
"فنحن نحب بلادنا حباً أملته الفطرة، وقربنا إليه الدين، وجعلنا بهذا الحب مسئولين عن التبصرة والإيقاظ والتنويه والإرشاد. وكم أتمنى لو أن من يعلمون أكثر مما أعلم – ولا أتواضع في هذا بل أقول الحقيقة، فأنا أعلم شيئاً وتغيب عني أشياء، إما لأنني لم أشارك فيها، وإما لأنني لم أعلمها – يقومون بواجبهم بالكتابة والتأليف والنشر عن الجوانب المشرقة في تاريخ بلادنا وأمتنا، فإن الكثير منا يعلمون عن تاريخ البلدان الأخرى أضعاف ما يعلمون عن تاريخ بلادهم.
وأنا لا أقصر وأحصر ما يجب أن يُعلم عن المملكة العربية السعودية وحدها، ولكني أعني العالم العربي والعالم الإسلامي بأسره، فقدرنا نحن في الجزيرة أن نعلم ونرشد ونُبصر أحوال أمتنا".
ويظل الشعر لدى عبد الله بلخير هو الأقدر على استيعاب مشاعره الوطنية واحتواء أحاسيسه العربية، ورغم أنه نظم في سن مبكرة شعراً عربياً قومياً أصيلاً في مناسبات عربية، فقد استطاع أن يعبر عن الضمير العربي والوجداني والأصالة العربية.
وخير ما نختم حديثنا به عن هذه الأصالة العربية والشعرية، هو ما يرويه لنا حول مناسبة قصيدة قالها في الشباب العربي السوري، فور انتهائهم من تأليف (المجمع الأدبي)، فكانت قصيدة من البدايات الشعرية، ويبدو أن مثل هذه المناسبات العروبية تهزه هزاً، وتوقد فيه وقدة الحماسة، وجذوة الانفعال، يقول:
"فأذكر عندما كنت طالباً في مدرسة الفلاح سنة 1933، أني قرأت في جريدة (صوت الحجاز) بمكة المكرمة خبراً مفاده أنه قد تألق في دمشق ما سموه بـ (المجمع الأدبي) دعا إليه عدد من نخبة أدباء وشعراء عاصمة بني أمية، أذكر منهم: علي الطنطاوي، ومعه الدكتور كامل عياد، والدكتور منير العجلاني، والدكتور أنور حاتم، والأساتذة أنور العطار، وجميل سلطان، وحلمي اللحام، وزكي المحاسني، ومحمد الجيرودي، وسعيد الأفغاني، ومصطفى العظم، وسليم الزركلي، ومصطفى المحابري.. وأنهم جعلوا ذلك المجمع تجمعاً أدبياً يكون ندوة لهم، وحلقة من حلقات التعاون والترابط بين ذوي الفكر والأدب من رجالات الأدب العربي وشبابهم، وأن لجنة إدارية قد ألفت لتلك الحركة من السادة: الأستاذ علي الطنطاوي، والأستاذ أنور العطار، وأن الدكتور منير العجلاني قد انتخب سكرتيراً لها، وهزني الخبر، فقد أعجبت به وتمنيت مثله (في البلد المقدس الطيب). وكنت يومئذ في بدايات إنشائي الشعر.. فحييت المجمع وأعضاءه بقصيدة نشرتها أم القرى أو صوت الحجاز، من أبياتها:
يا نخبة من رجال الشام تجمعهم
بنا الأواصر من دين ومن نسب
في ذمة الله ما تأتون من عمل
يعود بالخير للإسلام والعرب
وما تعانون في تشييد مجمعكم
من بلدة الله حيث البيت ذو الحجب
للمجمع الأدبي الحر حيث زهت
به الشآم من البلقا إلى حلب
وهكذا فإن الحس القومي العربي في وجدان بلخير شريان يغذي قلبه، ونابض بالتدفق والحرارة والعاطفة، ومشع بحب العرب والعروبة، موقفاً ومناسبة وسلوكاً ورؤية وانتصاراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :783  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 182 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج