بوركتِ يا تلكَ الأناملْ |
للشاعر الفذِّ الحُلاحِلْ، |
فلكَمْ نظمتِ من القلائِدِ ما بهِ تَزْهو المحافلْ! |
ولكَمْ خدمتِ الفنَّ عزفاً! كم كتبتِ من الرسائلْ! |
ولكَمْ وهبتِ مكارماً، |
ولكم منحتِ بلا مقابلْ! |
* * * |
لكِ كلُّ ما في الكونِ من |
حُسْنٍ يُصلِّي يا أناملْ! |
النُّورُ؛ قطَّره الندى الولهان من شفَقِ الأصائلْ، |
والعطرُ؛ تعصره النسائمُ من أزاهير الخمائلْ، |
واللَّحنُ؛ تعزفه الهزارى والقمارى؛ والبلابلْ، |
والشعرُ؛ أبدعَهُ عباقرةُ الأواخر والأوائلْ، |
والبحر يزخر، والشوامخ، والفراقد والجداولْ |
و"الشاطئ المسحور" في |
"عدنٍ" وفي كل السواحلْ
(1)
، |
ترجو شفاءاً عاجلاً |
لكِ يا أنامل غير آجلْ. |
* * * |
يا شاعر "اليمن السعيدة" يا فتى "عدنْ" المناضل: |
أيامَ كان الناس فيها بين مظلومٍ وجاهلْ، |
أو حاكم "مستعمرٍ" |
أو مستبَدٍّ، أو مخاتل، |
قد كنتَ نجماً ساطعاً |
يهدي الأنامَ إلى الفضائلْ، |
بين المدارس والمعاهِد والنوادي والمحافلْ، |
تشدو بصوت فيه تكمنُ كلّ آمال الفطاحلْ، |
عفّ البيان، وفي الحقائقِ لا يُخاتلُ أو يجاملْ |
وتُعَلِّم النشأ الجديد |
مكارم القوم الأماثِلْ |
* * * |
شكواكَ أوجعتِ الفؤادَ، وأيقظتْ فيه البلابلْ |
من قال: إنك لم تَكنْ |
شهم النَّحيزة والشمائلْ؟
(2)
|
من قال: إنك لم تكن |
عون اليتامى والأراملْ؟ |
ومَنِ الأُلى أصَمَتْ سهامُهمُ المفاصلَ والمقاتل؟ |
ومَنِ الأُلى ظلعوا وجاروا بالتحايُلِ والتحاملْ؟ |
تَرِبتْ أكفُّهُمُ، ولا |
ربح التحامل والتحايل.! |
واللهُ في الأخرى يحاسبهمْ، إذا مَا لَمْ يُعَاجِل |
* * * |
أَأُخَيَّ أيّ عهود أنسٍ تَمَّ في تلك المنازلْ! |
والشرُّ غافٍ؛ والزمان عيونه حسرى غوافل، |
كم ليلةٍ في سفح "صيرةَ" والدجى كالبحر صائلْ
(3)
|
بتنا بها نرجو غداً |
للعُربِ بالخيرات حافِلْ |
و"صدى" لحونك يملأ الدُّنيا بأنغام ذواهلْ |
وكأنما رضَعَتْ أفاويقَ الهوى نم سحر "بابِلْ". |
العشق خمر سرورها، |
والحبُّ أدمعُها الهواطلْ |
حيناً تزف البشريات، وتارةً تبكي ثواكلْ |
وغدٌ ببطنِ الغيب مرتعش المشاعر والمفاصلْ؛ |
وكأنَّه يخشَى الأَطبَّةَ، أو يخاف من القَوابِلْ! |
ويودُّ أن يبقى ببطن الغيب مشدود الحبائِلْ،! |
* * * |
وأتى غدٌ؛ وإذا به |
كالأمس يطفح بالمشاكلْ؛ |
وأتى غدٌ؛ وإذا بنا |
ما بين مقتولٍ.. وقاتلْ! |
أو شاردٍ يَطَأُ الثرى |
هَوناً، مُحاذَرةَ الغوائلْ! |
أو حائدين عن الهدى |
أو هاربين من المقاصِلْ! |
يتصارعون على الحُطَام، ويجهدون بدون طائلْ! |
* * * |
هل من غدٍ فيه يُعيدُ "العُربُ" أمجادَ الأوائلْ |
في أمةٍ "دستورها" |
"قرآنها"، والعدل شاملْ؟ |
متفائلٌ أنا يا أخي |
رغم الكوارث والنوازلْ، |
أترى التفاؤل حكمةً، |
أم حمقَ موهونٍ يجاملْ؟ |
أو ليسَ قد قال الحكيمُ… وقوله كالسَّيف فاصِلْ |
"تصفو الحياة لجاهل" |
في هذه الدنيا، وغافل |
"ولمن يغالط نفسه"، |
والعقل يُشْقي كلّ عاقِلْ! |
* * * |
سَلمتْ "أناملُ" شاعر اليمن المجاهد والمناضِلْ |
وظلَلتَ فينا يا "محمّد" للأكارم والأفاضلْ.. |
مَثَلاً "أناملهْ" تشير إلى المحامدِ كالدلائل، |
وتشعُّ في طرق الهدى |
مثل الفرقدِ والمشاعلْ |