شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه
يقرأها نيابة عنه معالي الدكتور مدني علاقي))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،،
أمسيتنا الليلة عبقرية الأنداء، مترعة بعبير الروح وهي تتنزه جزلة طروبة تلملم من فسيفساء الزمان أكثرها إشراقاً وأعذبها حضوراً.. تأملات في القرآن الكريم استغرقته ثلاثة وعشرين عاماً، وسيرة سيد الأكوان، التي ألهمت وما تزال مخايل الشعراء، فقطفوا من محيط ورودها عبيراً.. وأدهشت العلماء فاقتبسوا من ضيائها نوراً.. وبين التأمل والعبير والضياء.. كانت رحلة فارسنا الليلة.. العلامة الأستاذ الدكتور حسن محمد باجودة أستاذ علم البيان، وحافظ القرآن، وناظم أكثر من أحد عشر ألف بيت في السيرة النبوية هي الأطول حتى الآن، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بضيفنا الكريم الذي آثرنا بقدومه رغم عزوفه عن الأضواء.
ومما يستوقف الدارس في سيرة ضيفنا الكبير ابن الطائف ومكة المكرمة، أنه حفظ القرآن الكريم بلندن، إبان دراسته للدكتوراه في جامعتها عام 1968م، وفي اعتقادي أن هذه برهة جديرة بالتأمل، ولعله في ثنايا سياحته بنا، أن يشفي غليل أشواقنا لمعرفة خفايا جدلية المكان والإنسان، وأي تحريض يخرج المكان من فضائه الدلالي، إلى براح أشواق الروح، فتغيب سطوة المكان عن أسر الروح في محابس اغترابها وفتنة ضجيجها الصاخبة، عن ما نقشته ذاكرة الطفولة البعيدة في مواطن قصية.
وفي لندن أيضاً بجامعتها، كانت أطروحته للدكتوراه عن شعر المدينة المنورة، حتى نهاية عصر بني أمية، مع دراسات نقدية معمقة لأكثر من مائة وخمسين شاعراً وشاعرة، شكلت مرجعاً لا غنى عنه للدارسين في تاريخ وأدب هذا العصر، من منظور جمالي جادت به قرائح الشعراء، والشعر كما تعرفون، حامل دلالي شديد التكثيف والإبانة عن دينامية الوجود، فكثيراً ما أفصحت القصائد حين عجز النثر في تفكيك شفرة المشهد الاقتصادي والاجتماعي لعصر ما، ولعل ما ثقفناه عن تاريخنا، يرنو بطرف امتنان لشعرائنا الأقدمين، فعبر شاعريتهم الجزلة، عرفنا الغزوات بما فيها من لذة النصر ومرارات الهزيمة، بل ساهم الشعر في صياغة منظومة القيم نفسها، إذ حرضت قصائد المدح والثناء في سعي الكثيرين للفضائل كي يسطروا خلودهم في منمنمة الشعر الخالدة.
اتكأ ضيفنا الكبير في مقارباته للقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف على الخطاب الجمالي، وانعكس ذلك في محاضراته الأكاديمية بشكل جلي إذ تكوثر جلها، حول درس الخصائص الأدبية للنص المقدس وتأملت في جماليات خطاب من أوتي جوامع الكلم، وله في ذلك مؤلفات، لا يسع مقام احتفائنا به التفصيل فيها، وللإشارة فحسب، فقد شغلته موضوعة الوحدة الموضوعية، في نسقية الخطاب القرآني، فأفرد لها العديد من الدراسات التي تقصتها في عدد من السور الكريمات، منها كتابه حول الوحدة الموضوعيّة في سورة يوسف عليه السّلام، الذي ترجم إلى الإنجليزية وتمت طباعته بأستراليا، وشكل هذا المؤلف القيم، فتحاً معرفياً في الدراسات حول القرآن الكريم، نحسب أنه سيلهم المزيد من البحاثة باجتراح زوايا فكرية جديدة، للنظر في هذا النص الذي لا تنقضي عجائبه.
تعددت مساهمات ضيفنا الكريم في ميادين الخطاب الفكري والمعرفي، وتعجب من ديناميته التي لا تهدأ في مدار ما في فلك المعرفة، إلا لترحل إلى مدار آخر. فنجده يحاضر في قسم اللغات السامية، بجامعة سيدني، ويساهم في إنشاء قسم الدراسات العليا العربيّة بها، ومنها يلقي عصا تسياره في نيوزيلندة وفيجي، ممثلاً لرابطة العالم الإسلامي، وفي أصقاع أفريقيا يحاضر المؤتمرين، ويخص بلاده بالعزيز من جهده، إذ أشرف على أولى رسائل الدكتوراه في اللّغة العربيّة في المملكة العربيّة السعودية، ولم ير أول أعداد مجلّة جامعة الملك عبد العزيز النور إلا تحت إشرافه.
لا يكتمل احتفاؤنا بهذه القارة المعرفية، دون أن نذكر مساهماته الإعلامية المقدرة، في تيسير فهم القرآن من خلال وسائط إعلامية أكثر قدرة على الانتشار من الكتاب، لكونها تخاطب العامة، الذين ربما قعدت بهم الأمية عن التحصيل المعرفي، ومن هذه الجزئية انطلق إلى تكريس جهوده ليرصع عمره المديد إن شاء الله بأوسمة النبل متمثلة في أكثر من مائة وخمسين مؤلفاً نثرياً وشعرياً.. وفاض معين عطائه ليشمل المشاركات الإذاعية والتلفازية بأكثر من ستمائة حلقة في برنامجه المعروف "مدرسة القرآن"، وآلاف الحلقات في أثير الإذاعة.. وفيها عكف على استجلاء منظومة القيم القرآنية، حتى تصبح دستور حياة وهادياً سلوكياً، ولكونه يحرص على التنوير المعرفي لم يكتف بالتلفاز وحده، إذ قد يحرم منه فاقدو البصر والمعوزون، فقام بتسجيل مئات الحلقات للإذاعة عن تأملاته الدينية العميقة.
ولضيفنا الكريم آراؤه العديدة، التي قد نأتلف معها أو نختلف، لكنها في تقديرنا تسهم في رفد فضيلة الحوار المعرفي الجاد الذي يحتفي بالاختلاف كميزة إغناء، لا باعث إقصاء، ولعله يضيء لنا شيئاً من مساجلاته العديدة في ميادين الفكر والأدب.
أذكركم بضيفة أمسيتنا القادمة سعادة الأستاذة الدكتورة أولريكة فرايتاج مديرة مركز الشرق الحديث في العاصمة الألمانية برلين القادمة خصيصاً تلبية لدعوة اثنينيتكم، وفي تقديرنا أنها تمثل، بمساهماتها الرصينة جسراً للتواصل الثقافي بين العالم الإسلامي والغرب، إذ كانت أطروحتها للدكتوراه عن دمشق، كما كتبت عن حضرموت وجدة، ولها العديد من الآراء المفارقة لكتابات بعض الغربيين حول الآخر الثقافي التي اتسمت في معظمها بالتهميش، ومن ذلك كشفها عن خطأ اعتقاد الكثيرين بأن العولمة هي نتاج الفكر الغربي بامتياز، إذ أبانت كيف أن الكثير من موجات العولمة الهادرة قد انطلقت من الشرق الأوسط.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم وبكل من يتعامل مع الكلمة.
طبتم وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله،،،
 
طباعة

تعليق

 القراءات :814  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 119 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج