شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسانَ ما لمْ يعلمْ، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد، خيَر مَنْ تَعلَّمَ وأعْلَم، وعلى آل بيته الطاهرينْ، وصحابته أجمعين.
الأستاذاتُ الفضلياتْ
الأساتذةُ الأكارمْ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدُني أنْ نلتقيَ في أمسيةٍ من أمسياتِ الوفاءِ والإخاءِ، نُكرِّمُ فيها رجلاً قدّمَ جهداً مُقدراً في خدمة الثقافة، والأدبِ والصحافةِ في بلادِنا، فضيفُ أمسيتنا الأستاذُ الكبيرُ عبد الفتاح أبو مدين من سدنةِ الأدبِ على المستوى المحلي والإقليميِّ ومُجمَلِ الساحةِ العربية، فما أسعَدنا أنْ نكرّمَ من خلاله كلَّ رجالات العطاءِ الفكريِّ والثقافي، ومنهم الأساتذة الأفاضلُ الذينَ تشرّفوا بتمثيلِ حَمَلةِ القلمِ عَبرَ مشاركاِتهم في مجالس إداراتِ النادي الأدبيِّ الثقافي بجدة منذُ إنشائه عامَ 1395هـ وحتى تاريخهِ، كما نذكر فضل الأستاذينِ الجليلينِ محمد حسن عواد وعزيز ضياء (يرحمهما الله) وقد شرفتِ الاثنينيةُ بتكريمِ ثانِيهما بتاريخ 29/5/1403هـ الموافق 14/3/1983م، فجميعُهم كواكبُ عطاءٍ، وفرسانُ كلمةٍ شَهِدَ لهم عدولُ الطُرسِ والقلمِ.
إن المتتبعَ لمسيرةِ أستاذنا أبو مدين لا بَدَّ أنْ يقفَ ملَياً أمامَ إصدارِه صحيفةِ ((الأضواء)) التي أصدرها بمعاضدة صديقه الأستاذ محمد سعيد باعشن في 6/11/1376هـ الموافق 4/6/1957م، ثم مجلته ((الرائد)) التي أصدرَها مُنفرداً عامَ 1379هـ، مما يُؤكدُ قوةَ شكيمتِه وإصراره على خدمة الكلمة، رغم الظروف الصعبة التي لازمتْ هذين العملين، وقد كنتُ وشرفت كأحدَ شهود تلك الفترة، وقد قُدِّرَ لي أنْ أعرفَ الكثيرَ بحُكْم موقعي الوظيفي وما يربطه بالصحافةِ كافة، كمدير للإدارة العامة للإذاعة والصحافةِ والنشرِ في ذلك الوقتْ.. وأستطيعُ أنْ أقولَ بكلِّ تواضعٍ أنني رأيتُ هذه المسيرةَ بمنظارٍ أكبرَ من منظارِ القارئ العادي، بما اكْتَنفَها مِنْ حواجزَ وصعوباتٍ عَرَفها كلُّ مَنْ عاصرَ تلكَ الفترةَ.. كما لا أنْسى موقفه عندما قامتْ صحافةُ المؤسسات، وحينها كانَ خارجَ المملكة، فعزفَ عَنْ هذا التوجه، ولم يقبلِ الانضمامَ إلى أيِّ مؤسسةٍ صحفية.. كما أثْرَى المكتبة العربية بأحدَ عشرَ مؤَلَّفاً قيّماً تقفُ شاهداً على إبداعاته، وما زالَ يواصل العطاءً، نسألُ الله سبحانه وتعالى أنْ يمتعَه بالصحةِ والعافية.
وإذ نحتفي الليلةَ بهؤلاءِ الأساتذةِ الأفاضلِ، لا نَنْسى البداياتِ التي مَثّلتِ التحدي الحقيقي، لروادِ الثقافةِ والفكِر والأدبِ في بلادنا الحبيبة، حيثُ حملتْ مجموعةٌ من الشبابِ مشاعلَ التنويرِ ليقولوا كلمتَهم للتاريخِ، فرغمَ شَظِفِ العيشِ الذي خيّمَ على جوانبِ عديدةٍ من الحياة آنذاك، وارتهانِ مقوماتِ الإبداع لكثيرٍ من القيودِ التي حَدَّتْ مِن الانطلاقِ الذي يواكبُ الدولَ المجاورةَ، أناروا عَتمَةِ الجهلِ بـ (أتاريكِ) جهودِهم الخيّرة، ولم يَسْتَنْكفُوا الإفادة من ثمراتِ المطابع التي كانت تصلُهم بين الفينةِ والأخرى، فكان الكتاب، والمجلة، والجريدة، مكانَ حفاوةٍ لأكثرَ من شابٍ رَضِعَ حُبَّ الثقافةِ من شاراتِ (إقرأ) و ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (القلم: 1)، فكانت لقاءاتُهم تتواصلُ على ضفافِ العملِ، أو في دُور بعضهم على التوالي، أو الاكتفاءِ بدَارة معينةٍ، وبعضُهم آثرَ المقاهي أو الأماكنَ التي تناسبُ مزاجَ الإبداعِ وتُغْري بالتحليقِ في عَالَم الكلمةِ الرحبِ، وآفاقِها اللامتناهية.
لقد هيأ الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد رجالاً حملوا على عواتقهم أمانة خدمة الثقافة والأدب والفكر، وهناك أسماء لا يمكن تجاوزها.. من ضمنها سيدي الوالد محمد سعيد عبد المقصود خوجه الذي كان له مجلس في صحيفة أم القرى صباحاً حيث كان رئيساً لتحريرها ومديراً لمطبعتها، ويتواصل مساء كل يوم في دارته، بالإضافة إلى الحفل السنوي الكبير الذي عرف بحفل التعارف على ضفاف الحج، في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى المبارك بمنى، على شرف كبار المفكرين والأدباء والشعراء من وفود ضيوف الرحمن.. وقد احتجبت تلك اللقاءات برحيله ((يرحمه الله)) وكم كان بودي أن تتواصل عملاً بقول الحق سبحانه وتعالى لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ (الحج: 28) فمثل تلك اللقاءات من أولى بذور المنافع.. كما أن هناك الكثير من المجالس والمراكيز التي يضيق المجال عن حصرها، والإشارة إلى أصحابها تحديداً (يرحمهم الله جميعاً)، ومنها مجالس شرعت أبوابها في المدينة المنورة، وجدة، والرياض، وغيرها من المدن.
وقد شرفت برصد هذه البدايات في ورقتي التي قدمتها في الملتقى الأول للمثقفين السعوديين الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام في الرياض خلال الفترة 11 ـ 13 شعبان 1425هـ الموافق 25 ـ 27 سبتمبر 2004م، (وتجدونها على الطاولات أمامكم) لتتبع نشأة الملتقيات الأدبية حتى طورها الأخير، وهي الأندية الأدبية الثقافية، التي انتظمت معظم مناطق المملكة ولله الحمد.. لهذه الثمار اليانعة، التي نحتفي ببعض رجالاتها الليلة، جاءت نتيجة عزق واجتهاد مشكور في الغرس، والتعهد بالسقيا والسهر، وصولاً إلى ما ننعم به الآن.
هذه النواة الأولى ـ بما أشرت إليه ـ تبلورت وأدت إلى قيام الأندية الأدبية الثقافية، في تطور ربط بشكل موضوعي بين الماضي والحاضر، كما تزامنت معها بعض المنتديات الأدبية الخاصة، أو ما يطلق عليه البعض (الصوالين) وإن كنت أميل إلى عبارة المنتديات الأدبية، فأسست بنيانها على تراث تليد ومجد أثيل في حب الكلمة والنزوع إلى دعمها وتأطيرها بما يعود بالخير والفائدة على الوطن والمواطنين.
وفي هذا السياق شرفت هذه الدارة خلال الفترة 20 ـ 21/2/1426هـ الموافق 30 ـ 31/3/2005م، باستضافة أول ملتقى جمع بين معظم أصحاب المنتديات الأدبية، والأساتذة رؤساء الأندية الأدبية بغرض التعاون وتوثيق عرى التواصل، وفق خطة نأمل أن يتم تفعيلها قريباً لتؤتي أكلها وتسهم في المشهد الثقافي بفضل الله، ثم جهود الأساتذة الأفاضل الذين يوقدون شموع عطاءاتهم، غارمين غير غانمين، ولا أزكي على الله أحداً.. وفي انتظار ما تمخض عن اجتماع الأساتذة رؤساء الأندية الأدبية مؤخراً في رحاب النادي الثقافي الأدبي بمكة المكرمة، ومعرفة القرارات التي قيد الإصدار، حتى تتضح الصورة، لأنها بطبيعة الحال سوف تفعل دور الأندية الأدبية، وبالتالي نمضي في اجتماعاتنا وتواصلنا، لتحقيق الأهداف السامية التي نسعى إليها جميعاً بإذن الله.
إن نشأة الأندية الأدبية بالمملكة، وأبوها نادي جدة الثقافي الأدبي، بما له من مكانة تاريخية، قد أسهمت بدور مميز في تذويب الجليد بين المثقف والتواصل المنبري، والحواري، واللقاءات الدورية، وتسارع عجلة المطبوعات، ومما لا شك فيه أن النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ كان ولم يزل ـ رائداً في هذه الإنجازات.. وللجميع الحق في الاتفاق والاختلاف حول مجمل منجزه الأدبي والثقافي، مع ما ذهب إليه البعض من مآخذ يرون أنها أثرت في المسيرة الأدبية، وأدت إلى احتضان بعض التيارات الأدبية على حساب أخرى، وما نجم عنه من انكماش تواصل جانب مهم من المثقفين وانصرافهم عن فعاليات النادي، بالإضافة إلى بلورة الانقسامات وتكريس الجفوة بين مختلف التيارات الأدبية.. كما يذهب البعض إلى ضرورة وأد الخلافات، ونشر ثقافة التسامح وتكافؤ الفرص واحتضان جميع الآراء، ليكون الفيصل في أي خلاف قوة الحجة والبرهان، وتأثير الطرح الثقافي في المتلقي ضمن أطر أدب الحوار، بعيداً عن استفزاز المشاعر وتعميق الهوة بين المثقفين.
إن دور الأندية الأدبية في تصور كثير من المراقبين ينبع من كونها بوتقة عمل جماعي يعكس كل ألوان الطيف الثقافي والفكري، ولكل تيار الحق في أن يدلي بدلوه، فقضايا الثقافة والفكر والأدب تظل أبداً بين مد وجزر، دون إقصاء للآخر، أو تحجيم وتهميش دوره، فالحراك الثقافي يأتي نتيجة تلاقح الأفكار، وتبادل الرؤى، مما يثري الساحة، ويرسخ ويعمق الفعل الثقافي، ويحول بينه وبين السطحية التي تنجم عن الإقصاء ومترادفاته وما يدور في فلكها.
إننا نعيش في بيئة وعالم لا يعرف الانغلاق، وملاءة الماضي قد لفها الزمان وحفظها حيث شاء.. أما المستقبل فهو بأيدينا إن شاء الله، نخوض معتركه ببصيرة العارف، وقوة التجربة، وقراءة التاريخ، ليكون القادم أحلى، مستفيدين من أخطاء الماضي وعثراته وكبواته وسلبياته، مع اغتنام الفرصة لتنمية الإيجابيات والنهوض بها إلى آفاق أرحب ينبغي ألا نقلل من شأننا في الوصول إليها، فالمرء حيث يضع نفسه، ومكاننا الطبيعي هو الريادة والنجابة والفلاح، متطلعاً أن نقوم بواجبنا نحوها كما نحب، ثم تسليم الراية لجيل البناء حتى يجدوا لهم مكاناً تحت الشمس.. إنها مسؤولية جسيمة، وتحد بالغ الخطورة، غير أن الثقة بالرجال أهل العزيمة أكبر، وقبل ذلك تمسكنا بالكتاب العزيز والسنة المطهرة، العاصم الأوحد للمضي قدماً بإذن الله.
وقبل أن أنهي هذه الكلمة أحب أن أؤكد أن الأستاذ أبو مدين قد ترك وسماً عبر مسيرته الأدبية، نتمنى أن يستمر، فلا يذكر في يوم من الأيام تاريخ الصحافة والأدب والنادي الأدبي الثقافي بجدة، إلا وسيكون لاسمه حضور بارز.. ولا أقول في موقف كهذا إني أودعه، ولكن أودع حقبة من تاريخنا الأدبي ممثلة في شخصه الذي اقترن بالنادي الأدبي، وأحيي إجلالاً وتقديراً دوره الذي قام به تجاه هذه المؤسسة الثقافية، والنصيب الأوفى الذي تميز به بذلاً وعطاءً.. وبالتأكيد فإن هذه التحية موصولة لكل من وضع لبنة في هذا النادي، ومن تعاقب عليه كرؤساء أو أعضاء مجالس إدارات، وكل من ساهم بكلمة أو حضور أو بشكل مباشر أو غير مباشر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: أيها الأخوة والأخوات قبل أن نستمر في برنامجنا الاحتفالي، أود أن أنوّه الحقيقة بأن الاثنينية ترحب بكلمات الأخوة والأخوات التي يساهمون بها مشكورين في أمسيات التكريم لأن هذه الفعاليات هي منكم وبكم وإليكم.. إلا أن طلب الكلمة أثناء الحفل يعرض برنامجنا الزمني للاهتزاز، فلا نستطيع تحقيق الرغبات الآنية.. ويسعدنا تحقيق رغبات كل مشارك، ومن لم يسعفنا الزمن لإلقاء كلمته فيسعدنا أن تأخذ طريقها للنشر ضمن كتاب سلسلة الاثنينية.. وعليه فإن الاثنينية تأمل منكم التكرّم بالاتصال بسكرتارية الاثنينية قبل وقت كافٍ للتنسيق بشأن المشاركة، فالأسبقية لمن يتفضل بالتنسيق قبل وقت مبكر، ولا يخفى عليكم أن عدد المشاركين محدود، وكذلك الوقت المتاح لكل مشاركة، والذي ينبغي ألا يتجاوز خمس إلى سبع دقائق، حتى تتاح الفرصة للضيف الكريم ليحدثكم في متسع من الوقت.. كما أن هناك أساتذة وأستاذات أفاضل وفضليات يأتون من أماكن بعيدة، فعلينا أن نراعي متطلبات عودتهم في وقت مناسب.
شاكرين سلفاً كريم تفهُّمكم في هذا الشأن لما فيه مصلحة التوثيق الذي يعتبر من أهم أهداف الاثنينية.
الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه: أمامي فاكس من معالي الدكتور محمد عبده يماني موجَّه للأستاذ عبد الفتاح أبو مدين، نظراً لارتباطي بإلقاء محاضرة في جمعية الأطفال المعوقين بمكة المكرمة في نفس الوقت أرجو قبول اعتذاري وإبلاغ تحياتي وتقديري لأستاذنا عبد الفتاح أبو مدين.
وفاكس آخر من الأخ محمد علي قدس، يقول: سأضطر للسفر إلى الرياض ظهر غد الاثنين لأمر هام وعاجل لا يحتمل أي تأخير.. وفي نهايته يتمنى للأستاذ عبد الفتاح أبو مدين ولزملائه الكرام أطيب التمنيات ويرجو قبول عذره في عدم الحضور إلينا.
عريف الحفل: الآن أيها الأخوة والأخوات نستمع إلى كلمة سعادة الدكتور حسن بن فهد الهويمل رئيس النادي الأدبي بالقصيم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1077  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 52 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .