أرق وليلي مذ فجعت طويل |
أيلام في حمل الهوى متبول |
مازلت أرقب في شذاك أحبتي |
فمتى سيشفى يا نسيم عليل |
أشقانيَ المحرابُ يسأل عنهمُ |
مذ فارقوا والمنبر المثكول |
والمصحف المطوي يسأل عنهم |
قد شاقه الترتيل والتأويل |
من هؤلاء القادمون أعقبةٌ؟ |
والمجد فوق ركابه محمول |
أم طارق تشكو القوارب بأسه |
والفتح في عزماته موصول؟ |
من هؤلاء القادمون جلودهم |
سمرٌ ولكن في القلوب شغول؟ |
لم يستقلوا الصافنات وإنما |
ركبوا بغالاً سعيهن ثقيل |
وتجردوا من كل أبيض صارم |
للمجد فيه تلألأ وصليل |
جاؤوا إلى مدريد بئس مجيئهم |
لا السعي محمود ولا مأمول |
جاؤوا إلى مدريد كل عتادهم |
قول يفوح مهانة وطبول |
جاؤوا إلى مدريد في أيمانهم |
شرف البطولة والفدا مقتول |
يا أيها الأقصى الأبي وقد جثا |
فوق المآذن غاضب ودخيل |
من هؤلاء القادمون قلوبهم |
شتى تكاد من النفاق تزول |
جاؤوا وخلفهم الكرامة تشتكي |
وبكل وادٍ وحشة وذهول |
جاؤوا وخلفهم العروبة قطعت |
مزقاً وجنب السائلين ذليل |
إني لأنكر هؤلاء فما همُ |
قومي وما أنا منهم منسول |
أنا من كرام العالمين صحائفي |
بيض ومجدي في الأنام أثيل |
قومي هم التاريخ في أعتابهم |
صُنع الفخارُ وكُوِّن التبجيل |
ركبوا المنايا يوم عزت أنفس |
فجرت بهم نوق لهم وخيول |
وتقاسموا الدنيا فتوح شهادة |
وفتوح هدي ساحهن عقول |
كانوا الفضيلة في ذرى عليائها |
كانوا المكارم والزمان بخيل |
كانوا العدالة شرعة مهدية |
كانوا التقى مذ أحكم التنزيل |
كانوا الهداية للأنام فكلهم |
للعالمين مبلغ ورسول |
أنـا مـن أولئك يـا زمـان وإن غـدت |
بيني وبينهم ربا وسهول |
أنا منهمُ مهما تطاول بعدنا |
وبدا لنا بعد الرحيل رحيل |
أنا منهم ولسوف يجمع شملنا |
حب تجذر في القلوب أصيل |
حب تكفكف وجده غرناطة |
وتذوب من لوعاته أشبيل |
حب على الإيمان شِيدَ بناؤه |
عَبِقٌ بطيب المكرمات نبيل |
أنا منهم ولسوف يأتي طارق |
ولسوف تدحر للعداة فلول |
ولسوف تعلو في المآذن صيحة |
ويجلجل التكبير والتهليل |
فاختر لنفسك ماتشاء فإنه |
يوم سيأتي يا زمان جليل |