شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تقديم
هذا الكتاب هو جزء من مشروع كبير لرابطة الشرق والغرب/ بروتا؛ هو مشروع "عالم القرون الوسطى في أعين المسلمين"، ويدور أولاً حول رؤيا العرب والمسلمين في القرون الوسطى للآخر، كما يتناول أيضاً مناحي مختلفة من تاريخ ثقافات إنسانية متعددة تعرّف عليها رحالة العرب والمسلمين وجغرافيوهم ووصفوا أوضاعها العمرانية وعادات أهلها وتقاليدهم، وثقافة شعوبها المختلفة.
بدأت فكرة المشروع في مخيلتي بعد انتهائي من تحرير كتاب "الحضارة العربية في الأندلس" (1) ؛ إذ أنه مرَّ في نفسي، نتيجة للتعرّف الحميم على تفاصيل تاريخنا في الأندلس الذي استمر حوالي ثمانمئة سنة، أن الحضارة العربية الإسلامية في مجملها تتميز برؤيا عميقة الانفتاح والتسامح للآخر، راجحة التصوّر له، قادرة على أن تراه موضوعيّاً وإنسانيّاً دون أن تضمر له سلفاً، عندما يكون مختلفاً، عداوةً ناجزة أو رؤيا عنصرية لا تنبع من واقع هذا الآخر بل من محض اختلافه. وكان هذا حافزاً كبيراً لي على الاستمرار في دراسة تاريخنا الثقافي والأدبي في القرون الوسطى ضمن مشروعنا الحضاري، والسعي للتعريف به للآخر بالإنجليزية وإعادة تأكيده للقارئ العربي باللغة العربية في الوقت نفسه، ما أمكنني ذلك.
كنتُ في نشأتي الأبية استمع باستغراب كبير إلى ما كان يدور في بعض المنتديات الأدبية العربية حول التراث العربي فأعجب لقسوة الأحكام عليه التي أولاها - وما زال يوليها - عدد من المثقفين العرب لهذا التراث دون تمحيص ودراسة ومعرفة، وفي غياب شبه كامل عن الموضوعية واحترام الذات الحضارية. والحقّ أن ما خفي وما زال خافياً على هؤلاء من إنجازات هذا التراث الغنيّ شيءٌ كبير.
كان مشروع "عالم القرون الوسطى في أعين المسلمين" واحداً من عدد من المشاريع التي نجزت في هذا الموقف (2) ، وجميعها يسعى إلى إعادة رسم إنجازاتنا في القرون الوسطى. وبدأنا عملنا عليه عندما تسنى له من يسانده بقناعة. وهنا لا بد من التوجه بالشكر إلى الشيخ عبد المقصود خوجة صاحب الاثنينية المعروفة في جدة، ملتقى الأدباء وأهل العلم من سعوديين وزائرين عرباً ومسلمين، الذي أثار هذا المشروع اهتمامه فسانده وقدم له جزءاً من كلفته، وأفسح لنا المجال للعمل عليه، جزاه الله خيراً.
وهو مشروع متعدد الجوانب والمقاربات، ومن جملتها كان باب تحقيق المخطوطات التي تركها الرحالة والجغرافيون المسلمون بالعربية ولم يتسنّ لها الظهور إلى النور بعد. وقد أقدمتُ على هذا الفرع من فروع المشروع بعد أن تعرفت على الباحث المتميز المهدي الرواضية الذي لفت نظري بسعة اطلاعه على الكتب التراثية ودقة ملاحظاته حولها. فطلبت منه تحقيق رحلة بدر الدين الغزي المسماة " المطالع البدرية في المنازل الرومية" على ثلاث نسخ مخطوطة. ثم حال انتهائه منه بكفاءة جاء فحدثني عن وجود نسخة في كتبة الجامعة الأردنية من مخطوطة الجغرافي العثماني ابن سباهي زاده وعنوانها "أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك"، وأخبرني بوجود ثلاث نسخ أخرى من المخطوط في مكتبات إستانبول. وعند إطلاعي على مخطوطة الجامعة الأردنية قررت أن تتبنى رابطة الشرق والغرب تحقيق هذا الكتاب، وتمكنت من الحصول على نسخة المخطوطة الأخرى من ثلاث مكتبات في إستانبول. وهنا لا بد لي من شكر الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو لاهتمامه بمشروعنا هذا وإسدائه المساعدة، وللأستاذة الدكتورة كلير براندابور، أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة دوغاس في إستانبول. للحصول على المخطوطات الثلاث، ونحن جميعاً نشكرهما شكراً جزيلاً.
ولا شكّ أن هذا الكتاب يشكّل إضافة طيبة إلى المكتبة الجغرافية العربية وإعادة تواصل مع أبناء الحضارة الإسلامية الواسعة التي أكّدت وحدتها وحسن تلاحمها بوجود علماء ورحالة وجغرافيين ونقاد وموسوعيين ومؤرخين من أبناء البلدان الإسلامية غير العربية يكتبون بالعربية متّبعين نفس الأعراف والمقاربات دون تفرقة إقليمية أو عنصرية، متضافرين جميعهم على خدمة تراث واحد وحضارة واسعة ضمّتهم جميعهم باعتزاز وخلّدت أسماءهم.
د. سلمى الخضراء الجيوسي
مدير عام رابطة الشرق والغرب/ بروتا
 
طباعة
 القراءات :2984  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 2
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.