شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الياسمين
ـ وأخونا الشجي كنت الخلي قبل أن أكون الشجي بشجواه، زارني عصر يوم يبتسم فيه الغيم بالبريق قبل أن تبكي دموع الغيم يحيا بها الحيا. وجلس يكربه النوح المكتوم فأعجزه عن البوح، فإذا هو الشيء قد تقلص كل الشيء فيه، كأنما البوح قد رضه رضا. فوجدتني أثيره لأطعمه البوح، فالبوح علاج مرض الحب.
قلت له: دعني آتيك بعطري الجديد.
قال هات.. عطرني..
فأنشقته عطر الياسمين، فأسرعت الدمعة في عينيه، كأنما مسه بارق الذكرى.
قال: لعلّك لم تعرف من قبل أني أحب الياسمين اللون، لبسته صفرة ناعمة في الزهرة الندية، لا أحب الياسمين العطر. فالياسمين اللون أعتز به ولا أبتزه، هو يذكرني بصورتها.. بيضاء قد ابيضت صفرة الياسمين في وجنتيها.
أما العطر.. عطر الياسمين.. فما هو إلا عصارة أحالت الزهرة أرخصت جمالها، يبيعون عطرها بثمن غالٍ بينما هي الزهرة الأغلى.. أعشقها.. قد لا أشمها ولكن لا بد أن أراها..
فاللون عندي هو هي.
إن عطر الياسمين تجارة. والجمال نسترخصه إذا ما كان يستحيل إلى تجارة فكم من الجواري في سوق النخاسة كن من الجميلات، بعضهن وردية وغيرهن قمحية والسيدة فيهن هي التي لها لون الياسمين، ولكن بيعهن في سوق النخاسة بخاسة، لا ترى من اشترى إحداهن عن حب، وإنما عن متعة الذكر بالأنثى.
أبعد عني عطر الياسمين. إنه يذكرني باستعباد الجميلة. أنا لا أحب الوردية، ولكن أحب الياسمينية كما أحب الملاحة في القمحية. ألم تسمع إجابة عمر بن أبي ربيعة حين سألوه عن البيضاء الوردية ((عائشة بنت طلحة)) وعن الذهبية القمحية ((سكينة بنت الحسين))؟
سألوه أيهما أجمل، فقال هذا المخزومي يصف التيمية ((عائشة)). والهاشمية ((سكينة)).. قال ((عائشة أجمل وسكينة أملح)).
إن عمر بن أبي ربيعة شاعر يتفنن، وفنان شاعر. لقد كان كما قال إنه طاهر الذيل. شاعر قال ما لم يفعل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :630  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 426 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.