جَنَا قَدَرٌ على أوتارِ عُودي |
فأخرسَ في فَمي حُلو النَشيد |
وساقَ إليَّ من غَدْرِ الليالي |
حشوداً يَرْتَمِينَ على حُشود |
نزلن بساحتي رزءاً تراه |
على وجهي يَلوحُ وفي قصيدي |
يُحدث صامتاً عما أُعاني |
وما أقسى الفَجِيعة بالوليدِ |
فعذراً إن بدأت بما أُلاقِي |
من البلوى ومن عَنَتٍ شديدِ |
فإن الهمَّ في الأعماق جازت |
مَراميه الشغاف إلى الوريد |
وما أشكو لغير الله هَمِّي |
أَلا سُبْحَانَ خلاَّق الوجودِ |
ومن يُحيي العظام إذا تشظت |
رَميماً في القُبور وفي اللُحود |
تَعَهدني وألهمني سُلوَّا |
على البَلْوى وشَدَّ قِوامَ عُودي |
وإني عِندَكُمْ ما بين أَهْلِي |
وهُم أنتم فما أنا بالوَحِيدِ |
ويُلزمني الوَفاء الحمدَ ديناً |
لأفضال الأَمير أبي سعود |
رعَى ولدي وأكرمني فأوفى |
بما أسداه من كرم وجود |
وإني بَينكم في خَيْرِ أهلٍ |
ولكني أقرُّ على وقيد |
يُطاوعني به جَسدي وروحي |
تُنازعني إلى بلَد الرَشيدِ |
موزعة فَشِلْوٌ في الشواطي |
وشلوٌ يستقرُّ على الحدودِ |
وذلك يَلثم الأمواج شوقاً |
وهذا يُستشارَ مع الجُنود |
وتحملني الرُؤى في كل ليلٍ |
إلى أرضِ الشهادة والخلود |
إلى حيث الحياةُ تلوحُ غرا |
إذا قُرنت بمأْسرَةِ الشهيد |
تَجاوزتُ الأَسَى وأَتيت أشدو |
أُشارِككم بحفل أبي الوليد |
أَتيت هنا وبي كلف وشوق |
لألقاكم بحفلكم المجيد |
أُمني النفس رؤيتكم ونفسي |
تتوق من البيان إلى مزيد |
أقول لها اهنئي فأبو تُراب |
دَليلك في الطَريق فلا تحيدي |
إذا تُهنا سَترشدنا عصَاه |
إلى بيت الكريم أبي سعيد |
إلى بيت يُفاخر أن يُوافي |
إليه كل ذي فكر رشيد |
ولا عجبٌ فإن الماءَ عذبَا |
تَمِيل لوِرده كل الورُود |
فيعبق بالشَذى بيت كريم |
تصح له المحجة للوفود |
حمدت لخوجةٍ حُبَّ القوافي |
إذا غَرَّدن بالجرس الفريد |
ويَسحره البيان إذا تجلى |
بقافية فيطمع بالمزيد |
وتُسكِرهُ الروائع وارفات |
على الأسماع كالظل المديد |
وأهل الفِكر والآداب تَلْقى |
لديه رعاية الخِل الودود |
هنئت أبا الوليد وأنت منهم |
ولي فيما أقول هنا شهودي |
وإني لو أردتَ الحق أدعو |
أديباً كل ذِي خُلق حميد |
وفيَّ القلب مطبوع السجايا |
يزين الحزم بالخطو الوئيد |
وكم أحصيتُ في الدنيا عُيوباً |
وتَابعتُ الفَضَائِل في الوجُود |
فلم أَرَ كالوفاءِ مثارَ حمدٍ |
ولا أَدْعَى لِذَّمٍ كالجحود |
وإنَّ أبا الوليد أخٌ وفيٌّ |
وبرٌّ بالقريب وبالبعيد |
وإن له بخافيتي مكاناً |
أثير الوقع متصل الرصيد |
وكم أنشدته من قبل شعري |
فهشَّ له وأطربه نشيدي |
يرى في الشعر حسناءاً كعاباً |
رهاصَ القدِ ناهدة النهود |
محلاة اللُمى كالبدر وجهاً |
ومثل الجمر لاَهِبة الخدود |
يمني النفسَ أن تَسعى إليه |
وعيناها تُحدث بالصدود |
رأت وقت المشيب بعارضيه |
فلاذت عنه كالرشأ الطريد |
وشحات له عندي حديث |
سألقيه بأسماع الوفود |
جنيتُ الشُكْر فيه عن صنيع |
يعود الفضلُ فيه للعقيد |
وكنت رَشَوته بيتين شعراً |
ليعفو سائقاً زَرَدَ الحديد |
لِقَطْعِ إشارة حبسوه يوماً |
وكان شَفِيعه فيها قَصيدي |
لقد وَرِثَ الشهَامة وهي عبء |
على ذي همةٍ سمحٍ شديد |
وقد جمع النقيضَ إلى نقيضٍ |
كما اجتمع القديمُ إلى جَديدِ |
يحاول بينها سَربا أساه |
يسخرها إلى نسق مفيد |
وحسبُ العاملين الحرصُ مجداً |
وما يُعُطون من جَهدٍ جهيدٍ |
لصرح قد تعهده رجال |
تقدمهم عميد بني سعود |
فشيَّد لِبنةً في إثر أخرى |
فأنعم بالمُشيَّد والمَشِيد |
تُحاول أن تكيدَ له الأعادي |
بِدَعوى ذي مُكابرة عنود |
وقالوا ثروةٌ للنفط تجري |
وما زالت دفاقاً في مزيد |
ولولاها لما عَرفوا طريقاً |
لعذْبِ الماء والعَيشِ الرغيد |
فقلت لهم وربِ البيت لولا |
رجالٌ أنجزوا صدق العهودِ |
لكان المالُ مدرجةَ الرزايا |
وزَرْع الشر مُنكفئ الحصيد |
وكانت دراهم أطلال بؤس |
تَرق لحالها أفلال هود |
هبوا الأموال تنهض بالمباني |
فمن يبني الرجال من المهود |
ألا عَضُّوا النواجِذ واقتنُوها |
خُطاً رسمت لكم درب الصعود |
فإن جنودكم أطناب بيتٍ |
يُشير له المُكايِد بالوعيد |
ومن أَولى بكم أن تَتْقوه |
أَكيد الله أم كَيدُ العبيد؟ |
فشدوا بالسواعد صرح مجد |
كريم الأصل مُنفرد تليدِ |
وفي عبد العزيز لكم مثالٌ |
من التاريخ يَندرُ في الوجود |
وأنتم والعراق كما تآخى |
عضيدٌ شدَّ من أزر العضيد |
وبيت شِيد بالصخر الصَليدِ |
يَعِزُّ على العَواصِفِ والرُعودِ |